عقب عشرية سوداء.. لاجئو سوريا داخل المخيمات العراقية في مواجهة الجوع

عقب عشرية سوداء.. لاجئو سوريا داخل المخيمات العراقية في مواجهة الجوع
لاجئون سوريون

"أصبح توفير كمية قليلة من الطعام لأسرتي، أمراً يزداد صعوبة يوما بعد يوم"، بهذه العبارة وصف اللاجئ السوري موسى عبدالرحمن، وضع لاجئي بلاده في العراق.

و"عبدالرحمن" لاجئ أربعيني يعيش رفقة أسرته المكونة من 4 أفراد في مخيم "دوميز"، بمحافظة دهوك، في إقليم كردستان، شمالي العراق. 

وأوضح عبدالرحمن لـ«جسور بوست»، أن أزمة نقص الغذاء بدأت منذ انتشار جائحة كورونا نظرا لتقليص فرص العمل، قائلا: "كنا نستدين من أجل شراء الطعام لكن الديون زادت ولا نملك وسيلة لسد احتياجاتنا". 

وأضاف: "غادرنا أنا وزوجتي وابنتي وشقيقتي سوريا بعد اندلاع الحرب بعام واحد، ولجأنا إلى مخيم دوميز العراقي والذي يضم أكثر من 35 ألف لاجئ معظمهم يعيش على مساعدات المنظمات الإغاثية".

وقال اللاجئ السوري (الذي تواصل مع "جسور بوست" من خلال الباحث الكردي محمود باز، نظرا لعدم امتلاكه هاتفاً نقالاً)، إن الأوضاع المعيشية أصبحت متعثرة منذ عامين بسبب تراجع المساعدات الدولية. 

وتابع: "أعمل طوال الشهر 5 أو 6 أيام فقط وهذا لا يكفي لتدبير الاحتياجات الأساسية، والمنظمات الدولية كانت تصرف لكل فرد 20 دولارا شهريا، لكن الآن أصبحنا نواجه الجوع وجها لوجه". 

وأكد أن الأوضاع المعيشية داخل المخيم في تدهور مستمر، حيث صار معظم اللاجئين السوريين يستغنون عن نصف احتياجاتهم من الطعام تقريبا.

ويلاحق الفقر وانعدام الأمن الغذائي معظم اللاجئين السوريين، في مختلف دول الجوار التي انتقلوا إليها، فيما تزداد أوضاعهم صعوبة في العراق، ما دعا المنظمات الأممية إلى المطالبة بسرعة نجدتهم.

بدورها، طالبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الأممية للأغذية، في بيان مشترك، المجتمع الدولي بتوفير 10 ملايين دولار كمعونة عاجلة لإنقاذ نحو 260 ألف لاجئ سوري في العراق. 

وقالت المنظمتان الدوليتان، إن السوريين بالمخيمات العراقية يواجهون مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي، وإن أوضاعهم الحياتية متردية للغاية، نظرا لاعتماد معظم العائلات السورية على وظائف غير منتظمة.

ويستضيف العراق نحو 260 ألف لاجئ سوري، أغلبهم في إقليم كردستان، شمالي البلاد، إذ يعيش نحو 95 ألفا منهم في مخيمات تعاني من عدم توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة.

وفي 9 مايو الجاري، دعا وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في مؤتمر دعم سوريا ببروكسل، المجتمع الدولي إلى ضرورة إيجاد حل نهائي وحاسم لمخيمات اللاجئين المنتشرة في سوريا ودول الجوار.

وقال "حسين"، آنذاك إن هذه المخيمات قد تشكل خطرًا على الأمن الإقليمي والدولي، ولا بد من إنهاء الأزمة السورية حتى يعود هؤلاء إلى ديارهم.

بدورها، قالت ديما القائد، الصحفية السورية المقيمة في أربيل لـ"جسور بوست"، إن معظم اللاجئين هم من أكراد سوريا ويعيشون في مخيمات بإقليم كردستان منذ 10 سنوات.

وأضافت “القائد”: "هناك فرق بين اللاجئ وطالب اللجوء، فالأخير لا يتمتع بالحقوق التي يحصل عليها الأول كالتعليم والضمان الصحي، والمخيمات تضم عددا كبيرا طالبي اللجوء والأطفال غير المسجلين". 

وأوضحت: "زرت أحد مخيمات أربيل قبل أيام، وقال لي مدير المخيم إن التمويل ينخفض تدريجيا لأن العالم والدول المانحة أصبحت لا تضع اللاجئ السوري ضمن أولوياتها". 

وأكدت أن القاطنين في المخيمات يعانون نقصا في الطعام ومياه الشرب، وغيرها من أساسيات الحياة، كما أن تلك المعاناة ستزداد في فصل الصيف، ما يتطلب بذل جهود دولية لتأمين الغذاء والماء النظيف والرعاية الصحية لقاطني المخيمات.

واختتمت ديما حديثها، قائلة: "إما أن توفر المنظمات الدولية أوضاعا حياتية مناسبة للاجئين السوريين أو تسمح لهم بالسفر إلى الدول الأجنبية، لاستحالة استمرار الأوضاع على هذا النحو".

ومن جانبه، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان (غير حكومي) رامي عبدالرحمن، إن العائلات السورية الموجودة في العراق معظمهم من طالبي اللجوء، ويقطنون في 10 مخيمات في إقليم كردستان.

وأوضح عبدالرحمن لـ"جسور بوست"، أن السوريين يعيشون في ظروف صعبة إنسانيا وصحيًا، خاصة وأن أغلب المنظمات الدولية أغلقت مكاتبها في العراق، كما تخلت الأمم المتحدة عن مسؤولية التعليم منذ عام 2019.

وأضاف: "الحكومة الاتحادية في بغداد لم تقم بواجباتها تجاه اللاجئين السوريين، وهي السبب في بقائهم على وضع طالبي لجوء، لكن حكومة كردستان قدمت العديد من المساعدات وما زالت تقدم رغم معاناتها". 

ومضى قائًلا: "نطالب الدول المانحة بتخصيص حصة من دعم اللاجئين للسوريين في كردستان، أسوة ببقية السوريين في العالم، لمساعدتهم في قطاعات التعليم والصحة".

ومطلع مايو الجاري، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" من تراجع تمويل العمليات الإنسانية في سوريا، ما أدى إلى معاناة نحو 12 مليون و300 ألف شخص داخل سوريا ودول الجوار، بينهم 5.6 مليون طفل يحتاجون إلى المساعدة العاجلة.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية