مع تفاقم الأزمة الإنسانية.. هل تكفي التصريحات الأمريكية لإنقاذ غزة من الحصار والقتل؟

مع تفاقم الأزمة الإنسانية.. هل تكفي التصريحات الأمريكية لإنقاذ غزة من الحصار والقتل؟
النزوح في قطاع غزة

في مشهد يبدو كأنه أخرج من صفحات الكوارث الإنسانية العالمية، تتوالى الأحداث الكارثية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ما بين مشاهد القصف المتواصل والنقص الحاد في الاحتياجات الأساسية، وتزايد أعداد الضحايا، رُسمت لوحة مؤلمة لقطاع كان يعاني أصلاً من حصار دام قرابة 17 عامًا.

تأتي تصريحات السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، في هذا السياق لتبرز وجهة النظر الأمريكية حيال الكارثة، مؤيدة وجوب توقف إسرائيل عن سياسات من شأنها التسبب في التهجير القسري أو فرض حصار يؤدي إلى تجويع سكان غزة، وهي تصريحات تحمل في طياتها إقرارًا ضمنيًا بواقع الظلم والجوع الذي يعانيه الفلسطينيون هناك.

الأرقام تصرخ بأن الوضع بات أزمة إنسانية من الطراز الأول، وفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فهناك ما لا يقل عن 1.2 مليون فلسطيني قد تم تهجيرهم داخليًا في غضون أسابيع قليلة فقط منذ بداية التصعيد، ما يمثل نحو نصف سكان القطاع. 

يُضاف إلى ذلك أن العديد من المباني السكنية والمرافق الطبية والمدارس قد تعرضت للتدمير أو الضرر الكبير، مما حرم الأهالي من الأماكن الآمنة للجوء إليها. 

وفي ظل تلك الظروف، يصبح الحديث عن التهجير القسري ذا مغزى أعمق، حيث لا يقتصر الأمر على عمليات ترحيل منظّمة، بل بات كل قصف جديد يسهم في تهجير المزيد من المدنيين الذين باتوا يفتقدون أدنى شروط الحياة.

تجويع سكان القطاع

ولا يتوقف الخطر عند التهجير القسري، بل يمتد ليشمل تجويع سكان القطاع، وهو ما حذرت منه غرينفيلد بوضوح، مشددة على أن فرض حصار صارم يؤدي إلى شح الغذاء والمياه هو أمر غير مقبول. 

ويشير برنامج الأغذية العالمي إلى أن 82% من الأسر في غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، في حين أن نسبة الفقر تلامس 56% من مجموع السكان، وهي نسبة مأساوية بحد ذاتها، لكنها تتفاقم تحت وطأة حصار يحد من القدرة على استيراد المواد الغذائية والأدوية والوقود.

ويأتي ذلك وسط شح مزمن في الماء الصالح للشرب؛ إذ لا يتجاوز معدل إمداد سكان غزة بالمياه النقية سوى 10 لترات يوميًا للفرد، ما يعتبر أقل بكثير من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية والبالغ 50 لترًا يوميًا.

وتُعتبر تصريحات غرينفيلد صدى لمخاوف دولية تتزايد حول انتهاك الحقوق الإنسانية في غزة، وخاصة في ظل موجات القصف المتلاحقة التي تستهدف البنية التحتية المدنية بوضوح. وبحسب إحصاءات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فقد تم تدمير أو تضرر أكثر من 80 مدرسة، و23 مستشفى أو مركز طبي، ما يجعل من تقديم الرعاية الصحية شبه مستحيل وسط هذا الدمار المتصاعد. 

وفي تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية، أشارت المنظمة إلى أن نقص الأدوية وصل إلى حد يجعل القطاع عاجزًا تمامًا عن مواجهة الاحتياجات الطبية للجرحى والمرضى، إذ لم يعد يتوفر سوى 12% من احتياجات المستشفيات الأساسية، ما يضع حياة الآلاف من المرضى على المحك.

اقتصاد غزة جثة هامدة

وفي ما يتعلق بالآثار الاقتصادية، فإن الحصار المتواصل وسياسات منع الصادرات والواردات، بالإضافة إلى استهداف المنشآت الاقتصادية والبنية التحتية، قد جعلت من اقتصاد غزة جثة هامدة، دون أي فرصة للانتعاش على المدى القريب. 

وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن نسبة البطالة في غزة تجاوزت 49% منذ بدء الأزمة الحالية، في حين أن معدلات الفقر تزايدت لتشمل 80% من الأسر، ويعزى هذا التدهور إلى غياب الاستثمار وتوقف النشاط الاقتصادي والشلل التام الذي تعانيه معظم القطاعات الإنتاجية، ما يجعل شريحة واسعة من السكان غير قادرة على تأمين أدنى مقومات الحياة.

وقد يكون التهجير القسري الذي تطرقت إليه غرينفيلد هو أكثر جوانب الأزمة الإنسانية وضوحًا، لكن الوضع يتجاوز بكثير مسألة التهجير وحدها، ليشمل حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية في السكن والتعليم والعلاج. 

وتشير التقارير إلى أن هناك حاجة عاجلة لإغاثة مستدامة لتلبية احتياجات السكان، وذلك يتطلب توفير 800 مليون دولار على الأقل وفق تقديرات الأمم المتحدة، لكن التمويل يواجه تحديات بسبب التوترات السياسية. 

وتشير أرقام الأوتشا إلى أن الأمم المتحدة لم تتلقَ حتى الآن سوى 23% من احتياجاتها المالية اللازمة للاستجابة للأزمة في غزة، ما يضعها في موقف صعب لتوفير الدعم الأساسي للسكان المحاصرين.

وتكشف أرقام الأونروا أن ما يقارب 600,000 فلسطيني يعتمدون بالكامل على المساعدات الغذائية المقدمة من الوكالة لكن مع شح الموارد والتمويل، أصبحت الوكالة تواجه صعوبات في تلبية احتياجات تلك الأسر، وتعاني الأونروا من نقص التمويل المزمن، وقد أصدرت تحذيرات من أنها قد تضطر إلى تقليص خدماتها بشكل كبير، ما سيزيد من معاناة السكان ويجعلهم أكثر عرضة للجوع ونقص الخدمات الأساسية.

وتتجلى الأبعاد الإنسانية للأزمة أيضًا في أوضاع الأطفال الذين يشكلون نصف سكان القطاع تقريبًا، حيث تشير بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى أن الأطفال يشكلون الفئة الأكثر تضررًا من النزاع. فبحسب تقرير صدر عن المنظمة، يُعاني 90% من أطفال غزة من اضطرابات نفسية مرتبطة بالتوتر والخوف بسبب الأوضاع المتوترة.

كما أن كثيرين منهم فقدوا منازلهم وأحباءهم، وأضحوا يعيشون في ظروف تفتقر إلى الاستقرار والأمان، وتؤكد تقارير اليونيسف أيضًا أن نحو 400,000 طفل يحتاجون إلى دعم نفسي عاجل لمساعدتهم على تجاوز آثار الصدمة التي تعرضوا لها خلال الأسابيع الأخيرة.

استخدام التجويع كسلاح

يعتبر استخدام التجويع كسلاح من أكثر الانتهاكات إثارة للقلق، لا سيما أنه يتعارض مع القانون الدولي الإنساني، وتشير اتفاقيات جنيف بوضوح إلى حظر استخدام التجويع كوسيلة للحرب، إلا أن الظروف الحالية في غزة تشير إلى أن التجويع قد أصبح واقعًا يعيشه الأهالي كل يوم، هذا الواقع الصارخ يتطلب جهودًا دولية ملموسة لتحميل الأطراف المعنية مسؤولية الالتزام بالقوانين الدولية وتوفير الإمدادات الغذائية والطبية، والتي أصبحت في حدها الأدنى، ما يؤدي إلى معاناة واسعة النطاق.

وعلى الرغم من جهود الأمم المتحدة في توزيع المساعدات، فإن الحصار يحول دون وصول تلك المساعدات بكفاءة، ورغم أن العديد من الدول والمنظمات الإنسانية تقدم التبرعات، فإن التعقيدات اللوجستية والسياسية تؤدي إلى تأخير توزيعها، مما يحرم الآلاف من فرصة الاستفادة منها في الوقت المناسب، تقف الأمم المتحدة، في ظل هذه الظروف، أمام تحدٍ حقيقي يتمثل في توفير ممرات آمنة تتيح للمساعدات الوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها.

وتجسد تصريحات غرينفيلد رؤية تستند إلى أهمية اتخاذ خطوات جادة لوقف النزيف الإنساني في غزة، فهي تشدد على أن الأمل في تحسين الأوضاع لا يمكن أن يتحقق إلا عبر سياسات تتجنب التهجير والتجويع، وتراعي حقوق السكان واحتياجاتهم الأساسية، يعتبر هذا التصريح نقطة بداية مهمة، لكنه بحاجة إلى دعم دولي وأممي لتفعيل القرارات ذات الصلة، والضغط على إسرائيل لتغيير سياساتها وتخفيف قيود الحصار.

ودعت العديد من المنظمات الحقوقية إلى تفعيل الآليات القانونية اللازمة لمحاسبة الجهات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان في غزة، إذ تؤكد منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن السياسات الإسرائيلية المتبعة تجاه القطاع تنتهك القانون الدولي، وأنها تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية إلى حد غير مقبول.

وتستند هذه الدعوات إلى تقارير ميدانية تؤكد أن الأزمة في غزة لم تعد مجرد نزاع عابر، بل تحولت إلى كارثة إنسانية تزداد تعقيدًا مع كل يوم.

انتهاكات إسرائيل في غزة

وقال خبير حقوق الإنسان علي بن زيد، إن تصريحات السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، تطرح تساؤلات حيوية حول حدود احترام حقوق الإنسان في سياق النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، الذي طالما كانت فيه الانتهاكات الإنسانية محط اهتمام منظمات حقوق الإنسان الدولية والمجتمع الدولي بشكل عام، إن هذه الدعوة، رغم كونها تصب في إطار الحماية الإنسانية وحقوق المدنيين، فإنها تظل ناقصة من حيث تفعيل الأطر القانونية الدولية وتطبيقها بشكل فعلي على أرض الواقع.

وتابع في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن التهجير القسري، الذي يذكره خطاب السفيرة، يعد من أكثر الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها المناطق المتأثرة بالنزاعات المسلحة، إذ ينص القانون الدولي على أن التهجير القسري يشكل انتهاكًا صريحًا لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية؛ فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر النقل الجماعي والتهجير القسري للسكان، سواء كان هذا النقل لأسباب أمنية أو لأي سبب آخر، وعليه فإن أي سياسة تستهدف تغيير التركيبة السكانية للمناطق من خلال تهجير المدنيين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تُعد خرقًا للاتفاقيات الدولية وتهدد استقرار المجتمعات، ما يزيد من خطورة هذه السياسات في حالة غزة هو أن آلاف الفلسطينيين يعيشون في قطاع محاصر منذ سنوات، وهم يعانون من ظروف إنسانية قاسية تفاقمها الحروب المتتالية، وهو ما يجعل أي محاولة للتهجير بمثابة جريمة ضد الإنسانية.

وأضاف الخبير الحقوقي: أما في ما يتعلق بالحصار المفروض على غزة فقد أظهرت التقارير الأممية مرارًا وتكرارًا أن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع يمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية، من ضمنها الحق في الغذاء والدواء والتعليم، كما أن الحصار تسبب في نقص شديد في المواد الغذائية الأساسية، مما دفع نسبة كبيرة من سكان غزة إلى الوقوع تحت خط الفقر المدقع، هذا التجويع المتعمد للمجتمع الفلسطيني يُعتبر انتهاكًا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفقًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي تلتزم الدول الأطراف فيه بضمان حقوق الأفراد في الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية.

وشدد على أن التحذير الذي أطلقته السفيرة الأمريكية يعكس اهتمامًا دوليًا في معالجة هذه الانتهاكات، لكن لا يمكننا أن نغفل عن أن التصريحات وحدها لا تكفي دون تطبيق فعلي للآليات القانونية الدولية، من الأهمية بمكان أن تكون هذه التصريحات مصحوبة بتحركات ملموسة من قبل المجتمع الدولي لضمان وقف هذه السياسات، ومن ذلك الضغط على إسرائيل للامتثال لقرارات الأمم المتحدة التي ترفض فرض الحصار وتهجير السكان، من الضروري أن تتم محاسبة الأطراف المسؤولة عن هذه الانتهاكات في محاكم دولية حتى يكون هناك ردع فعلي لهذه السياسات غير الإنسانية.

وأشار الخبير الحقوقي إلى أن القضية الفلسطينية تمثل أيضًا اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الدول الكبرى والمجتمع الدولي بمبادئ حقوق الإنسان التي تتغنى بها في المحافل الدولية، فإسرائيل رغم انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في غزة لا تزال تحظى بدعم سياسي واسع من بعض الدول، وهو ما يعكس تناقضًا بين القول والفعل في تعامل المجتمع الدولي مع هذه القضية، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الدول الغربية، ومن ضمنها الولايات المتحدة، على حقوق الإنسان في كل مكان، يتوجب عليها أن تترجم هذا الالتزام إلى مواقف سياسية وإجراءات عملية تدين هذه الانتهاكات وتعمل على وقفها.

وذكر: لا يمكننا أن نتجاهل الأثر النفسي العميق الذي تتركه هذه السياسات على السكان المدنيين في غزة الأطفال، على سبيل المثال، يعانون من اضطرابات نفسية شديدة بسبب استمرار العنف والتهجير القسري، بالإضافة إلى الحرمان من أسس الحياة الأساسية مثل الغذاء والماء، إذ ينتهك الحصار بشكل مباشر الحق في النمو السليم للأطفال، وهو ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل، كما أن استمرار هذه السياسات يؤثر على التماسك الاجتماعي في القطاع، ويعزز مشاعر الكراهية واليأس بين السكان، مما يعقد فرص الوصول إلى حل سياسي طويل الأمد للصراع.

وأتم: التعامل مع غزة ليس مجرد مسألة تقديم مساعدات إنسانية، بل يتطلب إعادة النظر في السياسات التي أدت إلى هذه المعاناة المستمرة. فالتصريحات التي تدعو إلى تجنب التهجير القسري والحصار تتطلب تحركات عملية فورية من المجتمع الدولي لوقف السياسات الإسرائيلية، وحماية حقوق الفلسطينيين بشكل فعال، من خلال قرارات ملزمة تحترم حقوق الإنسان وتعمل على إيقاف العدوان على سكان غزة.

انتهاك صارخ للقانون الدولي

قال خبير القانون الدولي، فهمي القناوي، إن تصريحات السفيرة أعادت تسليط الضوء على ضرورة تجنب إسرائيل للسياسات التي قد تؤدي إلى التهجير القسري أو فرض حصار يعرض السكان في القطاع للجوع، هذه التصريحات تكتسب أهمية خاصة في وقت تعيش فيه غزة حالة من الدمار الواسع والأزمة الإنسانية الخانقة، عقب التصعيد العسكري الأخير في أكتوبر 2023، فالقوانين الدولية، وعلى رأسها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، تمنع بشكل قاطع كل أشكال التهجير القسري واستخدام الحصار كوسيلة للتجويع أو الضغط على المدنيين.

وتابع القناوي، في تصريحات لـ"جسور بوست": بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وخاصة المادة 49 منها، فإن الاحتلال العسكري لا يحق له ترحيل السكان المدنيين من الأراضي المحتلة أو نقلهم إلى أماكن أخرى، تحت أي ظرف من الظروف، هذه المادة تعتبر أن التهجير القسري يعد خرقًا خطيرًا لقواعد الحرب، ويعرض الدول التي ترتكبه للمسؤولية القانونية الدولية… ويُعد أي تجميع للسكان الفلسطينيين في مناطق محددة لغرض الفصل أو التضييق عليهم خرقًا إضافيًا للقانون الدولي، ويؤدي إلى انتهاك مبدأ حرية التنقل الذي تكفله القوانين الدولية.

وأضاف أن حصار غزة يندرج ضمن ممارسات تثير القلق بموجب القانون الدولي، فقد أقرّت محكمة العدل الدولية في أكثر من مناسبة أن فرض حصار على منطقة مأهولة بالسكان، حيث يتم منع وصول المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء، يشكل انتهاكًا خطيرًا للحقوق الإنسانية الأساسية، ذلك أن مبدأ الإنسانية في النزاعات المسلحة يقتضي حماية المدنيين من أي أفعال قد تؤدي إلى معاناتهم بشكل لا مبرر له، وهو ما يعكسه البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، الذي ينص على ضرورة توفير المواد الأساسية للسكان المدنيين في حالات الحصار، كما أن تصريحات السفيرة الأمريكية تتماشى مع مواقف الدول التي تدعو إلى تطبيق الحظر على استخدام الحصار كوسيلة عقاب جماعي. 

وشدد على أن الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007 أسفر عن تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية هناك، فالأرقام الأخيرة تشير إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة تجاوزت 50%، في حين أن أكثر من 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة للأوضاع الإنسانية في غزة… هذا الواقع يُعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية للمواطنين في غزة، خاصة حقهم في الغذاء والطبابة والسكن، وهي حقوق تكفلها المواثيق الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وتابع: يثير الحصار الإسرائيلي على غزة تساؤلات حول تأثيره على حرية الوصول إلى المساعدات الإنسانية ففي حين أنه يجب على الأطراف المتنازعة في نزاع مسلح أن تضمن الوصول الإنساني إلى المدنيين المحاصرين، فقد شهدت غزة تأخيرات مستمرة في إيصال المساعدات الأساسية بسبب القيود الإسرائيلية، هذا الحصار لا يقتصر فقط على منع وصول الغذاء والدواء، بل يتجاوز ذلك ليشمل المواد الأولية للبنية التحتية، مثل مواد البناء، ما يعقد بشكل كبير عملية إعادة إعمار غزة بعد الهجمات العسكرية المتكررة.

وأتم: تجنب السياسات التي قد تؤدي إلى تهجير قسري أو فرض حصار من شأنه تجويع السكان يجب أن يكون ضمن أولويات المجتمع الدولي.. وفي هذا السياق، لا يمكن النظر إلى تصريحات السفيرة الأمريكية بمعزل عن هذا السياق الحقوقي، بل هي دعوة صريحة للمجتمع الدولي لتفعيل أدوات المحاسبة القانونية، فانتهاك قواعد الحرب وحقوق الإنسان في غزة لا يمكن أن يستمر دون أن يواجه المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية تجاه الحفاظ على السلامة الإنسانية وحماية حقوق المدنيين في النزاعات المسلحة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية