"أطفال بلا صوت".. معاناة ذوي الإعاقة في غزة تحت الحصار والقصف
"أطفال بلا صوت".. معاناة ذوي الإعاقة في غزة تحت الحصار والقصف
في قطاع غزة المحاصر، لا يُولد الأطفال جميعهم على قدم المساواة في المعاناة، فهناك من يبدأ حياته بإعاقة جسدية أو ذهنية، ليجد نفسه في مواجهة مزدوجة؛ عجزه الشخصي من جهة، وواقع الحرب والفقر والحصار من جهة أخرى.
ويعاني آلاف الأطفال أصحاب الإعاقة في غزة من انعدام الخدمات الأساسية، ونقص العلاج وإعادة التأهيل، وانهيار البنية التحتية التي تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، وتتفاقم أوضاعهم في ظل التصعيدات العسكرية المتكررة، التي لا تميز بين طفل سليم وآخر من ذوي الإعاقة، وتحرمهم من أبسط حقوقهم في الأمان والتعليم والرعاية الصحية.
وسط هذا المشهد الإنساني المؤلم، يواجه هؤلاء الأطفال وأسرهم حياةً مفعمة بالتحديات النفسية والاجتماعية، في ظل عجز المنظومة الدولية عن تأمين الحماية أو حتى إيصال المساعدة الإنسانية بشكل مستدام.
حرب غزة والكارثة الإنسانية
وبدأ الجيش الإسرائيلي بإطلاق هجوم دموي منذ أكتوبر 2023 أدى إلى خسائر هائلة في صفوف المدنيين، وخصوصًا بين الأطفال ذوي الإعاقة.
ووصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الوضع بأنه “أكبر كارثة إنسانية”، حيث قُدّر أن أكثر من 80% من الأشخاص ذوي الإعاقة فقدوا كراسيهم المتحركة وأجهزة السمع والمشايات وغيرها من معوناتهم الحياتية.
وأكد مكتب أوتشا أن أزمة الوقود انعكست مباشرة على حرمان الأطفال وذوي الإعاقة من الحصول على خدمات علاج وأساسية، مع خطر كبير لتوقف المستشفيات والمخابر والمعدات الطبية.
وأفادت منظمة "أطباء بلا حدود"، بأن 1200 امرأة حامل ومرضعة وأطفال يعانون من سوء تغذية حاد، ما يعكس استنزاف موارد الرعاية الصحية.
الإعاقة في مواجهة النزوح
وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش إصابة آلاف الأطفال بكسور وكدمات جعلت منهم من ذوي الإعاقة، بينهم من بُترت أطرافهم، فقدّت غزة لون حياتها البسيط، وأصبح الأطفال -مثل غزال ومالك- ضحايا مزدوجين للحرب وللعجز عن الحصول على المدد والمأوى الآمن.
ويعاني هؤلاء الأطفال من هشاشة نفسية مضاعفة؛ فهم لا يفرّون من القصف فحسب، بل من الخوف من تدمير الأدوات الضرورية لهم مثل الكراسي المدولبة، والمولدات الكهربائية المطلوبة لشحن الأجهزة الطبية .
وأوردت منظمات دولية أن نقص الغذاء أدى لموت جماعي، مع وفاة 27 طفلًا جوعًا في أبريل وحده، وظهور حالات سوء تغذية حادّة بين أطفال ذوي إعاقات يحتاجون غذاء متخصصًا.
وأطفال مثل يازان الذي يعاني من شلل دماغي، فقدوا علاجهم بسبب منع دخول الطعام الملائم والكهرباء، ما يهدد حياتهم.
انتهاكات قانونية وإنسانية
أشار خبراء القانون الدولي إلى أن ما يحدث يشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات حماية الأطفال وذوي الإعاقة، بما فيها اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.
ولفتوا إلى أن استخدام الأسلحة في مناطق مأهولة يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني .
وتسلّط منظمات دولية الضوء على أنه لا مجال للتراخي.. فالحاجة الآن هي لإمدادات حيوية عاجلة: وقود يكفي لمواصلة تشغيل المستشفيات، ومعدات طبية وأجهزة مساعدة، ومواد غذائية خاصة بالأطفال ذوي الإعاقة .