وسط تعويضات محدودة.. صحفيون أتراك يطالبون بالعدالة بعد مزاعم بانتهاك حقوقهم الأساسية
وسط تعويضات محدودة.. صحفيون أتراك يطالبون بالعدالة بعد مزاعم بانتهاك حقوقهم الأساسية
في خطوة تبدو تصحيحاً قانونياً، أصدرت المحكمة الدستورية التركية حكماً جزئياً يعترف بانتهاك حق سبعة صحفيين في الوصول إلى ملفات التحقيق خلال احتجازهم، لكنها رفضت الاعتراف بأوجه الانتهاك المتمثلة في الاعتقال التعسفي وطول المدة وغياب الضمانات القضائية العادلة.
وقالت وكالة "JINNEWS"، التي تحاكم إحدى صحفياتها، إن هذا الحكم يأتي ليسلط الضوء من جديد على أزمة حرية التعبير التي تعيشها البلاد، والتي تمثل الصحافة المستقلة ضحيتها الأولى.
بدأت فصول هذه القضية يوم 29 أكتوبر 2022، عندما اعتُقلت الصحفية أوزنور ديغر، مديرة الأخبار في وكالة "JINNEWS"، بعد استدعائها من قبل مكتب المدعي العام في أنقرة.
وجهت إلى ديغر، تهمة "الانتماء إلى منظمة"، وهي تهمة فضفاضة كثيراً ما تُستخدم لتجريم العمل الصحفي في تركيا، خاصة ضد الإعلاميات الكرديات أو الوسائل الإعلامية التي تُعنى بحقوق النساء والأقليات.
قضت ديغر ثمانية أشهر خلف القضبان في سجن سنجان المغلق للنساء، دون إتاحة اطلاعها أو محاميها على ملف التحقيق بشكل كامل، ما شكل خرقاً واضحاً لحقوق الدفاع، وأثار تنديداً من منظمات حقوق الإنسان.
رفض الاعتراف بالانتهاك
رغم أن المحكمة الدستورية التركية رفضت الطعون المقدّمة بشأن قانونية الاحتجاز ومدته، وكذلك الاتهامات الموجهة للقضاء بالانحياز والتأخير في النظر في الاعتراضات، فقد اعترفت فقط بوقوع انتهاك متعلق بتقييد الوصول إلى ملفات التحقيق.
وقررت منح كل من الصحفيين السبعة تعويضاً قدره 30 ألف ليرة تركية (ما يعادل نحو ألف دولار أمريكي فقط)، في خطوة اعتبرها كثيرون "تعويضاً رمزياً لا يرقى لحجم الانتهاكات".
وشمل القرار إضافة إلى ديغر، الصحفيين: دجلة مفتي أوغلو، ومظلوم غولر، ومحمد شاهين، وليزغين أكدنيز، ومحمد شاه أوروج، وسؤات دوغوهان.
وقالت وكالة "JINNEWS"، إن كل هؤلاء احتُجزوا في ظروف مشابهة، ضمن حملة أوسع ضد الصحافة المستقلة ووسائل الإعلام الكردية.
أزمة حرية التعبير تتفاقم
لا يمثل هذا الحكم سابقة نادرة فقط، بل يُضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات ضد الصحفيين في تركيا، حيث تشير التقارير الحقوقية إلى أن البلاد ما تزال من بين أكثر الدول التي تسجن الصحفيين في العالم، وغالباً ما تُستخدم قوانين "مكافحة الإرهاب" لتبرير اعتقال الصحفيين ومنعهم من ممارسة مهنتهم بحرية.
وقالت منظمات دولية مثل “مراسلون بلا حدود” و"هيومن رايتس ووتش"، إن السلطات التركية تنتهك المعايير الدولية لحرية الصحافة، وتستخدم القضاء كأداة للترهيب وكسر الأصوات الحرة.
وترى “مراسلون بلا حدود” و"هيومن رايتس ووتش"، أن هذه القضية تعكس حجم الضغوط المفروضة على العمل الصحفي في تركيا، ليس فقط من خلال الاعتقالات، بل عبر منع الوصول للمعلومات، وحجب الملفات القانونية، واستخدام قوانين فضفاضة لتقويض حرية التعبير.