تهديد لحرية الصحافة.. نقابة الصحفيين التونسية تدين الاعتداءات على أعضائها
تهديد لحرية الصحافة.. نقابة الصحفيين التونسية تدين الاعتداءات على أعضائها
كشفتا وحدة الرصد في نقابة الصحفيين التونسيين أنها تلقت خلال شهر سبتمبر 15 إشعاراً باعتداء على صحفيين وصحفيات، عبر الاتصالات الهاتفية والشكاوى المباشرة ومتابعة ما يُنشر على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأكدت رئيسة المرصد خولة شبح أن هذا الشهر مثّل ما وصفته بـ"أزمة المعلومات بامتياز"، إذ تم تسجيل 13 اعتداءً موثقاً، بينها 8 حالات منع من العمل و4 حالات حجب للمعلومة، إضافة إلى اعتداءات لفظية وميدانية طالت العديد من الصحفيات، بحسب ما ذكرت وكالة JINHA"، اليوم الأربعاء.
وأوضحت شبح أن شهر سبتمبر شهد تصاعداً غير مسبوق في القيود الإدارية على المؤسسات الإعلامية، لا سيما خلال تغطية "أسطول الصمود" المتجه من تونس لدعم غزة، حيث طُلب من الصحفيين الحصول على تراخيص غير منصوص عليها في القوانين الوطنية.
وأضافت أن المؤسسات الإعلامية الأجنبية واجهت عقبات متكررة من قِبَل الأجهزة الأمنية، نتيجة حرمانها من "الترخيص الشهري" الصادر عن رئاسة الحكومة، ما أدى إلى منع العديد من الفرق الصحفية من العمل الميداني.
وشددت المسؤولة النقابية على أن هذه الممارسات تمثل تهديداً مباشراً لحق المواطن في الوصول إلى المعلومة، وتتنافى مع روح الدستور التونسي والمواثيق الدولية التي تضمن حرية الصحافة.
اعتداءات على الصحفيات
كشفت شبح أن النساء في القطاع الإعلامي كُنَّ من بين الفئات الأكثر تضرراً، إذ سُجلت سبع حالات اعتداء ضد صحفيات، تراوحت بين المنع من العمل، والاعتداءات اللفظية، وحجب المعلومات.
وأكدت أن النقابة وجهت عدة توصيات إلى رئاسة الحكومة، من أبرزها وقف العمل بالمناشير الإدارية التي تعرقل الحصول على المعلومات، وتطوير الخطط الاتصالية الحكومية لتيسير مهام الصحفيين والصحفيات، مشيرة إلى أن الوضع الراهن "يعكس أزمة هيكلية في إدارة المعلومات العمومية".
وبيّنت رئيسة المرصد أن قطاع الإعلام في تونس يعيش على وقع نقاشات قانونية حساسة، تتعلق بثلاثة مشاريع قوانين مطروحة أمام البرلمان، من بينها المرسوم 54 الذي اعتبرته "عقبة أمام حرية التعبير في الفضاء الرقمي"، إضافة إلى مشروع قانون التربية على وسائل الإعلام ومشروع الاتصال السمعي البصري، الذي يُنتظر أن يُنهي حالة الفراغ التشريعي التي يعيشها المشهد السمعي البصري.
وأضافت أن النقابة تتابع بقلق تزايد الملاحقات القضائية ضد الصحفيين، في ظل صدور أحكام سالبة للحرية بحق عدد منهم، من بينهم الإعلامية سنية الدهماني، إضافة إلى محاكمات مستمرة لصحفيين بارزين مثل مراد الزغيدي وبرهان بسيس، إلى جانب شذى الحاج مبارك التي تواجه حكماً بالسجن لخمس سنوات وتعاني من أزمة صحية حادة داخل السجن.
مناخ من القمع
وأشار التقرير إلى أن الأمنيين يتصدرون قائمة الجهات المسؤولة عن الاعتداءات، حيث وقعت 11 حالة في الفضاء الحقيقي وحالتان في الفضاء الافتراضي. وتوزعت الاعتداءات جغرافياً بين 10 حالات في ولاية تونس، وحالتين في نابل، وحالة واحدة في سوسة.
وأكدت خولة شبح في ختام حديثها أن النقابة تتابع بقلق وضع الصحفيين المعتقلين، مطالبة بـ"إيقاف كل أشكال الملاحقة القضائية ضد الصحفيين والصحفيات، خصوصاً المُحالين بموجب المرسوم 54".
ويعكس هذا التقرير صورة قاتمة عن واقع الحريات الإعلامية في تونس، حيث تتقاطع القيود الإدارية والتشريعية مع الانتهاكات الميدانية، لتشكل معاً بيئة خانقة تهدد سلامة المهنة وحق المواطنين في الإعلام المستقل.
ويؤكد مراقبون أن استمرار هذا المسار دون إصلاحات عاجلة سيقوّض المكاسب الديمقراطية التي تحققت بعد الثورة، ويدفع تونس إلى مرحلة جديدة من التراجع الحقوقي تمسّ جوهر حرية التعبير التي كانت إحدى ركائز التحول السياسي في البلاد.










