على مدى 235 عاماً.. أحلام النساء تتحطم على صخرة «البيت الأبيض»

أولهن سُجنت أثناء الانتخابات

على مدى 235 عاماً.. أحلام النساء تتحطم على صخرة «البيت الأبيض»
هيلاري كلينتون وكامالا هاريس

كعادة السباقات الانتخابية الرئاسية بالولايات المتحدة الأمريكية، تحطمت أحلام المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الوصول إلى البيت الأبيض مقابل فوز منافسها الرئيس دونالد ترامب، إذ لم يسبق لأي امرأة أن تتولى حكم أمريكا على مدار 59 ولاية رئاسية تعاقب خلالها 46 رئيسا في البلاد.

وأظهرت استطلاعات الرأي الأمريكية أن دونالد ترامب حظى بدعم كبير بين الرجال، بينما كانت النساء يفضلن كامالا هاريس بفارق كبير، إذ عكست الفجوة السياسية بين الجنسين في الولايات المتحدة أعواماً من الاضطرابات الاجتماعية والجندرية.

وخلصت إحدى استطلاعات الرأي التي أجراها مركز "بيو" للأبحاث بين الناخبين المسجلين إلى أن 51% من الرجال المسجلين يدعمون ترامب، بينما يدعم 43% منهم هاريس، في حين ينعكس الوضع بين النساء، حيث تؤيد 52% من الناخبات هاريس مقابل 43% لترامب.

وعلى مدى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، لم تحظَ أي سيدة بلقب "السيدة الرئيسة" أو تستطع كسر "الحاجز الذكوري"، ورغم المشاركات النسائية في الانتخابات الرئاسية، فإن البيت الأبيض ظل عصيا على النساء منذ عام 1789 وحتى الآن.

في تاريخ الانتخابات الأمريكية، برزت عدة نساء ترشحن لمنصب الرئاسة أو كن مرشحات لمنصب نائب الرئيس، وقد شكلن جميعاً علامات بارزة في السياسة الأمريكية بترشحهن أو بمساهماتهن في كسر الحواجز وتمهيد الطريق أمام النساء للوصول إلى مناصب قيادية، لكن لم تصل أي واحدة منهن إلى البيت الأبيض.

ورغم تقدم النساء في أمريكا بسرعة كبيرة، فهن أكثر تعليماً من الرجال، ويعملن في الصناعات الخدمية المتنامية، ويحصلن على دخل أعلى من دخل الرجال بشكل متزايد، بحسب الإحصاءات الرسمية، إلا أن الاعتبارات التي تحكم مزاج الناخبين الأمريكيين لا تزال تخضع للتأثير الذكوري.

ولاحظ استراتيجيون ومحللون أمريكيون غلبة الانحيازات الجندرية على الانتخابات الرئاسية، حيث قالت سارة لونجويل، ناشرة مجلة "بولوارك"، إن ترامب يعمل على تعزيز دعمه بين الرجال، فيما تسعى هاريس إلى تعزيز دعمها بين النساء.

ويتفق مع هذا التوجه الدكتور سعيد صادق، الأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع السياسي والخبير في الشؤون الأمريكية، قائلا: "منظومة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لم تنجح حتى الآن في كسر احتكارية الذكور للمناصب القيادية".

وأوضح صادق في تصريح لـ"جسور بوست" أن أول دستور أمريكي صدر عام 1789 لم يمنح المرأة أو العبيد (السود) حق التصويت أو الترشح في الانتخابات، وشهدت الولايات المتحدة على مدار تاريخها معارك اجتماعية دامية لتحرير العبيد ومنح النساء حق التصويت والترشح في الانتخابات.

وأضاف: "بدأت المطالب بحق النساء في التصويت والترشح في الولايات المتحدة عام 1848 ورغم ذلك لم تحصل المرأة على حقوقها السياسية والانتخابية سوى في عام 1920، وهو ما يعكس حجم الممانعة التي واجهتها النساء لإقرار حقوقهن في المشاركة السياسية".

ومضى صادق قائلا: “النظام الانتخابي في أمريكا تتحكم فيه اعتبارات الثقافة الجمعية، وتمويلات رجال الأعمال، وهي عوامل تظل عصية على كسر المعوقات الجندرية، بخلاف أوروبا التي تتقدم عن الولايات المتحدة بمراحل في ما يتعلق باحتكارية الذكور للمناصب القيادية”.

وتابع: "شريحة كبيرة من المجتمع الأمريكي تميل إلى المحافظة، وهو اتجاه يرفض تولي النساء منصب الرئاسة، وهذا ما يتطلب بالضرورة تغيير السياسة الانتخابية، وتشجيع الأحزاب للمرأة على المشاركة السياسية وإقبال رجال الأعمال على تمويل الحملات الانتخابية للنساء".

 10 نساء حاولن الوصول للبيت الأبيض

وتتضمن قائمة المرشحات في انتخابات الرئاسة الأمريكية أسماء عدة، في ما يلي مجموعة من أبرز النساء اللاتي خضن مرحلة أو مراحل عدة من الانتخابات الرئاسية:

فيكتوريا وودهل (1872)

أول امرأة تترشح لمنصب الرئيس في تاريخ الولايات المتحدة، ممثلة عن الحزب الوطني للمساواة في الحقوق، ورغم أن النساء لم يكن لديهن حق التصويت آنذاك، فإن فيكتوريا وودهل كانت رائدة في مجال حقوق المرأة وحرية التعبير والمساواة بين الجنسين.

وواجهت وودهول تحديات عديدة، بما في ذلك الاعتقال بتهمة نشر مواد "فاحشة" في البريد وفقا لقوانين "كومستوك" في ذلك الوقت، وقضت يوم الانتخابات في السجن.

بيلفا لوكوود (1884)

إحدى الرائدات في مجال حقوق المرأة والسياسة الأمريكية، وكانت من أوائل النساء اللاتي ترشحن لمنصب رئيس الولايات المتحدة، وقامت بصياغة قانون أقره الكونغرس سمح للنساء بمزاولة مهنة المحاماة أمام المحكمة العليا في الولايات المتحدة، ثم أصبحت أول محامية تمارس عملها أمام المحكمة، وقد عُرفت بإنجازاتها التي كانت تُعد غير مألوفة في عصرها، إذ كانت محامية بارزة وناشطة في مجال حقوق المرأة.

شيرلي أنيتا تشيشولم (1972)

أول امرأة أمريكية من أصل إفريقي تسعى للحصول على ترشيح حزب كبير لمنصب رئيس الولايات المتحدة، وقامت بحملة في جميع أنحاء البلاد وكانت على بطاقة الاقتراع في 12 انتخابات تمهيدية، وحصلت على 151.95 صوتا من أصوات المندوبين في المؤتمر الوطني الديمقراطي.

وكانت شيرلي تشيشولم مدافعة قوية عن حقوق المرأة وحقوق الأفارقة الأمريكيين، وقد أثرت مواقفها الجريئة والمستقلة في السياسة الأمريكية بشكل ملحوظ، ما جعلها شخصية ملهمة للأجيال اللاحقة، كما كانت أول امرأة سوداء دخلت الكونغرس في عام 1969، وشاركت بفاعلية في قضايا الحقوق المدنية والمساواة.

إلين مكورماك (1976-1980)

سياسية أمريكية وناشطة في مجال حقوق الحياة، وواحدة من أولى النساء اللائي ترشحن للرئاسة عن حزب كبير، حيث ترشحت مكورماك للرئاسة مرتين في عامي 1976 و1980، ممثلة التيار المحافظ، وكانت من أبرز المدافعين عن قضايا مناهضة الإجهاض.

وكانت مكورماك أول امرأة تحصل على تمويل حكومي لحملتها الانتخابية، بفضل تبرعات مؤيديها من التيار المحافظ ومجتمع مناهضة الإجهاض، وكانت حملتها تركز بشكل أساسي على قضايا حقوق الحياة ومعارضة الإجهاض، وأسهمت في تسليط الضوء على هذه القضايا على المستوى الوطني.

ورغم عدم فوزها بالرئاسة أو حتى الحصول على نسبة مرتفعة من الأصوات، فإن حملاتها كانت رمزاً لقوة الحراك الاجتماعي والسياسي المحافظ آنذاك، وأسهمت في دفع قضايا حقوق الحياة إلى الواجهة، حيث كانت صوتاً مؤثراً لمجتمع المحافظين.

وكانت نموذجًا للمرأة المحافظة التي استطاعت لفت الأنظار إلى القضايا التي تدافع عنها، وتعتبر حملتها الرئاسية في السبعينيات علامة بارزة في تاريخ النساء الأمريكيات في السياسة، وخاصة في ما يتعلق بتمثيل الأصوات المحافظة في الانتخابات الرئاسية.

لينورا فولاني (1988)

سياسية وناشطة أمريكية، معروفة بكونها أول امرأة وأول أميركية من أصل إفريقي، تظهر على بطاقات الاقتراع الرئاسي في جميع الولايات الخمسين، حيث ترشحت للرئاسة في انتخابات عام 1988 كمستقلة عن حزب التحالف الجديد، وتمكنت من الحصول على الأصوات في جميع الولايات، وهو إنجاز لم يحققه أحد من قبل من خارج الحزبين الرئيسيين.

ورغم أنها لم تحقق نتائج قوية، فإن ترشحها كان رمزاً لكسر الحواجز أمام النساء والأقليات في السياسة الأمريكية، حيث كانت فولاني من أبرز الداعمين للإصلاح الانتخابي، وخاصة في ما يتعلق بدعم الأصوات المستقلة وتحدي هيمنة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، كما اهتمت بالقضايا الاجتماعية والتعليمية وسعت لتعزيز العدالة الاقتصادية.

ولم تصل لينورا فولاني إلى مناصب تنفيذية، إلا أن عملها كان له أثر طويل الأمد في زيادة الوعي حول ضرورة الإصلاح السياسي وتوسيع الخيارات الانتخابية للأميركيين، وفتحت الباب للعديد من المرشحين المستقلين والأصوات غير التقليدية في السياسة.

سينثيا ماكيني (2008)

سياسية أمريكية وناشطة حقوقية، وعضو سابق في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية جورجيا، وتعد من أبرز الأصوات التقدمية في السياسة الأمريكية، إذ عرفت بمواقفها الجريئة وآرائها المناهضة للحروب والناقدة للسياسات الخارجية الأمريكية.

وانتُخبت ماكيني لأول مرة لمجلس النواب عام 1992 كأول امرأة سوداء تمثل جورجيا في الكونغرس، ثم ترشحت للرئاسة في عام 2008، عن حزب الخضر الأمريكي، ما جعلها واحدة من القلائل من النساء الأمريكيات السوداء اللائي يترشحن للرئاسة.

وركزت حملتها على قضايا العدالة البيئية وحقوق الإنسان ومعارضة الحروب وإصلاح النظام الانتخابي، كما كانت ناشطة مدافعة عن حقوق الفلسطينيين وحقوق الأقليات، وقد شاركت في حملات وفعاليات دولية تدعو للسلام والمساواة.

ميشيل باكمان (2012)

سياسية أمريكية وعضو سابق في مجلس النواب الأمريكي، وتعد شخصية بارزة في حزب الجمهوريين وكانت معروفة بآرائها المحافظة القوية التي تركزت على تقليل دور الحكومة وخفض الضرائب، كما عُرفت بمواقفها المحافظة في العديد من القضايا، مثل معارضتها الصريحة لزواج المثليين، وانتقاداتها سياسات أوباما الاقتصادية وبرامج الرعاية الصحية، مثل قانون الرعاية الصحية الميسر (أوباما كير).

وترشحت باكمان للانتخابات الرئاسية في عام 2012، حيث ترشحت للانتخابات التمهيدية عن الحزب الجمهوري، ورغم أنها كانت في البداية من المرشحين البارزين، انسحبت من السباق بعد أداء ضعيف في الانتخابات التمهيدية.

وعقب تقاعدها من الكونغرس في عام 2015، استمرت باكمان في التأثير السياسي من خلال مشاركاتها في منظمات محافظة وظهورها الإعلامي، وتميزت بمواقفها الصارمة وتصريحاتها المثيرة للجدل، ما جعلها شخصية مؤثرة ضمن الأوساط المحافظة في السياسة الأمريكية.

جيل ستاين (2012- 2016)

طبيبة وناشطة بيئية وسياسية أمريكية، اشتهرت بترشحها مرتين للرئاسة عن حزب الخضر في الولايات المتحدة، وبرزت كواحدة من أبرز الأصوات المناهضة للسياسات التقليدية في أمريكا، خاصة في ما يتعلق بالقضايا البيئية والعدالة الاجتماعية.

ترشحت ستاين للرئاسة لأول مرة في عام 2012 عن حزب الخضر، ثم في عام 2016، وخلال حملتها الانتخابية نادت ببرنامج "الصفقة الخضراء" الذي يقترح تحولًا اقتصاديًا مستدامًا يعتمد على الطاقة المتجددة، والاستثمار في البنية التحتية البيئية، وخلق وظائف جديدة في مجالات الطاقة النظيفة.

وتعد جيل ستاين واحدة من الشخصيات التي تسعى لكسر احتكار الحزبين الرئيسيين للسياسة الأمريكية، حيث تمثل صوتًا بديلاً يركز على البيئة، والعدالة الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق الإنسان.

هيلاري كلينتون (2016)

أول امرأة تترشح رسميًا عن حزب رئيسي لمنصب الرئاسة، حيث فازت بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات 2016، وهيلاري كلينتون كانت ذات مسيرة سياسية طويلة كسيدة أولى وكسيناتور ووزيرة خارجية، ورغم خسارتها أمام دونالد ترامب، فقد حققت سابقة تاريخية كأول امرأة تحصل على دعم حزب رئيسي للرئاسة.

على مدى حياتها المهنية، ركزت كلينتون على قضايا حقوق وتمكين المرأة، وقدمت عدة مبادرات لتعزيز حقوق الإنسان محليًا وعالميًا، كما دعمت قضايا الأطفال والأسر، وركزت على بناء السياسات التي تعزز المساواة الاجتماعية.

وتظل هيلاري كلينتون واحدة من الشخصيات الرائدة والمثيرة للجدل في السياسة الأمريكية، إذ تمثل نموذجًا للنساء الطموحات اللائي يسعين لكسر الحواجز التقليدية، وتدافع عن سياسات التقدم الاجتماعي وتعزيز مكانة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي.

كامالا هاريس (2024)

سياسية ومحامية أمريكية، شغلت منصب نائبة رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، وأصبحت أول امرأة وأول أمريكية من أصول إفريقية وجنوب آسيوية تصل إلى هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة، حيث عُرفت هاريس بمواقفها التقدمية، وأصبحت من الشخصيات البارزة في الحزب الديمقراطي، حيث ركزت على العدالة الاجتماعية والإصلاح الجنائي وحقوق الإنسان.

ورغم خسارة هاريس أمام منافسها الجمهوري الرئيس دونالد ترامب، فإنها تعتبر رمزًا للنساء والأقليات في الولايات المتحدة، حيث تمثل التغيير والفرص المتاحة في النظام السياسي الأمريكي، وتؤكد بأدائها أهمية التنوع في القيادة وتعزيز حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية