«بعد عقد من سيطرة الحوثيين».. يمنيون بين ألم الماضي وأزمة الحاضر

«بعد عقد من سيطرة الحوثيين».. يمنيون بين ألم الماضي وأزمة الحاضر

 

بين حاضر مُثقَل بالحرب وماضٍ يلوح في الأفق كمصدر دائم للحنين يشعر الكثير من سكان العاصمة اليمنية صنعاء بمرارة التغيرات التي طالت حياتهم بعد مرور عشر سنوات على سيطرة الحوثيين حيث لم تعد صنعاء كما كانت؛ فالتحديات الاقتصادية، وتقييد الحريات، والاعتقالات المتكررة أصبحت واقعاً يومياً للكثيرين، ما يدفع البعض للتفكير في الماضي بحسرة.

يعبر يحيى، البالغ من العمر 39 عاماً، عن استيائه قائلاً: "الحوثيون أعادوا البلاد خمسين سنة إلى الوراء". مثل يحيى، يفضل كثيرون عدم الكشف عن هوياتهم خوفاً من الانتقام.. أبو جواد، في منتصف الأربعينات من عمره، يقول بحسرة: "كنا نفكر كيف نشتري سيارة أو بيت، أما الآن فكل همنا هو البحث عن لقمة العيش" وفق فرانس برس.

انطلق الحوثيون من جبال صعدة في شمال اليمن بحملة عسكرية سيطرت على العاصمة في 21 سبتمبر 2014، بالتعاون مع قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومنذ ذلك الحين، تغيرت ملامح اليمن، ففي 2015، تدخل تحالف عسكري عربي أملاً في وقف تقدم الحوثيين، لكن الحرب استمرت لتصبح واحدة من أكثر الصراعات دموية في العالم.

ورغم تراجع حدة القتال منذ هدنة الأمم المتحدة في أبريل 2022، لا تزال الأزمة الإنسانية في اليمن مستمرة.. فالملايين يعيشون في ظل ظروف معيشية قاسية، والبلاد مقسمة بين مناطق خاضعة للحوثيين وأخرى تسيطر عليها قوى معارضة تعاني من الانقسامات الداخلية.

انغلاق سياسي واجتماعي

تقول الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ميساء شجاع الدين، إن صنعاء قبل الحرب كانت حيوية سياسياً واجتماعياً، حيث ضمت أحزاباً سياسية ومجتمعاً مدنياً نشطاً، أما اليوم فالوضع مختلف تماماً، إذ تسيطر شعارات الحوثيين على المشهد العام، ويُفرض الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة.

ومنذ سيطرتهم، نفذ الحوثيون عشرات الاعتقالات بحق الصحفيين والنشطاء وأفراد الأقليات الدينية، وقد شهد يونيو الماضي موجة جديدة من الاعتقالات طالت موظفين في منظمات دولية ويمنية، ما أثار القلق في أوساط المجتمع المدني.

تغييرات ثقافية وتاريخية

لم يقتصر تأثير الحوثيين على الجانب السياسي والاجتماعي فقط، بل امتد إلى تغيير الرموز التاريخية؛ فقد ألغوا الاحتفال بـ"ثورة 26 سبتمبر" التي أسقطت نظام الإمامة عام 1962، واستبدلوها بـ"ثورة 21 سبتمبر" التي تمثل وصولهم إلى السلطة. 

وهذه التغييرات أثارت استياء بعض اليمنيين الذين يصرون على الاحتفال بثورة سبتمبر في قلوبهم، رغم منع الاحتفالات الرسمية.

الارتباط بالقضية الفلسطينية

ورغم الاستياء من إدارة الحوثيين، فإن العديد من اليمنيين يؤيدون هجماتهم المستمرة على السفن المرتبطة بإسرائيل، معتبرين ذلك دعماً للفلسطينيين حيث تشهد صنعاء تظاهرات حاشدة كل أسبوع، تعبيراً عن التضامن مع الفلسطينيين.

لكن تلك الهجمات أدت إلى تعليق مفاوضات حل الأزمة، ما يهدد بإطالة أمد الحرب التي أرهقت اليمنيين لسنوات.

الحنين إلى الماضي

ريم، التي تعيش في السعودية منذ تسع سنوات، لم تتمكن من العودة إلى صنعاء حتى لدفن والدها أو لحضور حفلات زفاف إخوتها، تقول بحزن: "أحلم بالعودة إلى حياتي السابقة" وفي انتظار ذلك اليوم، تقول وهي تنظر لأطفالها متحدثة عن اليمن بلهفة: "لا أريدهم أن ينسوا أنهم يمنيون".

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية