بعد 85 عاماً.. شمس الحياة تغيب عن الشاعر الموسوعي اليمني عبد العزيز مقالح

بعد 85 عاماً.. شمس الحياة تغيب عن الشاعر الموسوعي اليمني عبد العزيز مقالح

"هابيل.. كم عام مر وأنت قتيل مطروح في الطرقات تبحث عن حفار قبور بين الأموات، قابيل الآثم حين رآك مقتولا فر إلى البحر ابتلعته الأسماك، وبقيت بلا قبر -وحدك- يبكي الجسد العريان خجلا وتمر حواليه الغربان، علّ بقايا إنسان يشهد رحلتها اليومية"، هكذا نظم شعره، ولعلها النهاية الأليق برحيله.

حملت لنا شمس اليوم، الاثنين، رحيل الشاعر والأديب اليمني الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح عن عمر ناهز الـ85 عاماً عن عالمنا، بعد معاناة مع المرض ومرارة ذاقتها الروح، جراء أحداث أدمت جسد اليمن السعيد في السنوات الأخيرة.

والوفاة أعلن عنها الكاتب اليمني علي المقري عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، وقال: "يومٌ حزين في تاريخ اليمن، حيث فقد هذا البلد المثخن بجراح الحروب أحد أبرز أدبائه في القرن العشرين، عبدالعزيز المقالح، الذي كان أثره على الحياة الأدبية والثقافية في اليمن لا مثيل له، نفقد بوفاته المعلّم والمحفّز على الكتابة، نفقد حنان الأب وتسامحه على مشاكساتنا الدائمة، لتنم روحك بسلام أيّها الجمهوري العتيد في زمن صارت فيه أحلام اليمنيين، أحلامك، محل قلق وضياع".

ويُعد الراحل أحد أعلام الشعر اليمنى والعربي المعاصر، له إسهاماته الكبيرة في الشعر والنقد، وهو رئيس المجمع العلمي اللغوي اليمني.   

موسوعة ثقافية

سيرة ذاتية حافلة تخبرنا بكثير مما شاهده شاعر اليمن وبطلها، حيث يعد المحللون عبدالعزيز المقالح مثقفاً موسوعياً يمتلك الرؤية الثاقبة والمسموعة، ليس وطنياً فحسب، بل وقومي، فتراه مبادراً ومناقشاً مختلف القضايا المصيرية التي تمس الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، وفي صدور أبرز الصحف والجرائد العربية النخبوية والجماهيرية، وبطرحٍ ثريٍ يتجاوز تلكؤ الغموض وشطحات المجاملات، وليس غريباً هذا أو مبالغاً فيه، فالمقالح أديب وأكاديمي وباحث فكري وثقافي وأدبي من النسق الناضج والرعيل التنويري المعاصر.

درس المقالح على يد مجموعة من العلماء والأدباء في مدينة صنعاء، تخرج من دار المعلمين في صنعاء عام 1960، وواصل تحصيله العلمي حتى حصل على الشهادة الجامعية عام 1970، في عام 1973 حصل على درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب جامعة عين شمس ثم درجة الدكتوراه عام 1977 من نفس الجامعة، وترقى إلى الأستاذية عام 1987. 

  المقالح.. قصائد بطعم السيرة الذاتية

وكما دوَّن عنه المحللون، فقد تميزت كتابته بشيء من الكلاسيكية، لكنها سرعان ما انفتحت على الحداثة، عرف عنه كتابته لقصيدة (أن يحرمونا يا حبيب الغرام) وتغنى بها الفنان اليمني أحمد فتحي، وهو عضو الهيئة الاستشارية لمشروع كتاب في جريدة.   

أثرى المكتبة العربية بأمهات الكتب من إبداعه الشعري، ما يزيد على 18 كتاباً أو ديواناً شعرياً مفعما بحب الناس وعامراً بلغة الخطاب الشعري المتميز، وما يزيد على 28 إصداراً من الدراسات والمراجع الأدبية والفكرية، وحاز إبداعه الشعري اهتمام الدارسين والباحثين في الجامعات اليمنية والعربية بين دراسات نقدية ورسائل ماجستير ودكتوراه، وترجمت بعض أعماله إلى اللغات الأخرى.

جوائز وأوسمة

حصل على العديد من الأوسمة والجوائز الإبداعية ذات القيمة الاستحقاقية العالية محلياً وعربياً وعالمياً، والتي من أبرزها وسام الفنون والآداب – عدن عام 1980م، وسام الفنون والآداب صنعاء 1982م. 

جائزة اللوتس عام 1986م، جائزة اليونسكو باريس 2002م. 

جائزة "الفارس" من الدرجة الأولى في الآداب والفنون من الحكومة الفرنسية، 2003م، وجائزة الثقافة العربية من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 2004م، وفي عام 2010م حصل على جائزة العويس الثقافية في دورتها الـ(11).

 أخيرا جائزة أحمد شوقي للإبداع الشعري -مشاركة مع الشاعر المصري أحمد عبدالمعطي حجازي- 2019م.

سلطنة عُمان تحتفي بالشاعر اليمني الكبير عبد العزيز المقالح - يمن مونيتور

أهم المؤلفات   

الدواوين الشعرية: لا بد من صنعاء، مأرب يتكلّم (بالاشتراك مع السفير عبده عثمان)، رسالة إلى سيف بن ذي يزن، هوامش يمانية على تغريبة ابن زريق البغدادي، عودة وضاح اليمن، الكتابة بسيف الثائر علي بن الفضل، الخروج من دوائر الساعة السليمانيّة، أوراق الجسد العائد من الموت، أبجدية الروح، كتاب صنعاء كتاب القرية، كتاب الأصدقاء، كتاب بلقيس وقصائد لمياه الأحزان، كتاب المدن، الدراسات الأدبية والفكرية، قراءة في أدب اليمن المعاصر، شعر العامية في اليمن، الأبعاد الموضوعية والفنية لحركة الشعر المعاصر في اليمن، أصوات من الزمن الجديد، قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة، الحورش الشهيد المربي.

أزمة القصيدة العربية، علي أحمد باكثير رائد التحديث في الشعر العربي المعاصر، أوليّات النقد الأدبي في اليمن، عمالقة عند مطلع القرن، شعراء من اليمن، الزبيري ضمير اليمن الثائر.

قصيدته الأشهر

تعتبر قصيدة الشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح "الأبطال.. والسبعون" إحدى أهم قصائده والتي لقيت رواجًا مهمًا في العالم العربي، خاصة لأنها احتفت ووثقت صمود الثوريين الجمهوريين ضد حصار الملكية الذي فرضته عليهم، ويُعرف هذا الحصار بـ"حصار السبعين" أو "حصار صنعاء"، ضربته القوات الملكية اليمنية على الجمهوريين المتحصنين في العاصمة صنعاء. 

ودام 70 يوماً، وشهد معارك داخل العاصمة وعلى المناطق القريبة منها، وقد تلقّى الجمهوريون المحاصرون الدعم العسكري والاقتصادي من الصين ومصر وسوريا، كما تلقوا الدعم الدبلوماسي من الجزائر. 

ورغم تفوق الملكيين في الكم والكيف، إلا أن نهاية الحصار شهدت انتصار الجمهوريين الذي كان من أبرز نتائجه اعتراف المملكة العربية السعودية الداعم الرئيسي للملكيين بالجمهورية في صنعاء عام 1970. 

الشاعر المقالح يصدر

بعض أبيات القصيدة

ماذا أقول؟ 

ما عسى يقوله إنسان، وما الذي سيكتب القلم عن الرجال في "عيبان"، عن الرجال في "نُقم"

ماذا غدا ستكتبُ القصائد؟ 

وما عسى ستنشرُ الجرائد؟ 

تراجعي أيتها الكلمات، تكسري أيتها الأقلام

أشرف منك صوت حر مات، وهو ينازل الظلام، ويحفظ الأطفال في عينيه يغمد الرايات

وددت لو كنت الطريق يعبرون فوقه إلى الجبل، لو كنت صخرة تحمي صدورهم من الأعداء

لو كنتُ لقمة أو شربة من ماء، لو كنت غيمة تمر فوقهم أو قطرة من طل، لو كنت واحدا منهم أموت أو أقتل، أولئك المناضلين

أولئك المقاتلين، من زرعوا الشمس على سمائنا، وثبتوا النجوم والأقمار، وثبتوا النهار 

على طريق "أيلول" العظيم، أعلوا الشباب، وأحرقوا الأعمار، صدوا جحافل القديم 

أوقفوا مسير العار، فكانت الأعمدة النبيلة البيضاء

وكانت السبعون



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية