حرائق غابات كندا تواصل زحفها وتهدد بلدات قرب فانكوفر
حرائق غابات كندا تواصل زحفها وتهدد بلدات قرب فانكوفر
واصلت حرائق الغابات تمددها بشكل مقلق في غرب كندا، مهددة مدناً وبلدات واقعة بالقرب من مدينة فانكوفر الكبرى، وسط تحذيرات من السلطات باحتمال تفاقم الأوضاع خلال الصيف مع اشتداد الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
وجاءت هذه التحذيرات في ظل موسم حرائق مبكر وغير مسبوق، يؤكد مرة أخرى على تصاعد المخاطر المناخية التي تواجه البلاد، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.
وشهدت مقاطعات عدة في كندا اندلاع عدد كبير من الحرائق منذ بداية الموسم، وسط ظروف مناخية جافة ورياح متقلبة تساهم في تسريع انتشار النيران، وخاصة في المناطق التي لم تشهد في السابق مثل هذه الحوادث بشكل منتظم.
وتُعد حرائق هذا العام ثاني أسوأ مواسم الحرائق في تاريخ البلاد بعد كارثة عام 2023 التي وصفت بالاستثنائية.
حرائق تلتهم مساحات ضخمة
التهمت ألسنة النيران حتى الآن نحو 3.5 مليون هكتار من الغابات، وهي مساحة تعادل تقريباً مساحة دولة بلجيكا، ما يعكس شدة الكارثة البيئية التي تواجهها البلاد.
وتكمن الخطورة في أن موسم الصيف لم يبلغ ذروته بعد، ما يثير قلق السلطات من استمرار تصاعد عدد الحرائق واتساع رقعتها الجغرافية.
سُجلت أعنف هذه الحرائق قرب بلدة سكواميش الواقعة على بُعد 65 كيلومتراً فقط شمال مدينة فانكوفر، والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 3 ملايين نسمة، ما يجعل احتمالات اتساع الحريق إلى مناطق حضرية مسألة وقت ما لم تتم السيطرة عليه سريعاً.
وتُعد سكواميش من المناطق الجبلية المحاطة بالغابات، ما يزيد من صعوبة احتواء الحرائق فيها.
دخان كثيف وقلق متصاعد
أفاد سكان محليون بأن النيران اقتربت بشكل مرعب من منازلهم، ما دفع كثيرين إلى نصب أنظمة رش المياه فوق أسطح منازلهم في محاولة لتقليل احتمالات اشتعالها.
وأظهرت صور ميدانية التقطها صحفيون من وكالة "فرانس برس" ألسنة اللهب وهي تُشاهد من شوارع البلدة، فيما غطى الدخان الكثيف الأفق ولف الغابات المحيطة.
وقال ماكس ويتنبرغ، أحد سكان سكواميش، "الوضع مخيف للغاية.. لم أتوقع أن تصل النار إلى هذا القرب من البلدة"، مضيفاً أن القلق يزداد مع كل ساعة تمر دون إخماد النيران.
وأعلن عدد من السكان أنهم بدؤوا بإعداد الحقائب وإخلاء الممتلكات الثمينة تحسباً لأوامر الإخلاء الوشيكة.
مخاوف من اتساع الكارثة
أعلنت السلطات المحلية حالة الطوارئ في المناطق المهددة، ودعت السكان في بعض الأحياء إلى الاستعداد لإخلاء منازلهم "في أسرع وقت ممكن".
وتمكنت الحرائق من التهام ما لا يقل عن 20 هكتاراً حتى الآن، وهي لا تزال خارج السيطرة بسبب طبيعة التضاريس وكثافة الغطاء النباتي.
استعد الشاب لوك بروكتر (19 عاماً) وعائلته لمغادرة البلدة، قائلاً: "لم أرَ شيئاً كهذا من قبل. ساعدت والدي في ربط المقطورة بسيارتنا تحسباً للرحيل في أي لحظة".
ويشير الوضع إلى ضعف الاستعدادات اللوجستية في بعض البلدات الصغيرة لمواجهة مثل هذه الأزمات البيئية المعقدة.
مناطق عرضة للحرائق
نبّه الباحث مارك أندريه باريزيان من دائرة الغابات الكندية إلى أن الظاهرة آخذة في التوسع جغرافياً، حيث بدأت الحرائق تندلع في مناطق لم تكن معروفة باندلاعها فيها من قبل.
وأوضح أن التغير المناخي أسهم في خلق ظروف أكثر جفافاً وحرارة، ما يجعل اشتعال الحرائق وانتشارها أمراً أكثر ترجيحاً حتى في المناطق الرطبة سابقاً.
وعزا باريزيان هذا التغير إلى ظواهر الطقس المتطرفة، مثل ارتفاع درجات الحرارة وموجات الجفاف الطويلة، والتي أصبحت أكثر تكراراً وحدة في كندا، ما يحتم تغيير سياسات إدارة الغابات والتأهب للكوارث.
تحذيرات مستقبلية
تتكرّر حرائق الغابات سنوياً في كندا، لكن وتيرتها وحدّتها شهدت تصاعداً مقلقاً خلال العقد الأخير، إذ تُعد البلاد من أكثر المناطق عرضة لتداعيات التغير المناخي، خاصة في المناطق الشمالية والغربية التي تشهد احتراراً أسرع من المعدلات العالمية.
ويهدد هذا الواقع الأمن البيئي والغذائي والسكاني في البلاد، ويطرح تحديات كبرى أمام أجهزة الإطفاء وإدارات الطوارئ.
وتُطالب منظمات بيئية الحكومة الكندية بوضع خطة وطنية شاملة للتعامل مع حرائق الغابات، تشمل تعزيز القدرات الجوية لمكافحة الحرائق، وزيادة تمويل فرق الإنقاذ، والتوسع في حملات التوعية حول مخاطر التغير المناخي وآثاره المباشرة على السكان والبيئة.