قضية "الطفلة السوداء" تثير جدلاً في أيرلندا بعد حرمانها من ميدالية رياضية (فيديو)
قضية "الطفلة السوداء" تثير جدلاً في أيرلندا بعد حرمانها من ميدالية رياضية (فيديو)
أثارت قضية الطفلة السوداء التي تعرضت لحادث عنصري في أيرلندا الكثير من الجدل، الذي ترددت أصداؤه في العديد من الدول والمحافل الدولية.
وكان مقطع مصور قد انتشر على منصات التواصل الاجتماعي بكثافة، أظهر مسؤولة في اتحاد الجمباز بأيرلندا، وهي تتجاهل طفلة من أصول إفريقية، حيث رفضت منحها ميدالية أثناء حفل لتوزيع الجوائز.
وذكرت تقارير إعلامية أن تلك الواقعة حدثت في مارس من العام المنصرم، لكن الفيديو انتشر مؤخرا، وفق قناة الحرة.
وقد وصف العديد من المشاهير والنشطاء تصرف مسؤولة الجمباز الأيرلندية بـ"العنصرية".
وفي هذا الصدد، أعربت أسطورة الجمباز الأمريكية، سيمون بايلز، عن تعاطفها مع تلك الطفلة، إذ بادرت بالاتصال بعائلتها، بالإضافة إلى نشر مقطع مصور تؤكد فيه دعمها ومساندتها لتلك الأسرة.
وكتبت بايلز على منصة "إكس": "لقد فطر قلبي عندما رأيت (الفيديو).. لا يوجد مجال للعنصرية في أي رياضة أو على الإطلاق".
وأدان زميلها في فريق الجمباز الأمريكي، جوردان تشيليز، الحائز الميدالية الفضية الأولمبية، ذلك الحادث، قائلا: "هذا أمر مؤلم للغاية على العديد من المستويات".
من جانبها، أوضحت عائلة الطفلة أن اتحاد الجمباز الأيرلندي "رفض حضور جلسة الاعتذار والصلح التي جمعتها مع المسؤولة المتسببة في الحادثة".
وقالت عائلة لاعبة الجمباز إنه "على الرغم من الإعداد الرسمي لجلسة الاعتذار، فقد رفض مسؤولو الجمباز الأيرلندي حضور الوساطة"، مشيرة إلى أنهم وصفوا الحادث بأنه "نزاع شخصي بحت" بين الأسرة وامرأة واحدة.
وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن الاتحاد "لم يقدم أي التزام في تصريحاته العامة بالتحقيق في الحادث، أو تنفيذ سياسات مناهضة للعنصرية، أو تحسين طرق حماية الرياضيين الملونين"، لافتة أنه "بعد مضي 18 شهرًا.. لم يعتذر للعائلة".
وقالت والدة الطفلة للصحيفة البريطانية: "إنه أمر لا يصدق أن تعامل فتاة صغيرة بهذه الطريقة.. إنها مشكلة أنظمة، لأنه عندما لا يتحدث اتحاد الجمباز علنًا، فإن الرسالة هي أنه سعيد باستمرار الأمر".
ولم يتم الكشف عن اسم والدتها لحماية خصوصية الطفلة، وبسبب المخاوف من أن تصبح الأسرة هدفًا للإساءة العنصرية.
ومع تصاعد الغضب الدولي، أصدر الاتحاد، بيانًا قال فيه إنه "أعرب عن قلقه للعائلة"، لافتا إلى أن المسؤولة المتورطة في الحادث "أرسلت اعتذارًا مكتوبًا".
لكن والدة الطفلة علقت على ذلك قائلة: "لا أفهم لماذا استمرت وسائل الإعلام في القول إنهم قدموا اعتذارا".
والأحد، أوضح اتحاد الجمباز أنه "تعامل في البداية مع الحادث باعتباره شكوى فردية"، وأنه "أدرك مؤخرًا فقط أن الأسرة تريد اعتذارًا علنيًا" منه.
وأضاف أن المجلس "أرسل خطاب اعتذار" إلى الأسرة، الأحد، وأنه سيعلن عنه يوم الاثنين.
ورداً على ذلك، قالت والدة الفتاة إن "الرسالة جاءت متأخرة للغاية ولم تتناول المخاوف الأساسية"، مضيفة: "بعد هذا الحادث المروع، من منا لا يعتقد أنه يجب عليه الاعتذار؟.. أرسل لي رسالة للتو هذا المساء، استغرق الأمر أكثر من عام، وبعد أن شعر الملايين من الناس في العالم بالاشمئزاز".
وتابعت: "إنه عديم الفائدة بالنسبة لي، لأنه لا يعالج قضايا العنصرية والسلامة، أود أن أسمعهم يقولون أمورا من قبيل إن (الطفل الأسود الذي سيذهب للمنافسة في رياضة الجمباز سيكون آمنا.. ولكن لم يحدث ذلك".
وذكرت الوالدة أيضا أنها علمت خلال جلسة الصلح أن "المسؤولة كانت قد كتبت اعتذارًا شخصيًا طويلًا بعد بضعة أيام من الواقعة، وأرسلته إلى الشخص المعني بالتواصل مع العائلة، بيد أن الأخير لم ينقل ذلك الخطاب".
وأردفت: "عوضا عن ذلك، وصلنا خطاب اعتذار من سطرين غير موقع ومعنون (إلى من يهمه الأمر)".
وأكدت الأم أنها "لم تعتبر ذلك تعويضا مناسبا لما حدث لابنتها"، مضيفة: "إنهم بحاجة إلى شرح سبب حجب الاعتذار الأصلي".
ولفتت إلى أنها تواصلت مع الشرطة لأنها "تشعر بالقلق" من أن بيان الاتحاد الذي صدر، الجمعة، "يجعل أسرتها هدفا لأخطار محتملة".
وكان بيان الاتحاد قد أوضح أن "المسؤولة المعنية أقرت بشكل جلي أن ما حدث لم يكن مقبولاً، وأنه كان خطأ غير مقصود".
وتابع: "عندما أدركت المسؤولة خطأها سارع الاتحاد إلى تصحيحه على الفور، اللاعبة حصلت على ميداليتها قبل أن تغادر صالة المنافسة".
مكافحة الكراهية والعنصرية
وتعمل الأمم المتحدة منذ تأسيسها على مكافحة العنصرية والتمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين أو الجنس أو اللغة أو أي خصائص أخرى، وقد أطلقت الأمم المتحدة العديد من الحملات والمبادرات لمكافحة العنصرية والتمييز ووقف خطاب الكراهية.
تعمل الأمم المتحدة أيضًا على تعزيز التعايش السلمي والتفاهم بين الشعوب والثقافات المختلفة، وتشجع على تبني قيم الاحترام والتسامح والتعايش السلمي بين الأفراد والمجتمعات.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أهمية التعليم باعتباره أقوى سلاح لمحاربة العنصرية وتجارة الرقيق، مشيرا إلى أن مشروع الاستعباد الشرير استمر لأكثر من 400 عام، وكان يمثل أكبر حركة هجرة قسرية في تاريخ البشرية.
وأشار إلى أن الخطاب العنصري الذي استخدم في الماضي لتبرير تجارة الرقيق غير الإنسانية، يتشابه مع ما يُستخدم في خطاب الكراهية الذي يعود للظهور من المنادين بتفوق العنصر الأبيض.
وأكدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في دورتها الـ54 المنعقدة حاليا في جنيف على مكافحة العنصرية بحق الأفارقة والمنحدرين من أصول إفريقية داعية لمنع أي تمييز وانتهاك للحقوق في كل المجالات.