مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة لـ"جسور بوست": وثّقنا آلاف الجرائم منذ بدء العدوان الإسرائيلي

مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة لـ"جسور بوست": وثّقنا آلاف الجرائم منذ بدء العدوان الإسرائيلي
مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة جميل سرحان

جميل سرحان: القوات الإسرائيلية ترتكب الإبادة الجماعية وموقف المجتمع الدولي ضعيف جداً

مقاومة الاحتلال ليست مبرراً لقتل الفلسطينيين.. والعهود الدولية أكدت حق الشعوب في تقرير المصير

مدعي عام "الجنائية الدولية" أخطأ بوضع الضحايا في كفة واحدة مع قادة الاحتلال

تل أبيب ملزمة بإعادة إعمار غزة وفقاً للقانون الدولي

 

أجرى الحوار: سلمان إسماعيل

يتعرض الفلسطينيون في قطاع غزة إلى حرب إبادة جماعية منذ ما يزيد على 8 أشهر، استخدمت فيها قوات الجيش الإسرائيلي الأسلحة الثقيلة والطيران في قصف وتدمير الأعيان المدنية المحمية في القانون الدولي، فقصفت الطائرات المدارس والمستشفيات ودور العبادة والجامعات وخيام النازحين في الأماكن التي حددتها السلطات الإسرائيلية بأنها آمنة.

وينظر القضاء الدولي متمثلا في محكمة العدل الدولية محاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية بعد الدعوى التي تقدمت بها جنوب إفريقيا وانضمت لها مجموعة من الدول، فيما يسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لاستصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالنت، للتحقيق في ادعاءات ارتكابهم جرائم حرب خلال العدوان على غزة.

وجاوز عدد ضحايا العدوان 37 ألف قتيل فضلا عن عشرات آلاف المصابين والجرحى والمفقودين، فيما انتفضت عواصم العالم للدفاع عن الحق الفلسطيني وإدانة انتهاكات السلطات الإسرائيلية، واعترفت 4 دول أوروبية رسميا بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، مع مواصلة الجيش الإسرائيلي الضرب بعرض الحائط القانون الدولي ومعاهدات حقوق الإنسان.

مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة جميل سرحان يتحدث إلى "جسور بوست" حول انتهاكات إسرائيل، والوضع في القطاع، والجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال، وإمكانية تحقيق تقدم على صعيد محاكمة مرتكبي هذه الجرائم أمام القضاء الدولي.

في البداية صف لنا كيف خرجت من قطاع غزة؟

لا مكان آمنا في غزة، وقد عايشت العدوان لـ7 أشهر، حتى انتقلت إلى القاهرة مطلع مايو الماضي، عبر معبر رفح البري، وذلك بعد نزوح داخلي في القطاع تكرر لخمس مرات من أقصى شمال غزة حتى جنوبها.

هل لديكم إحصائية بعدد الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي منذ بداية العدوان؟

منذ بداية العدوان، وحتى حديثنا هذا، مارست قوات الجيش الإسرائيلي جرائم متنوعة، حيث ارتكبت 3285 مجزرة، وسقط 37000 قتيل، منهم 15550 ضحية من الأطفال، 10300 من النساء. واعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي 5,000 فلسطيني من قطاع غزة، مارست بهم خلال الاعتقال التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة، ومكثوا في أماكن سرية. 

وبالإضافة لذلك، تعرض مليونا فلسطيني للنزوح الداخلي، عاشوا خلال الأشهر الماضية ظروفا غير إنسانية، وحرمانا من أبسط الحقوق الإنسانية. وقد هدمت ودمرت قوات الاحتلال 192 مقرا حكوميا، بالإضافة إلى 439 مدرسة وجامعة منها 110 بشكل كلي. فيما هدمت 804 مساجد منها 604 بشكل كلي، وتدمير 3 كنائس.

وخلال الأشهر الماضية، استهدفت قوات الجيش الإسرائيلي 95 في المئة من المنازل والمحال التجارية والمنشآت الخاصة لقطاع غزة ما بين هدم كلي أو جزئي. كما استهدفت المستشفيات ومحطات الكهرباء والآبار وكل شيء في قطاع غزة.

ما مدى إمكانية إدانة إسرائيل وقادتها في المحاكم الدولية؟

قوات الجيش الإسرائيلي تمارس جريمة الإبادة الجماعية، فوفقا لما تنص عليه المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية فإن الأفعال التي تشمل إبادة هي أعمال القتل وإيقاع الضرر المادي والروحي الواسع، وتكسير الحياة الإنسانية لمجموعة من السكان، وتلك الأفعال جميعها قد مارستها قوات الجيش الإسرائيلي؛ وبالتالي فإن التكييف القانوني لما تقوم به إسرائيل أو قادتها السياسيون أو العسكريون هو جرائم إبادة، وهي أكثر الجرائم ضررا بالإنسانية وآفة تمس ضمير البشرية.

ومن الطبيعي أن نعمل على توثيق تلك الجرائم، وبناء ملفات قانونية شاملة، واللجوء إلى المحاكم الدولية لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة ومعاقبتهم على أفعالهم، ومن الممكن أن تصدر محكمة الجنايات الدولية مذكرة قبض لرئيس مجلس الحرب في إسرائيل أو وزير دفاعه، استجابة لطلب المدعي العام للمحكمة. ومن المتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية قرارا بمسؤولية إسرائيل عن أعمال الإبادة الجماعية.

وما دوركم كمؤسسات حقوقية؟

إننا كمؤسسات حقوقية نؤمن بأن ملاحقة المجرمين واجب إنساني، حتى لو استطاع هؤلاء المجرمون الإفلات من المساءلة، وسوف نسعى بكل طاقتنا لبناء ملفات قانونية شاملة، من أجل تقديم بلاغات للمحكمة، أو فضح تلك الانتهاكات، أو القيام بأعمال الضغط والمناصرة لوقف الإبادة.

لماذا وضع مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية قادة حماس في سلة واحدة مع قادة إسرائيل؟

لقد نظرنا بإيجابية إلى قرار المستشار كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لطلبه من المحكمة إصدار مذكرة اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع، إلا أنه أخطأ عندما جمع في قراره قادة إسرائيل مع الضحايا الفلسطينيين، وكان ينبغي له أن يتهم جميع القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وليس اثنين فقط، كما أننا نطالب أن يتم تكييف التهم باعتبارها إبادة جماعية.

كيف تصف موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من العدوان على غزة؟

موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ضعيف جدا ولا يرقى إلى المستوى الأخلاقي للإنسانية في مواجهة أكبر آفة، وهي جريمة الإبادة الجماعية، فحتى اليوم لم يتمكن أحد من إلزام الجيش الإسرائيلي بوقف الإبادة الجماعية، أو ما يسمى وقف إطلاق النار، ووفقا لمعايير القانون الدولي فإنه على جميع الدول اتخاذ تدابير من أجل وقفها، ومقاطعة إسرائيل ومنع تصدير الأسلحة، واتخاذ خطوات متنوعة للضغط لوقف إطلاق النار.

على مدى 8 أشهر عانى سكان غزة الأمرّين بسبب الحرب.. هل تلومون حركات المقاومة؟

وفقا للقانون الدولي، فإن قوات الجيش الإسرائيلي وحدها المسؤولة عن جرائمها ضد الضحايا الفلسطينيين، ولا يمكن اعتبار أعمال مقاومة الاحتلال مبررا لتلك الأعمال أو سببا لها.

وسط هذه الخسائر الكبيرة في الأرواح.. هل عملية طوفان الأقصى أفادت أم أضرت القضية الفلسطينية؟

تقييم عملية طوفان الأقصى ليس من اختصاصنا كمؤسسات حقوقية، وأود الإشارة إلى أن أي عملية تقييم تستوجب الوقت المناسب لذلك، وفي ظل استمرار الإبادة الجماعية فإن المطلب والجهد اللازم في هذا التوقيت هو العمل بكل الأدوات لوقف الحرب أولا.

وما التأصيل القانوني الدولي لاستخدام السلاح في إطار مقاومة الاحتلال؟

لقد تناولت الكثير من العهود والاتفاقيات والقرارات الدولية، حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم شرعية الاحتلال، وحق مقاومة الاحتلال، وأنها السند الشرعي لحق المقاومة واستخدام كافة أشكالها السلمية والمسلحة لتحقيق الحرية والاستقلال. وما يجب وضعه في الاعتبار، أن استمرار الاحتلال منذ ما يزيد على 70 عاما جريمة تستوجب إيقافها بكل الوسائل الشرعية المتاحة.

في حال سقوط حكومة نتنياهو هل تتوقع مجيء حكومة توافق على قيام الدولة الفلسطينية؟

لا نختص كمؤسسات حقوقية في البحث عن توجهات الناخب أو الأحزاب داخل دولة الاحتلال، إلا أننا نؤكد أن تلك الأحزاب الكبرى التي يمكنها تشكيل أي حكومة لاحقة، قد مارس قادتها جرائم متنوعة بحق الشعب الفلسطيني، ويستندون إلى فكر صهيوني معادٍ للعرب، ومنهجهم متكرر وهو حرمان الفلسطينيين من حقوقهم في السيادة وتقرير المصير وانتهاك للحق في الحياة والسكن والصحة والتعليم... وعليه فإننا لا نتوقع تغيرا نوعيا في السياسات والممارسات لقوات الاحتلال الإسرائيلي.

كيف تقوم الدولة الفلسطينية وسط الانقسام الوطني؟

الانقسام الفلسطيني حدث عارض سيزول، وسوف تتحقق الوحدة في إطار فلسطيني واسع، وهذا يتطلب استراتيجية وطنية لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة مشاركة الكل الفلسطيني.

في تقديرك، هل توافق إسرائيل على إطلاق سراح مروان البرغوثي؟

وفق ما تم العمل عليه في صفقات تحرير الأسرى الفلسطينيين التي رأيناها خلال الأعوام الماضية، فإنه من الممكن إطلاق مروان البرغوثي، وهذا موضوع مرتبط بما سيتم الاتفاق عليه.

وهل يوجد في القانون الدولي ما يلزم إسرائيل بإعادة إعمار غزة؟ 

وفقا للقانون الدولي، فإن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية تستوجب على الفاعلين لتلك الجرائم التعويض أو جبر الضرر، وبالتالي فإن دولة الاحتلال هي المسؤولة عن إعادة الإعمار.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية