"شعب كاواهيفا" بمواجهة قاطعي الأشجار.. تأجيل الحماية يهدد حياة السكان الأصليين
"شعب كاواهيفا" بمواجهة قاطعي الأشجار.. تأجيل الحماية يهدد حياة السكان الأصليين
سارت مجموعة من المؤسسة الوطنية للشعوب الأصلية (فوناي) لأكثر من ٦٠ ميلاً عبر الغابات المطيرة على الحافة الجنوبية لنهر الأمازون البرازيلي في عام 2024، بقيادة جاير كاندور، في مهمة لمراقبة وحماية مجموعة من السكان الأصليين الذين انقطعت عنهم الصلة بالعالم الحديث.
عثر الفريق على سلة صغيرة منسوجة حديثاً من أوراق الشجر، وآثار أقدام طفل على ضفة جدول، وجذوع أشجار قُطعت قبل ساعات لاستخراج العسل، إضافةً إلى أكواخ مهجورة منذ عام تغرق في أرض الغابة وقرون جوز برازيلي مُلقاة حول نيران المخيم القديمة، ما أكد استمرار وجود شعب كاواهيفا في نهر باردو، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "الغارديان".
وأظهرت الحكومة البرازيلية تجاهلها توجيهات المحكمة العليا التي وافقت على خطة تدابير لحماية المجتمع المعزول، ومنها تسريع ترسيم حدود أراضيهم وشرح كيفية الحد من إزالة الغابات. وأضرت التأخيرات البيروقراطية، ونقص التمويل، والصراعات العنيفة على الأراضي، ومنها هجمات من نصّبوا أنفسهم قادة مرتبطين بقاطعي الأشجار، بجهود حماية السكان الأصليين.
وصف المدافعون عن حقوق الإنسان هذا التأخير بأنه انتهاك متعمد لمواثيق الحقوق الأساسية في دستور البرازيل ويهدد حياة شعب كاواهيفا.
أكد جاير كاندور، قائد البعثة، أن محمية شعب كاواهيفا المقترحة، والتي تبلغ مساحتها 400 ألف هكتار (مليون فدان)، لا تزال تفتقر إلى الحماية الكاملة، لتبقى أكبر غابة غير محمية يعيش فيها سكان أصليون منعزلون في البرازيل.
احترقت الغابة، خارج حدود المحمية مباشرة، وترعى الماشية في الأراضي التي أُزيلت أخيراً، في حين تتوسع الطرق وتشيّد الأسوار والبوابات.
إنجازات بيئية جديدة
تعهدت جانيت كارفالو، مديرة حماية الأراضي في فوناي، بحل الوضع، قائلة: "نبذل قصارى جهدنا لضمان ترسيم حدود كاواهيفا بحلول عام 2025"، وكان من المقرر الإعلان عن إنجازات بيئية جديدة، ومنها تلك المتعلقة بأراضي السكان الأصليين، خلال مؤتمر الأطراف الثلاثين في نوفمبر، لكن مؤتمر المناخ انتهى دون أي إشارة إلى نهر باردو كاواهيفا.
يتضمن الترسيم المادي لمحيط أراضي كاواهيفا البالغ طوله 200 ميل (320 كيلومتراً)، وضع علامات وإشارات خرسانية على طول الحدود، خطوة حاسمة لإقناع قاطعي الأشجار ومربي الماشية بجدية الحكومة في حمايتها، لكنها لا تزال متعثرة.
وضح مدير ترسيم حدود أراضي السكان الأصليين في مؤسسة فوناي، مانويل باتيستا دو برادو، أن التمويل كان أحد أهم العقبات، وكان من المقرر تغطيته من التعويضات عن الأثر البيئي لطريق سريع في ولاية ماتو غروسو الذي يشمل الإقليم، لكن هذا لم يحدث.
لجأت فوناي إلى معهد علوم الأرض في الجامعة الفيدرالية في ميناس جيرايس (UFMG)، موضحة: "أنها شراكة تقنية حققنا من خلالها نجاحاً في عمليات ترسيم حدود أخرى لأراضي السكان الأصليين. ومن المقرر أن يبدأ العمل الميداني في أوائل عام 2026"، في حين أكد المعهد أنه يجري "محادثات متقدمة" مع فوناي، لكنه لم يحدد موعداً أو خطة واضحة لأعمال الترسيم.
التهديدات المسلحة
كشف مانويل باتيستا دو برادو أن ما يسميه فوناي "الوضع المتوتر في المنطقة" يتطلب وجوداً مسلحاً للشرطة أثناء العمل، ففي عام 2018، هاجمت مجموعة مسلحة قاعدة فوناي في إقليم كاواهيفا، وأسفر تبادل إطلاق النار عن مقتل أحد المهاجمين.
وخلال رحلة "الغارديان" و"أو غلوبو" الاستكشافية في 2024، تمركز أفراد مدججون بالسلاح من وكالة الشرطة الوطنية في المنطقة، حصلت الصحيفتان على تسجيل صوتي لرجل يُعرف باسم "الزعيم فرانسيسكو"، ويُعتقد أنه فرانسيسكو داس شاغاس باولو رودريغيز الذي دعا مربي الماشية المحليين لاستعادة الأراضي، وأكد أنه أجرى رحلة استكشافية لمدة ستة أيام داخل أراضي السكان الأصليين في كاواهيفا.
وأوضح عالم الأنثروبولوجيا في مرصد الشعوب الأصلية المعزولة (OPI)، إلياس بيجيو، أن "26 عاماً مرّت منذ تأكيد وجود السكان الأصليين المعزولين على أراضي كاواهيفا، وخلال هذه الفترة، سعى مستولو الأراضي دائماً لإلغاء إعلان الأرض في المحكمة، ناهيك عن التهديدات والغزوات المستمرة حتى اليوم. والآن، مرة أخرى، تأخر ترسيم الحدود".
وعدّ بيجيو العقبات التي تواجه الترسيم "سياسية وليست تقنية أو قانونية"، محذراً من أن استمرار تأجيل ترسيم الحدود يعرض الشعب المعزول للمخاطر بشكل بالغ.
أكد إلياس بيجيو أن انتخاب حكومة يمينية قد يؤدي إلى توقف جميع عمليات ترسيم حدود أراضي السكان الأصليين، كما حدث خلال فترة رئاسة جايير بولسونارو، وأوضح أن عام 2026 يمثل الفرصة الأخيرة لتحقيق مشروع إقليم كاواهيفا، محذراً من أن أي تأخير إضافي قد يكون كارثياً على السكان الأصليين.
الدور القضائي والحقوقي
قدمت منظمة "أبيب" (APIB)، وهي منظمة وطنية للسكان الأصليين في البرازيل، الالتماس الذي أدى إلى توجيه المحكمة العليا بالمضي قدماً في عملية الترسيم، ووصف محامي منظمة "أبيب"، ريكاردو تيرينا، العملية بأنها "متوقفة"، مشيراً إلى أن المحكمة العليا تنتظر الامتثال للقرار.
ومن جانبها، حذّرت ممثلة منظمة "البقاء الدولي"، بريسيلا أوليفيرا، من أن "تأخير ترسيم الحدود ليس غير قانوني فحسب، بل هو أيضاً خطِر للغاية ويعرّض حياة شعب كاواهيفا الأصلي المعزول للخطر".











