تحقيق أممي يتهم إسرائيل بالسعي إلى تدمير الرعاية الصحية في غزة
تحقيق أممي يتهم إسرائيل بالسعي إلى تدمير الرعاية الصحية في غزة
قال محققون من الأمم المتحدة، الخميس، إن إسرائيل تستهدف عمدا المرافق الصحية في غزة وتقتل وتعذب العاملين في المجال الطبي، متهمين إسرائيل بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".
وقالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في بيان لها إن "إسرائيل نفذت سياسة منظمة لتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة كجزء من هجوم أوسع على غزة".
جريمة ضد الإنسانية
وأضافت أن البلاد "ترتكب جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة بهجمات متواصلة ومتعمدة على العاملين والمرافق الطبية".
ونشرت اللجنة المكونة من ثلاثة أعضاء -والتي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مايو 2021 للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي المزعومة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية- تقريرها الثاني منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر قبل عام، والذي أشعل فتيل الحرب المستمرة.
وسلط التقرير الضوء أيضاً على إساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل والرهائن في غزة، متهماً إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية بـ"التعذيب" والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
واتهمت إسرائيل اللجنة بممارسة "تمييز منهجي ضد إسرائيل" ورفضت بشكل قاطع نتائج تقريرها الصادر في يونيو، والذي اتهم إسرائيل أيضا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك "الإبادة" في غزة.
التدمير العشوائي للرعاية الصحية
وقالت رئيسة اللجنة نافي بيلاي، المفوضة السابقة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في بيان: "يجب على إسرائيل أن توقف على الفور تدميرها العشوائي غير المسبوق لمرافق الرعاية الصحية في غزة".
وأضافت أن "إسرائيل تستهدف بهذا الإجراء الحق في الصحة في حد ذاته مما يخلف آثاراً ضارة كبيرة وطويلة الأمد على السكان المدنيين".
وذكر التقرير أن قوات الأمن الإسرائيلية "قتلت عمدا واحتجزت وعذبت أفرادا من الطاقم الطبي واستهدفت المركبات الطبية" في غزة وقيدت التصاريح لمغادرة القطاع لتلقي العلاج الطبي.
وقالت اللجنة إن مثل هذه الأفعال تشكل جرائم حرب عديدة و"جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة".
وقالت المنظمة في بيانها إن تصرفات إسرائيل تسببت في "معاناة لا يمكن تقديرها" بين الأطفال المرضى، وإنها "أدت إلى تدمير أجيال من الأطفال الفلسطينيين، وربما الشعب الفلسطيني كمجموعة".
وسلط التقرير الضوء على وفاة هند رجب في يناير الماضي باعتبارها “واحدة من أكثر الحالات فظاعة”، حيث اتصلت الطفلة بالهلال الأحمر الفلسطيني، متوسلة لإنقاذها، بعد تعرض سيارة عائلتها لإطلاق نار في مدينة غزة، وتم في نهاية المطاف العثور على جثتها إلى جانب ستة من أقاربها واثنين من عمال الإنقاذ التابعين للهلال الأحمر الذين تم إرسالهم للبحث عنها.
وقالت اللجنة إنها توصلت إلى أن الفرقة 162 في الجيش الإسرائيلي مسؤولة عن الوفيات، التي تشكل جرائم حرب.
إساءة معاملة ممنهجة
وتطرق التقرير إلى معاملة الفلسطينيين المعتقلين في المعسكرات العسكرية ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية.
وخلصت إلى أن آلاف المعتقلين، بمن فيهم الأطفال، تعرضوا "لانتهاكات واسعة النطاق ومنهجية، وعنف جسدي ونفسي، وعنف جنسي وعنف قائم على النوع الاجتماعي".
وقال المحققون إن هذا يرقى إلى "جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في التعذيب، وجريمة حرب تتمثل في الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي".
وأضافوا أن المعتقلين الذكور تعرضوا للاغتصاب والاعتداء على أعضائهم التناسلية.
وقالت اللجنة إن وفاة المعتقلين نتيجة للإساءة أو الإهمال تشكل أيضًا جرائم حرب.
وخلص التقرير إلى أن "المعاملة السيئة المؤسسية للمعتقلين الفلسطينيين" حدثت "بموجب أوامر مباشرة" من وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، وغذتها تصريحات الحكومة الإسرائيلية "التي تحرض على العنف والانتقام".
وقالت بيلاي إن "الأعمال المروعة من الانتهاكات" ضد المعتقلين تتطلب المساءلة والتعويضات.
إساءة معاملة الرهائن
وفي ما يتعلق بالرهائن الإسرائيليين وغيرهم من المحتجزين في غزة من قبل الجماعات المسلحة الفلسطينية، وجد التقرير أن العديد منهم تعرضوا "لآلام جسدية ومعاناة نفسية شديدة"، بما في ذلك العنف والإساءة والعنف الجنسي والإذلال وقلة الغذاء والماء.
وتشن إسرائيل هجوماً جوياً وبرياً على غزة منذ أكتوبر الماضي، وتعهدت بتدمير حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) بعد أن شن مسلحون من الحركة في السابع من أكتوبر 2023 هجوما أدى إلى مقتل المئات، أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وفقا للبيانات الفلسطينية أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، إلى استشهاد أكثر من 42 ألف شخص في القطاع، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 97 ألف جريح -وأغلب الضحايا نساء وأطفال- وانتشار العديد من الأمراض والأوبئة وفقا للسلطات الصحية في غزة وسط مطالبات لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين في ظل أزمة إنسانية حادة يعيشها سكان القطاع جراء الحرب.