«أضرار لا حصر لها».. تقرير أممي يعدد الخسائر الناجمة عن العقوبات الدولية أحادية الجانب
«أضرار لا حصر لها».. تقرير أممي يعدد الخسائر الناجمة عن العقوبات الدولية أحادية الجانب
في ضوء عدم مشروعية التدابير القسرية الانفرادية وآثارها الإنسانية الضارة، ينبغي على الدول رفع جميع التدابير الانفرادية التي لا تتفق مع التزاماتها الدولية أو التي لا يمكن استبعاد عدم مشروعيتها ضمن آلية التدابير المضادة وفقا لمعايير قانون المسؤولية الدولية، أو تعليقها أو الحد منها إلى أقصى حد، فضلا عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم قيام أي جهات فاعلة تعمل تحت ولايتها القضائية أو سيطرتها بانتهاك حقوق الإنسان خارج حدودها.
جاء ذلك في تقرير المقررة الخاصة المعنية بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان، ألينا ف. دوهان، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ57 التي انطلقت يوم 9 سبتمبر الجاري وتتواصل حتى 9 أكتوبر المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
وحثت المقررة الخاصة، الدول على ضمان عدم اعتبار إيصال المساعدات الإنسانية من قبل الجهات الفاعلة في المجال الإنساني إلى البلدان الخاضعة للجزاءات عملا يعاقب عليه في إطار ولايتها القضائية الوطنية، والتعامل معه على أنه كذلك؛ ورصد وتقييم الأثر الإنساني المحتمل لأي تدابير أحادية الجانب قبل وأثناء تطبيقها، وفقا للالتزام المستوجب للحيطة الإنسانية.
وقدمت المقررة الخاصة في تقريرها، لمحة عامة عن خيارات وآليات رصد وتقييم أثر الجزاءات الانفرادية وسبل إنفاذها وامتثالها المفرط على التمتع بحقوق الإنسان.
وركزت على وضع منهجية الرصد وتقييم أثر الجزاءات الانفرادية وامتثالها المفرط على حقوق الإنسان بناء على عدة مؤشرات الحقوق الإنسان، وعلى العلاقة السببية بالآثار الإنسانية، وعلى تدابير الدول للتخفيف من عواقب استخدام الجزاءات الانفرادية، وعلى بقية العوامل التي ينبغي مراعاتها.
ولاحظت المقررة الخاصة أن الجهود الحالية لتقييم الأثر الإنساني للتدابير القسرية مجزأة وشبه منعدمة. وحتى إجراءات رصد أثر جزاءات مجلس الأمن على حقوق الإنسان والإبلاغ عنها ليست منهجية، فمحاولات تقييم أثر هذه الجزاءات تشير إلى أثرها على العمل الإنساني فقط ويُضطلع بها لغرض اتخاذ قرار بشأن طرائق نظم الجزاءات.
ولا تجري الجمعية العامة تقييما منتظما للأثر السلبي للجزاءات الأحادية الجانب التي تخضع لها دول بعينها، سوى في حالة كوبا، وغالبا ما يتناول التقييم الأثر الاقتصادي، لكنه يتطرق أيضا لتأثير التدابير القسرية الانفرادية على مجالات حيوية، بما في ذلك الحصول على الأدوية والمعدات الطبية الإنسانية للحصار.
ومن بين المبادرات ذات الصلة التي اتخذتها المنظمات غير الحكومية، توجد مجموعة أدوات المجلس النرويجي للاجئين للعمل الإنساني المبدئي التي تتضمن تقييما للأثر الإنساني للجزاءات الأحادية الجانب وغيرها من التدابير القسرية في سياق مكافحة الإرهاب.
وشددت المقررة الخاصة على أهمية قياس أثر الجزاءات الأحادية الجانب على حقوق الإنسان لتخفيف الأثر الإنساني السلبي على جميع الأفراد المتضررين. مؤكدة أن الدول التي تفرض الجزاءات تستخدم حاليا سبلا مختلفة لإنفاذ الجزاءات الأحادية الجانب، بما في ذلك تنفيذ جزاءات ثانوية وعقوبات مدنية وجنائية وإدارية للالتفاف على نظم الجزاءات.
واعترفت المقررة الخاصة بأن الجزاءات الأحادية الجانب كثيرا ما ترافقها مسببات أخرى لمشاكل حقوق الإنسان، مثل الفقر المستشري، والنزاعات العسكرية، والأوبئة، والكوارث الطبيعية، والسياسات المحلية. وعلاوة على ذلك، غالبا ما تتخذ الدول تدابير للتخفيف من الأثر السلبي للجزاءات الأحادية الجانب. ولذلك، فإن أي تقييم للأثر الإنساني لهذه الجزاءات ينطوي على درجة تداخل معينة ويستوجب مراعاة باقي العوامل.
وأفيد بأن الجزاءات الأحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الاتحاد الروسي كان لها أثر بالغ خارج الحدود الإقليمية شمل البلدان النامية، ولا سيما في جنوب الكرة الأرضية.
وفي عام 2014، أفادت التقارير بأن التدابير القسرية الانفرادية المفروضة على جمهورية إيران الإسلامية أثرت على باكستان من خلال عرقلة إنجاز مشروع خط أنابيب غاز كانت تحتاج إليه باكستان لكي تتغلب على أزمة الطاقة الخطيرة التي تعيشها.
وللتدابير القسرية الأحادية الجانب آثار سلبية على الدول التي تفرض الجزاءات نفسها، وربما قد تأثرت أزمة الطاقة الكبيرة في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية بالتدابير القسرية الأحادية الجانب المفروضة على الاتحاد الروسي وبردّ الفعل الروسي على تلك القيود الاقتصادية، وتسبب ذلك في انحسار إمدادات النفط والغاز وارتفاع أسعار بيع الغاز الطبيعي بالجملة، حيث أفادت التقارير بأن 6.5 مليون أسرة في المملكة المتحدة كانت تعاني من فقر الوقود في يناير 2024.