"حقوق الإنسان في ليبيا" تُحمل الأمن الداخلي مسؤولية وفاة "المريمي" وتُطالب بتحقيق شفاف
"حقوق الإنسان في ليبيا" تُحمل الأمن الداخلي مسؤولية وفاة "المريمي" وتُطالب بتحقيق شفاف
أعربت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عن بالغ أسفها للحادثة الأليمة التي أودت بحياة المواطن عبدالمنعم المريمي، وذلك عقب نشر مكتب النائب العام مادة مرئية توثّق اللحظات الأخيرة من حياته، بما في ذلك مشهد سقوطه من أعلى درج بمقر النيابة العامة، منوهة أنها تحمل المسؤولية القانونية الكاملة لكل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، ورئيس جهاز الأمن الداخلي.
وطالبت المؤسسة في بيان لها، اليوم الاثنين، السلطات الليبية بإجراء تحقيق شامل وشفاف بشأن مشروعية اعتقال المريمي، والوقوف على ظروف احتجازه ومعاملته داخل مقر جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة.
وأكدت أن الوقائع الموثّقة وما أثير من مزاعم حول تعرضه للتعذيب والإكراه، تثير الشكوك حول الحالة النفسية التي دفعت الضحية إلى الإقدام على الانتحار، ما يشير إلى احتمال وجود علاقة سببية بين الاعتقال والانتحار.
كما أشارت المؤسسة إلى أن نتائج التحقيقات أثبتت عدم صحة التهم المنسوبة إلى عبدالمنعم المريمي، بسبب غياب الأدلة الكافية وعدم وجود مدونة استدلال قبل اعتقاله، وهو ما يُعد خرقًا صارخًا لقانون الإجراءات الجنائية الليبي، ولا سيما المادتين (24) و(26).
إساءة استعمال السلطة
وحذّرت المؤسسة من أن هذه الواقعة قد تشكل جرائم قانونية جسيمة، تشمل الافتراء، إساءة استعمال السلطة، والإخفاء القسري، وذلك وفقًا للقوانين الليبية، خاصة القانون رقم (10) لسنة 2013 بشأن الاختفاء القسري.
وفي بيانها، أكدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن ممارسات الجهاز في تلفيق التهم للنشطاء والمتظاهرين تمثّل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، وخرقًا للمواثيق الدولية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وشددت المؤسسة على أن ممارسة الاختطاف والإخفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون والتعذيب الممنهج، تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 1970 لعام 2011 منح المحكمة ولاية قضائية على الأراضي الليبية.
واختتمت المؤسسة بيانها بالتأكيد على أن احترام كرامة المواطن وحريته وحقوقه هو أساس الأمن القومي للدولة، محذّرة من أن استمرار الإفلات من العقاب يهدد الاستقرار ويقوّض دولة القانون.
وأمس الأحد، نشر مكتب النائب العام الليبي، مقطعاً مصوراً يوثق اللحظات الأخيرة للناشط السياسي عبد المنعم المريمي، بما في ذلك المشهد الذي ظهر فيه وهو يقفز من الطابق العلوي داخل مقر النيابة عقب استكمال التحقيقات معه، وإصدار قرار بالإفراج عنه.
مطالب أممية بالتحقيق
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، طالبت السلطات المحلية بفتح تحقيق مستقل وشفاف في وفاة الناشط السياسي عبد المنعم المريمي، الذي فارق الحياة بعد أيام من احتجازه من قبل جهاز أمني حكومي.
وقالت البعثة الأممية في بيان رسمي إنها "تشعر بالصدمة والحزن العميقين" إزاء ما حدث، مشددة على ضرورة التحقيق في ملابسات احتجازه التعسفي، ومزاعم تعرّضه للتعذيب، وكل الظروف التي أحاطت بوفاته.
وبحسب البيان الأممي، اختُطف المريمي من قبل جهاز الأمن الداخلي بمدينة صرمان، الواقعة على بُعد 60 كلم غرب طرابلس، يوم 30 يونيو الماضي، قبل أن يُحال إلى مكتب النائب العام في 3 يوليو الجاري، فيما تم الإعلان عن وفاته صباح السبت 5 يوليو، دون أن تتضح ظروف الوفاة بالكامل حتى اللحظة.
تخرج الناشط السياسي الليبي عبد المنعم المريمي من كلية اللغات في جامعة طرابلس العام 1999، تخصص لغة إسبانية، وتدرج في العمل الوظيفي بوزارة الثقافة والتنمية المعرفية في حكومة الوحدة الوطنية.
عُرف الكاتب والإعلامي الليبي عبد المنعم المريمي من خلال المسلسل الكرتوني الرمضاني "يوميات الحاج حمد"، الذي لاقى استحسانًا كبيرًا من الجمهور الليبي، وتعرّف الناس من خلاله على بواكير أعمال هذه الموهبة.
كما كتب المريمي عددًا من الأعمال الغنائية الشهيرة، منها "لو تقدر تنساني" وأغنية "أمير الروح" التي لحنها وأداها الشاب جيلاني.
نشط المريمي مؤخرًا في الحراك السياسي المعارض لحكومة الوحدة الوطنية، والمطالب بالإطاحة برئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.
تأتي وفاة عبد المنعم المريمي في سياق تدهور مناخ الحريات العامة في ليبيا، وسط تنامي التوترات السياسية والانقسامات بين المؤسسات، وتصاعد الأصوات المطالبة بتغيير الحكومة الحالية. وتُتهم بعض الأجهزة الأمنية باللجوء إلى الاعتقال القسري والتضييق على النشطاء والمعارضين، ما دفع المنظمات الحقوقية والأممية إلى دق ناقوس الخطر بشأن مستقبل حقوق الإنسان والحريات الأساسية في البلاد.