"واشنطن بوست": نصف مليون ناخب في تكساس مهددون بالإقصاء
بسبب قانون إثبات الجنسية
تبنّت ولاية تكساس مشروع قانون يلزم الناخبين بإثبات الجنسية الأمريكية، ضمن حملة يقودها الجمهوريون تهدف لتشديد شروط التصويت، خاصة في ظل دعم الرئيس دونالد ترامب.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الأحد، سعى مشرعو مجلس النواب إلى تمرير القانون بعد موافقة مجلس الشيوخ، وسط جدل واسع بشأن تأثيره في فئات بعينها من المجتمع، خاصة النساء المتزوجات أو المطلقات اللاتي غيرن أسماءهن.
واعتبر مؤيدو القانون أنه ضروري لحماية الانتخابات من أي تدخل خارجي أو محاولات تصويت غير قانوني من غير المواطنين، في حين حذر معارضون من أنه قد يُقصي مئات الآلاف من المواطنين المؤهلين، خصوصًا ممن يصعب عليهم الحصول على الوثائق المطلوبة، أو ممن لا تتطابق أسماؤهم في السجلات الرسمية.
وأكد مدافعون عن حقوق التصويت أن النساء اللاتي يغيرن أسماءهن بسبب الزواج أو الطلاق قد يجدن أنفسهن خارج قوائم الناخبين، لعدم تطابق أسمائهن في الوثائق، مثل شهادات الميلاد، ورخص القيادة، وجوازات السفر.
أوضح مدير السياسات الأول في منظمة "الديمقراطية الآمنة"، دانيال جريفيث، أن القانون الجديد قد يُقصي عددًا كبيرًا من المواطنين بسبب تعقيدات توثيق الجنسية، رغم أن حالات تصويت غير المواطنين نادرة جدًا.
وبيّن جريفيث أن معالجة هذه الظاهرة النادرة بقانون شامل كهذا قد يؤدي إلى ضرر واسع النطاق بحق المواطنين المؤهلين، مضيفًا: "السعي لمنع قلة قليلة من غير المواطنين من التصويت سيستبعد حتمًا عددًا أكبر بكثير من المواطنين الفعليين".
معارضة في القضاء الفيدرالي
وقع الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا في مارس يلزم بتوثيق الجنسية للتسجيل في الانتخابات، إلا أن القضاء أوقف العمل به لاحقًا.
تفرض أربع ولايات أمريكية فقط، حتى الآن، تقديم إثبات الجنسية بشكل إلزامي، وتستعد 24 ولاية أخرى، منها تكساس، لاعتماد إجراءات مشابهة، في ظل تسارع المقترحات المرتبطة بسياسات الهوية والانتخابات.
وشدد الجمهوريون على أن القانون الجديد لن يُعوق الناخبين الشرعيين، مشيرين إلى أن معظم المواطنين يمكنهم الحصول على الوثائق المطلوبة بسهولة.
وفي المقابل، نبّه الديمقراطيون إلى أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى عزوف فئات واسعة من الناخبين ذوي الدخل المنخفض أو المنتمين للأقليات عن المشاركة الانتخابية.
خطر الإقصاء من التصويت
قدّرت سلطات الانتخابات في الولاية أن قرابة 500 ألف من أصل 18.6 مليون ناخب مسجل يفتقرون إلى الوثائق الرسمية المطلوبة لإثبات الجنسية، مثل أرقام الضمان الاجتماعي أو رخص القيادة.
يشترط مشروع القانون تقديم وثائق مثل جواز سفر أو شهادة ميلاد أو أوراق تجنيس للناخبين الجدد، دون تقديم بدائل واضحة للأشخاص الذين فقدوا هذه المستندات أو لا تتطابق أسماؤهم فيها.
وتغيب الإرشادات الرسمية بشأن كيفية تعامل مسؤولي الانتخابات مع الأسماء المختلفة أو الوثائق غير المتطابقة، ويتوقع أن تختلف التفسيرات والإجراءات من مقاطعة إلى أخرى، إذ يمنح القانون كل مقاطعة من الـ254 في الولاية صلاحية تحديد الوثائق المقبولة.
وأشارت المحامية في مجال سياسات حقوق التصويت في مشروع تكساس للحقوق المدنية، فيرونيكا وارمز، إلى أن نحو 80% من النساء يُغيرن أسماءهن عند الزواج، ما يجعلهن بحاجة لجوازات سفر حديثة لتسجيل أسمائهن المطابقة.
وقالت وارمز: "طلب جواز سفر لأول مرة يكلف نحو 130 دولارًا، وقد يرتفع المبلغ إذا كان الطلب مستعجلًا، ما يمثل عبئًا ماليًا على الكثيرات".
وروت الناخبة إيزابيلا راسل-إيدس، وهي ديمقراطية من مدينة دالاس وتبلغ 77 عامًا، أنها اضطرت لتقديم سلسلة طويلة من الوثائق لإثبات هويتها عند تجديد تصريح أمني، بما في ذلك شهادات زواج وطلاق وجواز سفر قديم.
وقالت راسل-إيدس:"عليك إثبات هويتك مرارًا، وقد لا يُقبل الأمر حتى بعد كل هذا العناء.. الأمر مرهق جدًا".
المهاجرات المجنسات
قالت ساندرا ماريا غارسيا روبيو، وهي مواطنة مجنسة تبلغ من العمر 54 عامًا وتعيش في فورت وورث، إنها قلصت اسمها عند التقدم بطلب التجنيس قبل ثلاثين عامًا بسبب طوله، ثم اختصرته مرة أخرى في بطاقة الضمان الاجتماعي.
رغم امتلاكها لجواز سفر يحمل اسمها الحالي، تخشى غارسيا من أن يؤدي عدم تطابق اسمها في باقي الوثائق إلى فقدان حقها في التصويت.
وسألت غارسيا بحيرة:"لا توجد وثيقة تطابق الأخرى تمامًا.. فهل سأتمكن من التصويت أصلًا؟".
وأوضحت نائبة رئيسة التشريع في اتحاد تكساس للنساء الجمهوريات، جيل تيت، أن النساء معتادات على تحديث وثائقهن في حالات الزواج أو الطلاق.
وقالت تيت: "النساء فعلن ذلك منذ عقود.. إنهن ذكيات، ولا أعتقد أننا نطلب الكثير".
وأكدت النائبة الجمهورية كاري إسحاق، وهي إحدى رعاة مشروع القانون، أن غالبية المواطنين يمتلكون الوثائق المطلوبة، أو يمكنهم الحصول عليها بسهولة.
صرّحت إسحاق:"لا أرى ما يدعو للقلق.. معظم المواطنين لن يشعروا بأي أثر لهذا التشريع".
وقالت كاري كينغ، وهي ناخبة من أوستن، إنها تخشى أن يؤدي القانون إلى تراجع نسبة المشاركة في التصويت، التي كانت أصلًا ثاني أدنى نسبة في البلاد العام الماضي.
أضافت كينغ:"أخشى أن يشعر الناس بالخوف من التسجيل، أو التردد في التصويت.. سيشعرون أنهم غير مرحب بهم".
وأكدت وزارة خارجية تكساس أنه لا يوجد شرط صريح في القانون بخصوص تطابق تام بين الأسماء في شهادة الميلاد واسم التسجيل الانتخابي، لكن غياب تعليمات رسمية لمسؤولي المقاطعات قد يترك المجال واسعًا لاجتهادات متباينة، وقد يفتح الباب أمام الطعن في أهلية بعض الناخبين.