مقتل متظاهر ومئات الجرحى في احتجاجات ضد الجريمة المنظمة في البيرو

مقتل متظاهر ومئات الجرحى في احتجاجات ضد الجريمة المنظمة في البيرو
احتجاجات ضد الجريمة المنظمة في البيرو

اشتعلت شوارع العاصمة البيروفية ليما، على وقع احتجاجات حاشدة قادها مئات الشبان ضد تفشي الجريمة المنظمة وتزايد جرائم القتل والابتزاز، في وقت أعلنت فيه السلطات مقتل شخص وإصابة أكثر من مئة آخرين خلال المواجهات مع قوات الأمن، ما يعكس تصاعد الغضب الشعبي في بلد يعيش على صفيح ساخن سياسيًا وأمنيًا.

واندلعت المواجهات بعد دعوة حركة "الجيل زد" –التي تضم شبانًا تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا– إلى مظاهرات في عدة مدن بيروفية، أبرزها ليما وأريكويبا وكوسكو وبونو، رفضًا لتنامي العنف وسيطرة العصابات على الحياة اليومية، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.

وخلال المسيرات، حاول المحتجون إزالة الحواجز الأمنية أمام مبنى البرلمان، ما دفع الشرطة إلى الرد باستخدام الغاز المسيّل للدموع والدروع والهراوات، بينما رشق المتظاهرون عناصر الأمن بالحجارة والمفرقعات.

وأسفرت المواجهات، بحسب بيان رسمي، عن مقتل الشاب إدواردو رويز سانز البالغ من العمر 32 عامًا، إضافة إلى إصابة 102 شخص بينهم 24 مدنيًا و78 شرطيًا.

وقالت التنسيقية الوطنية لحقوق الإنسان إن الضحية قضى "بطلق ناري يُرجح أنه أُطلق من سلاح ضابط شرطة بزي مدني"، مطالبة بفتح تحقيق عاجل حول ملابسات مقتله.

انفلات أمني وغضب

يتزامن تصاعد الاحتجاجات مع تدهور خطير في الوضع الأمني داخل البيرو، إذ شهدت البلاد منذ مطلع العام مقتل ما لا يقل عن 47 سائق حافلة في حوادث مرتبطة بعصابات الابتزاز التي تستهدف قطاع النقل العام.

وقالت أماندا ميزا، وهي عاملة مستقلة تبلغ 49 عامًا، أثناء مشاركتها في المظاهرات: "الدولة لم تتخذ أي إجراء. نحن نعيش في خوف دائم من القتل أو الابتزاز. لم يعد أحد يشعر بالأمان في الشوارع".

وردد المتظاهرون هتافات غاضبة منها "لا نريد أي قتيل إضافي!"، فيما علت أصوات الغضب أمام مبنى البرلمان الذي تحصن خلفه عناصر الأمن.

الرئيس المؤقت خوسيه خيري أدان ما وصفه بـ"تسلل مجرمين لنشر الفوضى" داخل التظاهرات، مؤكدًا أن حق المواطنين في التعبير مشروع، لكنه شدد على أن حكومته "لن تسمح بالعنف وسيلة للتعبير".

أزمة سياسية متفاقمة

تأتي هذه الاحتجاجات بعد أسبوع واحد من عزل الرئيسة دينا بولوارتي الجمعة الماضية، إثر اتهامات بفشلها في معالجة الانفلات الأمني الذي يضرب البلاد منذ شهور. 

وتولى خوسيه خيري، رئيس البرلمان، منصب الرئيس الانتقالي للبلاد حتى يوليو 2026.

لكن اختيار خيري أثار غضب قطاعات واسعة من المجتمع المدني، خاصة بعد إعادة فتح ملف شكوى اغتصاب قديمة كانت النيابة قد أسقطتها في أغسطس الماضي. ورفعت خلال التظاهرات لافتات ضخمة كتب عليها: "خوسيه خيري رئيس مُغتصب".

وتزايدت الدعوات الحقوقية داخل البيرو وخارجها لوقف الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، بعد أن ارتفع عدد المصابين في الاحتجاجات خلال الأسابيع الأخيرة إلى 176 شخصًا، بينهم شرطيون وصحافيون ومدنيون.

وقالت منظمة المدافع عن الحقوق في بيان لها عبر منصة "إكس" إن "الاحتجاجات في البيرو تحولت إلى صرخة جماعية ضد غياب الأمن وتفشي الفساد، وإن استمرار العنف يهدد استقرار البلاد برمّتها".

خلفيات الأزمة

تعاني البيرو منذ سنوات من حالة عدم استقرار سياسي مزمن، شهدت خلالها البلاد خمسة رؤساء خلال سبع سنوات فقط. ويُضاف إلى ذلك تصاعد نفوذ عصابات الجريمة المنظمة التي توسعت أنشطتها في التهريب والمخدرات والابتزاز.

ويرى مراقبون أن موجة الغضب الشعبي الأخيرة تمثل تعبيرًا عن إحباط عميق من فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق الأمن والعدالة، خاصة بين فئة الشباب التي أصبحت أكثر وعيًا وجرأة في مواجهة السلطة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية