اغتيال قيادي طلابي يهز بنغلادش ويشعل الشارع قبل الانتخابات
اغتيال قيادي طلابي يهز بنغلادش ويشعل الشارع قبل الانتخابات
تجمعت عشرات الآلاف من البنغلادشيين، اليوم السبت، في العاصمة دكا للمشاركة في تشييع القيادي الطلابي شريف عثمان هادي، الذي اغتيل بالرصاص في حادثة أثارت صدمة واسعة وأشعلت موجة غضب شعبي، في توقيت بالغ الحساسية قبل الانتخابات العامة المقررة في فبراير المقبل.
وفرضت السلطات إجراءات أمنية مشددة، مع انتشار كثيف لقوات الشرطة المزوّدة بكاميرات مثبتة على أجسادهم، في حين نُكّست الأعلام في البلاد حداداً على مقتل أحد أبرز وجوه انتفاضة 2024، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
قُتل هادي، البالغ من العمر 32 عاماً، متأثراً بإصاباته بعد نقله إلى مستشفى في سنغافورة، إثر تعرّضه لإطلاق نار من قبل مسلحين ملثمين أثناء خروجه من مسجد في دكا الأسبوع الماضي.
وعُرف هادي كقيادي طلابي بارز، وناشط سياسي كان يستعد لخوض الانتخابات، وبرز اسمه خلال الاحتجاجات الواسعة التي أطاحت بحكومة رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة، ما جعله رمزاً لجيل شاب يطالب بالتغيير السياسي والسيادة الوطنية.
جنازة تتحول إلى رسالة
تحولت جنازة هادي إلى مشهد سياسي جامع، حيث احتشد المشيعون في موكب ضخم جاب شوارع العاصمة وصولاً إلى مسجد جامعة دكا المركزي، حيث وُوري الثرى.
وقال رئيس الحكومة الانتقالية محمد يونس، في خطاب مؤثر، إن الراحل "لم يمت في قلوب البنغلادشيين"، مؤكداً أن قضيته ستظل حية في الوجدان الوطني.
واعتبر مشاركون في الجنازة أن اغتياله يمثل استهدافاً مباشراً للأصوات المنتقدة للتدخلات الخارجية، ولا سيما موقفه الحاد من الهند التي تستضيف الشيخة حسينة منذ فرارها من البلاد.
وعبّر مواطنون قدموا من مناطق مختلفة عن اعتقادهم بأن اغتيال هادي يحمل أبعاداً سياسية، مؤكدين أن مقتله لن يوقف مسار الاحتجاج والمطالبة بالسيادة. وقال موظف حكومي مشارك في التشييع إن "الملايين سيواصلون السير على خطى هادي دفاعاً عن كرامة البلاد".
عنف وتحذيرات حقوقية
اندلعت عقب اغتيال هادي تظاهرات غاضبة في عدة مدن، طالبت باعتقال المسؤولين عن الجريمة، في حين شهدت دكا أعمال عنف شملت إحراق مبانٍ ومقارَّ إعلامية، وتعرض مؤسسات ثقافية ومنزل وزير سابق لهجمات.
وأعلنت الشرطة إطلاق حملة مطاردة، دون الكشف حتى الآن عن نتائج ملموسة، في وقت أعلنت فيه اعتقال سبعة أشخاص على خلفية مقتل عامل في صناعة الملابس بعد اتهامه بالتجديف، في حادثة أخرى زادت من حدة التوترات الطائفية.
وحذّرت منظمة العفو الدولية من خطورة الانزلاق نحو الفوضى، داعية الحكومة الانتقالية إلى إجراء تحقيقات عاجلة ومستقلة في اغتيال هادي وأعمال العنف اللاحقة، ومؤكدة ضرورة حماية الحق في الحياة وحرية التعبير.
وعبّرت أحزاب سياسية عن قلقها من تدهور الأمن قبيل الانتخابات الأولى منذ الإطاحة بحكومة حسينة، وسط تبادل اتهامات بين القوى السياسية بشأن محاولات جر البلاد إلى عدم الاستقرار.
توترات بين بنغلادش والهند
تفاقمت في هذا السياق، التوترات بين بنغلادش والهند، مع مطالبة دكا بتسليم الشيخة حسينة التي صدرت بحقها أحكام غيابية، في حين تصر الأخيرة على نفي التهم ووصفت محاكمتها بأنها "مهزلة".
وبينما تستعد البلاد لاستحقاق انتخابي مفصلي، يبقى اغتيال شريف عثمان هادي اختباراً حقيقياً لقدرة السلطات على تحقيق العدالة، وضمان الأمن، وحماية المسار الديمقراطي في مرحلة انتقالية شديدة الهشاشة.











