اعترافات غربية متتالية بفلسطين.. خطوة نحو العدالة وتحديات جديدة

اعترافات غربية متتالية بفلسطين.. خطوة نحو العدالة وتحديات جديدة

في خطوة تاريخية تحمل في طياتها تحركات كبيرة لتغيير المشهد السياسي لصالح القضية الفلسطينية، اعترفت كل من أيرلندا وإسبانيا والنرويج بدولة فلسطين المستقلة. 

هذه الاعترافات، التي لقيت ترحيباً واسعاً من الدول العربية والمنظمات الدولية، تمثل دعماً قوياً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتعزز الآمال في حل سلمي وعادل للصراع المستمر منذ عقود، وقد رحبت مصر والسعودية والأردن والجامعة العربية بهذه التطورات، معتبرة إياها دعماً للجهود الدولية الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. 

تأتي هذه الاعترافات في وقت حساس، حيث تتزايد الدعوات الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حل الدولتين، وقد أشادت الخارجية المصرية بهذه الخطوة، مؤكدة أنها تدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عانى من الاحتلال لأكثر من سبعة عقود.

ودعت مصر الدول التي لم تتخذ هذه الخطوة بعد إلى المضي قدماً نحو الاعتراف بدولة فلسطين، تعزيزاً لقيم العدل والإنصاف ودعماً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. 

واعتبرت حركة حماس أن اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين "خطوة مهمة" على طريق تثبيت حقوق الفلسطينيين في أرضهم وفي إقامة دولتهم، داعية كل الدول إلى "القيام بالأمر نفسه". 

ورحّبت الحركة في بيان "بإعلان كل من النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين" معتبرة أنها "خطوة مهمة على طريق تثبيت حقنا في أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".  

من جانبها، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، بأن وزارة الخارجية الإسرائيلية تدرس سلسلة من الإجراءات العقابية ضد أيرلندا وإسبانيا والنرويج، بعد إعلانها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. 

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، "ستدرس الوزارة من بين أمور أخرى تشديد تأشيرات الدخول للدبلوماسيين في مكاتب التمثيل الأوروبي في السلطة الفلسطينية، وهي خطوة ستجعل من الصعب عليهم العمل مع الفلسطينيين".  

وأعلنت الخارجية الإسرائيلية، الأربعاء، أنها أمرت باستدعاء فوري للسفيرين الإسرائيليين في أيرلندا والنرويج على خلفية الاعتراف بدولة فلسطين.

تشير البيانات إلى أن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين قد تجاوز 130 دولة حتى الآن، هذه الاعترافات تتوزع بين دول من مختلف القارات، ما يعكس الدعم العالمي المتزايد لحقوق الفلسطينيين. 

وفقاً للإحصاءات، وقبل أحداث السابع من أكتوبر الماضي، كان يعيش أكثر من 5 ملايين فلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما يعاني الملايين في الشتات من تداعيات النزاع المستمر. 

وتناقش "جسور بوست"، تأثيرات الاعترافات الغربية بفلسطين على تعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.

دول أوروبية تعلن الاعتراف بدولة فلسطينية

تعزيز الدعم الدولي لفلسطين

قال الحقوقي الفلسطيني، محمود الحنفي، إن اعتراف دول غربية مثل أيرلندا وإسبانيا والنرويج بفلسطين يعزز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، ويضع ضغوطاً إضافية على إسرائيل لإنهاء احتلالها، هذه الاعترافات تعكس تغيراً في مواقف العديد من الدول الغربية، التي كانت في السابق مترددة في اتخاذ مثل هذه الخطوات بسبب الضغوط السياسية والدبلوماسية، والاعترافات الرسمية المتتالية بدولة فلسطين تسهم في إضفاء الشرعية الدولية على الدولة الفلسطينية، وتعزز موقفها في المحافل الدولية. 

وأضاف الحنفي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، يمكن أن يساعد هذا في تحقيق المزيد من الاعترافات الدولية والانضمام إلى المنظمات الدولية، ما يعزز مكانة فلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة، ويمكن أن يؤدي اعتراف أيرلندا وإسبانيا والنرويج إلى تحفيز دول أوروبية أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، ما يخلق زخماً دولياً نحو الاعتراف الشامل بدولة فلسطين. 

وتابع: هذا الزخم يمكن أن يؤدي إلى تغيير في ميزان القوى السياسية والدبلوماسية في المنطقة لصالح الفلسطينيين، وتأتي هذه الاعترافات في وقت تتزايد فيه الجهود الدولية لإيجاد حل سلمي وعادل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، فالدعم الأوروبي المتزايد لفلسطين يمكن أن يعزز الجهود الرامية إلى إعادة إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967. 

مدينة القدس - المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) – جهدٌ حقوقي لنصرة  القدس وفلسطين

تأثيرات اقتصادية واجتماعية

بدوره، علّق الخبير الاقتصادي الدولي، رشاد عبده، بأن “الاعتراف الدولي المتزايد بفلسطين يمكن أن يفتح الأبواب أمام المزيد من الدعم الاقتصادي والتنموي للفلسطينيين، هذا الدعم يمكن أن يسهم في تحسين الظروف المعيشية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورغم الفوائد المحتملة، فإن هذه الخطوات قد تواجه تحديات كبيرة من الجانب الإسرائيلي، الذي يعتبر هذه الاعترافات تهديداً لأمنه ومصالحه، وإسرائيل قد تلجأ إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد الدول التي تعترف بفلسطين، أو تمارس ضغوطاً دبلوماسية لثني الدول الأخرى عن القيام بخطوات مماثلة”. 

وأضاف عبده، في تصريحات لـ"جسور بوست": الاعترافات الدولية يمكن أن تؤدي إلى زيادة المساعدات الاقتصادية الموجهة لفلسطين، هذه المساعدات يمكن أن تأتي في شكل دعم مباشر للميزانية الفلسطينية، أو من خلال تمويل مشاريع تنموية في مجالات مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، فوفقاً لتقارير البنك الدولي، فإن تحسين الأوضاع الاقتصادية في فلسطين يعتمد بشكل كبير على الاستقرار السياسي والدعم الدولي، كذلك الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة يمكن أن يشجع المستثمرين الأجانب على استثمار أموالهم في السوق الفلسطينية، هذا قد يساعد في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي، ما يسهم في تحسين مستوى المعيشة للفلسطينيين، على سبيل المثال يمكن أن يشهد قطاعا التكنولوجيا والزراعة نمواً كبيراً مع تدفق الاستثمارات. 

واستطرد: زيادة الدعم الدولي والمساعدات الاقتصادية من شأنها أن تحسن الأوضاع المعيشية للفلسطينيين، ويمكن استخدام هذه المساعدات لتحسين الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والإسكان… منظمة الصحة العالمية، على سبيل المثال، تشير إلى أن تحسين البنية التحتية الصحية يمكن أن يرفع من مستوى الصحة العامة في فلسطين، ولا ننسى أن الاعترافات الدولية بدولة فلسطين تعزز الشعور بالهوية الوطنية والاعتزاز الوطني بين الفلسطينيين. 

وأتم: هذا يمكن أن يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وتخفيف التوترات الداخلية بين الفصائل المختلفة، تعزيز الهوية الوطنية يسهم أيضاً في تقوية النسيج الاجتماعي وتعزيز التضامن بين أفراد المجتمع الفلسطيني.

رشاد عبده: مصر حافظت على قوة الاقتصاد خلال الموجة الأولى لكورونا|فيديو -  بوابة الأهرام

صوت أقوى في المنظمات الدولية

وقال كمال المشرقي، مدير المعهد الإقليمي لحقوق الإنسان بالأردن، إن الاعترافات الغربية بدولة فلسطين تسهم في تعزيز مكانتها الدبلوماسية على الساحة الدولية؛ يصبح لفلسطين صوت أقوى في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، حيث يمكنها المشاركة بشكل أكثر فاعلية في القرارات الدولية، هذا الاعتراف يعزز شرعية القيادة الفلسطينية ويسهم في تحسين قدرتها على التفاوض والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.

وأضاف المشرقي، في تصريحات لـ"جسور بوست": مع تزايد عدد الدول المعترفة بفلسطين، تجد إسرائيل نفسها في موقف دفاعي، ما قد يضطرها إلى إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بالاستيطان والاحتلال، فالضغوط الدولية المتزايدة قد تدفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو حل النزاع، بما في ذلك تجميد أو تقليص نشاطاتها الاستيطانية والعودة إلى طاولة المفاوضات. 

تحديات محتملة وردود الفعل الإسرائيلية

وعن التحديات المحتملة التي تواجه هذه الاعترافات، قال كمال المشرقي: رغم الفوائد المحتملة، يجب النظر في التحديات التي قد تطرأ نتيجة لهذه الاعترافات، إسرائيل قد ترد بإجراءات عقابية، مثل فرض قيود اقتصادية أو عرقلة الدعم الدولي الموجه لفلسطين، هذه الردود يمكن أن تشمل زيادة الإجراءات الأمنية أو توسيع النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية.

وتابع: قد تواجه الدول التي تعترف بفلسطين ضغوطاً دبلوماسية من حلفاء إسرائيل، ما قد يؤثر على علاقاتها الدولية، هذه الضغوط يمكن أن تشمل تهديدات اقتصادية أو سياسية تهدف إلى ثني هذه الدول عن الاعتراف بفلسطين أو دعمها في المحافل الدولية.

المشرقي سفيرا لحقوق الانسان بالاردن | مدار الساعة

وأتم: الاعترافات الرسمية المتتالية بدولة فلسطين تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة والسلام في المنطقة، كما تسهم في تعزيز الدعم الدولي للشعب الفلسطيني وتقوية موقفه في المفاوضات الدولية، بينما تواجه هذه الاعترافات تحديات عديدة، إلا أنها تعزز الأمل في مستقبل أفضل للفلسطينيين، وتؤكد ضرورة التكاتف الدولي لتحقيق حل عادل ودائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية