"أزمة إنسانية".. معارك عنيفة في الفاشر جنوب غرب السودان

"أزمة إنسانية".. معارك عنيفة في الفاشر جنوب غرب السودان

في جنوب غرب السودان، عاشت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يوماً آخر من المعارك العنيفة، السبت، حيث شنت قوات الدعم السريع هجوماً شرساً على مواقع الجيش السوداني. 

المشهد المأساوي يتكرر في المدينة التي كانت واحدة من آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، والذي لم يتمكن الدعم السريع من السيطرة عليها رغم الحصار المستمر منذ مايو الماضي، وفق وكالة "فرانس برس".

سكان الفاشر، الذين عانوا طويلاً من تداعيات الحرب، يجدون أنفسهم مرة أخرى محاصرين بين نيران الصراع الدائر منذ أبريل 2023. 

إبراهيم إسحق، البالغ من العمر 52 عاماً، فر من المدينة ووصل إلى بلدة طويلة على بعد 64 كيلومتراً. 

بحسرة، يروي إبراهيم كيف أصبحت المدينة أشبه بمدينة أشباح: "الأحياء خالية تماماً، ولا تسمع سوى أصوات الانفجارات والقذائف"، مضيفاً أن منطقة السوق الرئيسي تحولت إلى "مكان لا يُطاق من شدة الانفجارات".

كانت الهجمات الجوية السمة البارزة لهذا اليوم العنيف، إذ أفاد شهود لوكالة فرانس برس بوقوع غارات عديدة شنّها الجيش على مناطق شرق وجنوب الفاشر. 

وفي المقابل، ردت قوات الدعم السريع بمضادات أرضية، ما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى والرعب في أوساط السكان المدنيين الذين لا يجدون ملاذاً آمناً.

الهجوم الذي شنه الدعم السريع لم يمر دون ردود فعل دولية، فقد أعرب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن "قلق بالغ" إزاء هذه الهجمات، داعياً قوات الدعم السريع إلى "وقف هجومها". 

ورغم التصريحات الدولية، لا يزال المشهد في الفاشر مظلماً، حيث تعذّر حتى الآن تحديد حصيلة دقيقة للضحايا.

المعركة في الفاشر ليست مجرد اشتباك عسكري عابر، بل هي فصل جديد من حرب مستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. 

هذه الحرب، التي بدأت كصراع على السلطة، تحولت إلى مأساة إنسانية خلفت عشرات الآلاف من القتلى، ورغم عدم وضوح الحصيلة الفعلية للضحايا، تشير تقديرات إلى أن العدد قد يصل إلى 150 ألف قتيل، وفقاً لبيرييلو.

الأوضاع الميدانية في السودان تُظهر تدهوراً مستمراً، حيث نزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل البلاد أو لجؤوا إلى دول مجاورة، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة. 

مع تفاقم المعارك، حذّر مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل من أن استمرار القتال في الفاشر "سيحوّل المدينة إلى ركام".

وفي خضم هذه الفوضى، لا يزال المدنيون السودانيون يتحملون العبء الأكبر. 

يوم الجمعة، دعت الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة" لحماية المدنيين من الفظائع المرتكبة على أيدي الطرفين المتحاربين، لكن، حتى مع هذه الدعوات، يبقى مصير آلاف المدنيين في السودان معلقاً بين الأمل والمأساة.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية