"الصحة السودانية": انتشال 3800 جثة من شوارع الخرطوم منذ بدء الحرب
"الصحة السودانية": انتشال 3800 جثة من شوارع الخرطوم منذ بدء الحرب
أكد مسؤول في وزارة الصحة بولاية الخرطوم، اليوم الاثنين، أن هيئة الطب العدلي قامت بدفن آلاف الجثث التي تم انتشالها من شوارع العاصمة ومنازلها ومؤسساتها الحكومية، وذلك في خطوة مأساوية تعكس عمق الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
وأوضح المصدر أن عمليات الانتشال شملت 3800 جثة حتى الآن، فيما تواصل الفرق الطبية تلقي بلاغات جديدة من المواطنين حول وجود جثث أخرى في عدد من أحياء الخرطوم، التي شهدت على مدى الشهور الماضية مواجهات دامية ونزوحًا واسعًا.
وبالتزامن مع استمرار عمليات الدفن، أطلقت السلطات المحلية في ولاية الخرطوم، بالتعاون مع هيئات إغاثية ومؤسسات حكومية، حملات موسعة لرفع مخلفات الحرب من الطرق والمرافق العامة، خاصة في المناطق الحيوية مثل موقف "جاكسون" وسط العاصمة، في محاولة لإعادة بعض مظاهر الحياة الطبيعية تدريجيًا.
وتأتي هذه التحركات في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار الخدمات، وسط شحّ الوقود، وانقطاع الكهرباء والمياه في معظم الأحياء، ما جعل العودة الآمنة للمدنيين أشبه بالمستحيلة حتى الآن، رغم إعلان الجيش في مارس الماضي "تحرير الخرطوم بالكامل".
حرب الحصار والجوع
في الوقت نفسه، تشهد ولاية شمال دارفور، وبالأخص مدينة الفاشر، وضعًا إنسانيًا بالغ الخطورة، حيث أدى الحصار المفروض على المدينة من قِبل قوات الدعم السريع إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية، وسط شحّ غير مسبوق في الإمدادات الطبية والدوائية.
وكشف سكان محليون أن سعر شوال الدخن تجاوز 1.6 مليون جنيه سوداني، بينما وصل سعر شوال السكر إلى 3.6 مليون جنيه، في ظل استمرار إغلاق الطرق ومنع وصول المساعدات الإنسانية، ما دفع منظمات حقوقية إلى وصف الوضع هناك بأنه "كارثة إنسانية تهدد الحياة الجماعية".
وعلى الرغم من إعلان هدنة إنسانية لمدة أسبوع في الفاشر استجابة لدعوات الأمم المتحدة، فإن التقارير الميدانية تشير إلى استمرار القصف وغياب الالتزام الكامل من الأطراف المتنازعة، ما يقلص من قدرة الجهات الإنسانية على إيصال المساعدات أو إنقاذ المصابين.
وأكدت مصادر من داخل المدينة أن الهدنة لم تشمل سوى ساعات محدودة من التهدئة، تبعتها اشتباكات جديدة في أطراف المدينة، ما دفع المدنيين إلى البحث عن ممرات للفرار أو الاحتماء في الملاجئ الجماعية.
صراع يلتهم المدنيين
منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، دخل السودان في نفق مظلم من الفوضى المسلحة والانهيار المؤسساتي، إذ تجاوز عدد القتلى عشرات الآلاف، وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 10 ملايين سوداني أصبحوا نازحين داخليًا أو لاجئين في دول الجوار، في أكبر موجة نزوح في إفريقيا منذ عقود.
وتواجه الخرطوم ومدن دارفور خاصة أوضاعًا غير مسبوقة من العنف والجوع والدمار، فيما تتراجع آمال الحل السياسي مع تعثّر المبادرات الدولية، وانشغال العالم بأزمات أخرى، ما يترك ملايين السودانيين يواجهون الموت بصمت، في ظل غياب الإرادة الدولية الحاسمة لوقف النزيف.