«الغارديان»: تحقيق في تسرب مواد كيميائية لمياه الشرب من قواعد عسكرية بريطانية
خطر يمتد لعقود
فتحت وزارة الدفاع البريطانية تحقيقاً رسمياً حول تسرب محتمل لمواد كيميائية سامة من ثلاث قواعد عسكرية إلى مصادر مياه الشرب ومناطق بيئية حساسة، بعد تحذيرات من تهديدات طويلة الأمد على صحة الإنسان والنظم البيئية.
أداة جديدة تكشف "مواقع التلوث"
كشفت صحيفة" الغارديان" الأحد، أن السلطات البريطانية حددت قواعد "مارهام" في نورفولك، و"آر إم تشيفينور" في ديفون، و"إيه إيه سي ميدل والوب" في هامبشاير، كمواقع ذات "أولوية عالية" للتحقيق، باستخدام أداة تقييم طوّرتها وكالة البيئة البريطانية لرصد مخاطر التلوث بـ"المواد الكيميائية المشبعة بالفلورو ألكيل" المعروفة اختصاراً بـ(PFAS).
وتقع قاعدتا "مارهام" و"ميدل والوب" ضمن مناطق مخصصة لحماية مياه الشرب، في حين تقع قاعدة "تشيفينور" على مقربة من مياه محمية للمحار ونهر تاو، الذي يُعد موطناً أساسياً لأسماك السلمون.
التلوث يمتد إلى داخل المنشآت
صرّح البروفيسور هانز بيتر أرب، من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، بأن تلوث القواعد العسكرية البريطانية ليس حالة استثنائية، مؤكداً أن معظم القواعد في أوروبا والعالم استخدمت كميات كبيرة من رغاوي الإطفاء التي تحتوي على PFAS. وأضاف أن هذه المواد "موجودة حالياً بكثافة في التربة والمياه الجوفية وحتى في البنى الخرسانية داخل هذه المنشآت".
وأعرب عن قلقه من أن التسرب الحالي استغرق عقوداً حتى بلغ مستوياته الحالية، محذراً من أن "المزيد من المواد الملوثة سيواصل التسرب في السنوات المقبلة ما لم يتم إطلاق عمليات تنظيف واسعة وفورية".
لجنة برلمانية تفتح تحقيقاً بيئياً واسعاً
أعلنت لجنة التدقيق البيئي في البرلمان البريطاني عن فتح تحقيق رسمي هذا الشهر بشأن التلوث بمركبات PFAS واللوائح الناظمة لها على مستوى المملكة المتحدة، ويخشى نشطاء بيئيون وعلماء من أن التقاعس عن فهم ومعالجة حجم هذه الأزمة سيؤدي إلى تفاقم آثارها الصحية والبيئية.
ملوثات لا تتحلل
تُعد مركبات PFAS مجموعة من المواد الكيميائية الاصطناعية التي استُخدمت لعقود في رغاوي إطفاء الحرائق وفي عدد كبير من المنتجات الصناعية والمنزلية مثل أواني الطهو غير اللاصقة والأقمشة المقاومة للماء ومستحضرات التجميل.
وتتميز هذه المركبات بأنها لا تتحلل بسهولة في الطبيعة، ما يجعلها تتراكم في التربة والمياه، وتنتقل لاحقاً إلى أجسام البشر والحيوانات، وقد رُبط التعرض المزمن لها بأمراض خطرة، من بينها أنواع من السرطان، واضطرابات في الجهاز المناعي والتكاثر.
تُعرف مركبات PFAS دولياً باسم "المواد الكيميائية الأبدية" بسبب بقائها في البيئة لفترات طويلة، وقد أُدرجت ضمن المواد المثيرة للقلق في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، ويُعد التلوث الناتج عنها أحد أبرز التحديات البيئية في العصر الحديث، حيث لا تزال آثارها تتكشف في أنظمة المياه والغذاء والصحة العامة.