مؤسسة حقوقية تطالب بإشراك المرأة السورية في صنع السلام
مؤسسة حقوقية تطالب بإشراك المرأة السورية في صنع السلام
أعربت منصة الحوار الوطني النسوي، عن قلقها البالغ إزاء ما وصفته بـ"تصعيد خطير يهدد السلم الأهلي ويعيد فتح جراح لم تندمل بعد"، مشيرة إلى أن ما يحدث في السويداء هو امتداد لمشكلات عميقة في بنية الدولة السورية وليس أزمة محلية معزولة.
وقالت المنصة، وهي شبكة مدنية تعنى بحقوق النساء والسلام والمواطنة، في بيان لها، اليوم الثلاثاء: "إن ما يحدث اليوم في السويداء ليس حدثاً طارئاً بل نتيجة متراكمة لغياب العدالة السياسية، وللتغاضي المستمر عن الحلول الجذرية التي تُنهي الصراع وتعيد الكرامة لكل السوريين والسوريات".
وأكدت رفضها القاطع لما وصفته بـ"منطق العنف والتسلّط"، محذّرة من الزجّ بالمجتمعات المحلية في صراعات مفروضة عليهم دون إرادتهم، محملة الدولة السورية جزءاً من المسؤولية بسبب "التحريض أو الانحياز أو التواطؤ المباشر" لبعض أجهزتها الأمنية.
وشدّدت المنصة، التي تضم ناشطات من مختلف الخلفيات السورية، على أن الدولة يجب أن تكون "راعية للعدالة لا طرفاً في النزاع"، معتبرة أن التعامل مع المواطنين كخصوم واستخدام أدوات القمع يرسّخ الانقسام ولا يصنع دولة.
تحذير من خطاب الكراهية
حذّر البيان من تزايد خطابات الكراهية والطائفية التي "تغذّي الانقسام الأهلي وتدفع بالمجتمع السوري إلى هاوية جديدة"، داعياً إلى اعتبار كل مكوّن اجتماعي "جزءاً أصيلاً من مستقبل سوريا"، وأن الوطن لا يُبنى بالتحريض بل بالاحترام والمساواة والكرامة.
وركّزت المنصة على البعد الإنساني للأزمة، مؤكدة أن كرامة الإنسان السوري، نساءً ورجالاً، هي الأساس لأي حل سياسي حقيقي، رافضة استخدام العنف ضد المدنيين تحت أي ذريعة.
وطالبت المنصة الحقوقية النسوية، بوقف كل أشكال القصف والاشتباك العشوائي الذي يهدد أرواح الأبرياء ويفاقم من الانهيار المجتمعي.
دعوة للحوار ومشاركة المرأة
دعت منصة الحوار الوطني النسوي إلى فتح قنوات حوار مسؤولة وشاملة، يتم فيها إشراك النساء والمجتمع المدني كشركاء فعليين في بناء السلام، لا كمجرد حضور شكلي.
وشدّدت على أن المعالجات الأمنية لا يمكن أن تنهي الصراع بل تؤسس لدورات عنف متكررة، مطالبة بإصلاح سياسي عميق يعالج الأسباب البنيوية للتوتر، على رأسها التهميش والإقصاء والفشل في إدارة التنوع المجتمعي.
واختتمت المنصة بيانها بالتأكيد على تضامنها الكامل مع أهالي السويداء، وموقفها الثابت إلى جانب كل صوت عاقل يرفع راية السلم الأهلي فوق منطق الانتقام.
وقالت: "سوريا لا تحتاج لمن ينتصر فيها بالسلاح، بل إلى من يربّي فيها ثقافة الحياة، فالسلام ليس صمتاً، بل فعل يومي يحمي الإنسان ويصون كرامته".
توتر أمني غير مسبوق
تشهد مدينة السويداء السورية توتراً أمنياً غير مسبوق منذ أيام، على وقع اشتباكات دموية بين مجموعات مسلحة من أبناء الطائفة الدرزية ومسلحين من بعض العشائر البدوية، إثر سلسلة من حوادث الخطف والاعتداءات المتبادلة التي أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم مدنيون وأفراد من قوات الأمن.
تأتي هذه التطورات وسط تراكم طويل من الاحتقان الشعبي في السويداء، نتيجة التدهور المعيشي والانفلات الأمني، وتنامي سطوة الميليشيات.
وتُعرف المحافظة ذات الغالبية الدرزية بموقفها الممانع للنظام منذ سنوات، رغم عدم انخراطها المباشر في الصراع المسلح.
وسبق أن شهدت السويداء حركات احتجاج مدني واسعة في الأعوام الماضية، طالبت بإصلاحات سياسية وخدمية، وغالباً ما قوبلت بالتجاهل أو محاولات التوظيف السياسي.
ويخشى مراقبون أن يشكل التصعيد الأخير بداية لانفجار جديد في الجنوب السوري، يعيد إنتاج الصراع في صورة أكثر تعقيداً.