باحثون: إجراءات حماية المناخ في الاتحاد الأوروبي تعود بالنفع على صحة السكان

باحثون: إجراءات حماية المناخ في الاتحاد الأوروبي تعود بالنفع على صحة السكان

 توصل باحثون ألمان إلى أن إجراءات حماية المناخ في الاتحاد الأوروبي تعود بالنفع أيضا بشكل مباشر على صحة السكان.

وأوضح الباحثون، بيرو باساجليا ويوناس جروناو وموريتس دروب، من مجموعة التميز للمناخ والتغير المناخي والمجتمع في جامعة هامبورج، أن تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي أدت -من بين أمور أخرى- إلى انخفاض ثاني أكسيد الكبريت والجسيمات الدقيقة الناعمة وأكاسيد النيتروجين في الهواء.

حقوق الانبعاثات

يُذكر أنه تم تطبيق تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي عام 2005. وفي الأساس تشتري أو تحصل كل شركة في الاتحاد على "حقوق انبعاثات"، وهي حدود قصوى لكمية الانبعاثات المسموح بإطلاقها في الجو جراء أنشطتها.. وإذا تجاوزت الشركة الحدود القصوى من الغازات الدفيئة، فعليها شراء حقوق إضافية، أما إذا أنتجت انبعاثات أقل، فيمكنها بيع هذه الحقوق.. وانخفضت الكمية الإجمالية للغازات الدفيئة المنبعثة بمرور الوقت بنحو 38% في جميع أنحاء أوروبا في المناطق الخاضعة للتنظيم خلال الفترة من عام 2005 حتى عام 2022، وفقا لبيانات الوكالة الاتحادية الألمانية للبيئة.

ووفقا للدراسة، تراجعت خلال الفترة من عام 2005 حتى عام 2021 كميات الملوثات بفضل تجارة الانبعاثات وأيضا المعايير المشددة لجودة الهواء في محطات الاحتراق الكبيرة؛ بنسبة 39% لثاني أكسيد الكبريت، و28% للجسيمات الناعمة الدقيقة (نصف قطرها 2.5 ميكرومتر) و14% لأكاسيد النيتروجين، وذلك مقارنة بسيناريو بدون تداول الانبعاثات ومعايير انبعاثات أكثر صرامة.

تراجع الانبعاثات

وكتب الباحثون في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" الأمريكية، أنه خلال هذه الفترة تراجعت الانبعاثات بمقدار حوالي 15.2 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت، و0.9 مليون طن من الجسيمات الدقيقة الناعمة، و4.8 مليون طن من أكاسيد النيتروجين، وهو ما يعادل 18.3% و3.3% و2.6% من الانبعاثات المرصودة لكامل اقتصاد البلدان المعنية في الفترة من 2005 إلى 2021.. ويشمل إجمالي الاقتصاد أيضا الزراعة والمباني والنقل.

وكتب الباحثون أن هذه الدراسة أظهرت أن تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي ليست أداة فعالة لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل تقدم أيضا فوائد إضافية كبيرة من خلال الحد من ملوثات الهواء. 

وجاء في الدراسة: "يمكن أن تعادل الفوائد الصحية المقدرة مئات المليارات من اليورو، حتى لو لم يتم الأخذ بتأثيرات تحسين معايير الانبعاثات في الاعتبار".

وخلص الباحثون إلى أن "التقييم السياسي الشامل يجب أن يأخذ في الاعتبار أيضا الفوائد الإضافية التي تتجاوز الحد من ثاني أكسيد الكربون، مثل تقليل الأضرار الصحية من خلال تحسين جودة الهواء". وأشار الباحثون إلى أن نشر هذه الفوائد يمكن أن يسهم في زيادة الدعم العام لسياسات المناخ، لأن هذه الفوائد الإضافية محسوسة بشكل مباشر في أوروبا وداخلها.

قضية التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات والملوثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

اتفاق تاريخي

وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.

وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية