«في الدول النامية».. نيويورك تايمز: الطاقة النظيفة مفتاح القضاء على الفقر

«في الدول النامية».. نيويورك تايمز: الطاقة النظيفة مفتاح القضاء على الفقر

في عام 2015، تعهد زعماء العالم بالإجماع بمساعدة الدول النامية على تحسين آفاقها في مجال الصحة والتوظيف والتغذية والوصول إلى الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة بحلول عام 2030، وفي شهر سبتمبر من كل عام، تقوم الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات بتقييم مدى التقدم المحرز.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، تبدو الأهداف بعيدة المنال بشكل متزايد خلال هذا العام، حيث تُظهِر البيانات أن محاولة إدخال تحسينات متواضعة على جميع القضايا لا تنجح، بل إنها تعمل فقط على تشتيت الموارد الهزيلة بالفعل.

الكهرباء النظيفة 

ونوه التقرير بأنه في حين يجتمع زعماء العالم هذا الأسبوع لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، يتعين عليهم إعادة تصور نهجهم، ففي عالمنا الرقمي اليوم، لا شيء أكثر أهمية لرفاهة الفرد من الطاقة: فالوصول إلى الكهرباء يحدد جوانب أساسية من حياة الأفراد، مثل ما إذا كانوا يتمتعون بصحة جيدة أو لديهم وظيفة.

وأكدت الصحيفة أنه بدلاً من التعامل مع الكهرباء باعتبارها أحد الأهداف العديدة، فقد حان الوقت لنرى أنها ضرورية للجميع، وهذا يعني أن العالم يحتاج إلى تركيز الاستثمار والجهد على توفير الكهرباء النظيفة والموثوقة لنحو 700 مليون شخص لا يملكون أي كهرباء، و3.1 مليار شخص آخرين لا يملكون ما يكفي.

 شعور بالتفاؤل

يقول رئيس مؤسسة روكفلر الدكتور راجيف شاه: “قبل عشر سنوات، عندما كنت مديرا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، كان هناك شعور بالتفاؤل في المجتمع العالمي بشأن القضاء على الفقر ومعالجة تغير المناخ، فقد ألهمت تخفيضات الفقر في العقدين الماضيين والتعاون الجيوسياسي الأمم المتحدة لحشد البلدان حول مجموعة من أهداف التنمية المستدامة بشأن رفاهة الإنسان والكوكب”.

وتابع: كان الشعور بالإمكانية في عام 2015 قائما جزئيا على المال، في ذلك الوقت، كانت الاقتصادات النامية مزدهرة نسبيا، وكانت التجارة الحرة والعولمة سببا في زيادات قياسية في الاستثمار المباشر الأجنبي.. فقد تجاوزت المساعدات الإنمائية الخارجية، أو المساعدات الخارجية، 96 مليار دولار في عام 2015.

وألغت جهود تخفيف الديون 130 مليار دولار من الالتزامات منذ عام 1999، وفي المجموع، بحلول عام 2014، ارتفع تدفق الموارد المالية إلى البلدان النامية إلى 225 مليار دولار، أكثر من أي وقت مضى.

ويبدو من غير المرجح أن يعود ذلك في أي وقت قريب، فقد أعاقت المنافسة بين الصين وروسيا والولايات المتحدة وحلفائها المنظمات الدولية والعمل، وأصبحت الشعبوية أيديولوجية قوية، وتحد من التجارة الحرة والاتفاقيات الدولية وأكثر من ذلك.

وبناءً على ذلك، انخفضت المساعدات المقدمة إلى البلدان النامية بمقدار 4 مليارات دولار، أو 2%، في عام 2022 عن العام السابق، وعلى الرغم من أن البيانات الأولية تشير إلى أنها ارتفعت بعض الشيء في عام 2023، فإن المساعدات لا تزال غير كافية لتحقيق جميع الأهداف.

في الوقت نفسه، انخفض الإقراض من القطاع الخاص لهذه البلدان، في حين ارتفعت أسعار الفائدة على الديون القائمة، ومن المتوقع الآن أن يتدفق نحو 50 مليار دولار من البلدان النامية في الغالب لسداد الفائدة على الديون هذا العام، وهو عكس صادم لما كانت عليه الحال قبل عقد من الزمان.

خيارات صعبة

اليوم، يواجه القادة في البلدان النامية -وشركاؤهم في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية- سلسلة من الخيارات الصعبة، تنفق 48 دولة على فوائد الديون أكثر مما تنفقه على التعليم أو الصحة العامة.

ووفقا لـ"نيويورك تايمز" فتحت التطورات التكنولوجية مسارا آخر، فالألواح الشمسية المحسنة والبطاريات وغير ذلك من الاختراقات تجعل من الأسهل كثيرا الآن توفير الكهرباء الموثوقة والنظيفة للجميع.

منع كارثة المناخ

وقد سلطت مبادرة أكسفورد لمكافحة الفقر والتنمية البشرية الضوء على الارتباط بين نقص القدرة على الوصول إلى الكهرباء والتعليم، وسوء الصحة وسوء التغذية، ومن الممكن أن يؤدي كهربة العالم إلى إنتاج أكبر مكاسب التنمية منذ تسعينيات القرن العشرين.

وبحسب الصحيفة لا تعني الكهربة التقدم للأفراد فحسب، بل إنها تجعل العالم أكثر أمانا، إن أسعار الطاقة المرتفعة تضغط على سبل العيش في وقت حيث تؤدي الانقلابات والهجرة والاضطرابات إلى زعزعة استقرار المناطق، ولأن البلدان التي تقل فيها فرص الحصول على الطاقة من المتوقع أن تنتج ما يصل إلى 75% من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي بحلول عام 2050، فإن ربط الناس هناك بالطاقة النظيفة يمكن أن يساعد في منع كارثة المناخ لنا جميعا.

ولكن العالم يحتاج إلى وضع المزيد من الاهتمام والموارد في هذا التحول المطلوب بشدة في مجال الطاقة لضمان وصوله إلى الجميع، بعض المؤسسات تفعل ذلك بالضبط، فقد تعهد البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي، بالشراكة مع مؤسسة روكفلر، التي أقودها، وغيرها، بتقديم 30 مليار دولار لتوصيل 300 مليون أفريقي بالكهرباء بحلول عام 2030.

تسريع المشاريع في البيئات الصعبة

وتوضح الصحيفة أنه بفضل هذا النوع من رأس المال، سوف تتمكن الحكومات والشركات معاً من تسريع المشاريع في البيئات الصعبة، فبالإضافة إلى إنارة المنازل، يمكن للمبادرة أيضاً أن تزود مرافق الرعاية الصحية بالطاقة التي تخدم ما يصل إلى 90 مليون شخص، وتجنب ما يصل إلى 65 ميغا طن من ثاني أكسيد الكربون، والسماح لمليوني إلى ثلاثة ملايين شخص بتحسين تعليمهم وخلق ملايين الوظائف، وفقاً لتحليل مبكر أجرته منظمة الطاقة المستدامة للجميع، وهي منظمة دولية تعمل على توفير الكهرباء.

لقد حدد المجتمع العالمي أهدافه لعام 2015 في ظل ظروف جيوسياسية واقتصادية وتكنولوجية معينة، ومن خلال التركيز على توفير الكهرباء للجميع، يمكننا أن نجعل العالم أكثر أمناً واستقراراً وربما أكثر تفاؤلاً مرة أخرى.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية