مسيرة نحو الحياة.. الأمازون يصرخ من بيليم والعالم يفاوض بخطى بطيئة

مسيرة نحو الحياة.. الأمازون يصرخ من بيليم والعالم يفاوض بخطى بطيئة
مسيرة في البرازيل للمطالبة بحماية المناخ

تتحرّك بيليم البرازيلية، المدينة التي تتوسّط قلب الأمازون، على وقع أصوات آلاف البشر الذين خرجوا حاملين همّاً واحداً.. حماية المناخ وإنقاذ الغابة التي تُعدّ رئة الأرض. 

وتنبض المسيرة بروح إنسانية صافية، حيث يقف السكان الأصليون والناشطون والمواطنون العاديون جنباً إلى جنب، في لحظة تقول فيها البشرية كلّها إن التفاوض لم يعد يكفي وحده، وإن أصوات الأرض باتت أعلى من أصوات القاعات المغلقة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم السبت.

انطلقت الحشود منذ ساعات الصباح، وتحت شمس حارقة تُشبه سخونة الكوكب نفسه، رافعين لافتات تطالب بالعدالة المناخية. ويرفع بعضهم بالوناً ضخماً على هيئة كوكب الأرض، وكأنهم يحمِلونه بأيديهم ليذكّروا العالم بما قد يفلت منهم لو استمرت المماطلة السياسية.

ويقول الرجل الخمسيني بينيديتو هوني كوين، أحد السكان الأصليين، وهو يقف بجذوره المرتبطة بالأرض منذ آلاف السنين: «جئنا لحماية من تبقّى من غابتنا، ولرفع الصوت بدل الشجر الذي يسقط كل يوم».

وتتقدّم المسيرة مسافة 4.5 كيلومتر عبر مدينة يسكنها أكثر من 1.4 مليون إنسان، باتت اليوم مركزاً رمزياً للمعركة المناخية العالمية، فيما تنتشر القوات البرازيلية حول المكان تحسّباً لأي توتر يرافق الأسبوع الأخير من مفاوضات «كوب30».

احتجاج السكان الأصليين

يتصدّر السكان الأصليون المشهد، وهم الذين دفعوا الثمن الأكبر من حرق الغابات وتقلّص الموارد وتعديات المجموعات المهرِّبة. ويشعر كثير منهم بخيبة أمل لأنهم لا يجدون تمثيلاً كافياً على طاولة المفاوضات، رغم أنهم أصحاب الأرض وذاكرتها الأولى.

ويصرّح ناشط بريطاني، تيرون سكوت، من منظمة "War on Want": «نحن هنا لنذكّر العالم بأن صوت الشعوب الأصلية جزء من الحل، لا مجرد هامش يتم تجاهله».

ويتواصل الضغط الشعبي بعدما اقتحم متظاهرون في اليومين الماضيين مدخل موقع المؤتمر، وقطع السكان الأصليون الطريق أمام الوفود الرسمية، في رسالة واضحة: لا مفاوضات عادلة من دوننا.

مخاوف من مؤتمر "فارغ"

تتحرّك القاعات الرسمية بوتيرة مختلفة عن الشوارع، حيث يظلّ كل وفد متمسكاً بموقفه بشأن الانبعاثات والتمويل والحواجز التجارية، بانتظار وصول الوزراء الذين قد يمسكون بخيط التوافق.

ويصف أحد المفاوضين الأفارقة الوضع قائلاً: «بدون حسم رئاسة المؤتمر، سنخرج بنتائج فارغة». بينما يشبّه مسؤول برازيلي سير النقاشات بأنها "لعبة جبل روسي" ترتفع وتهبط بلا اتجاه واضح.

وتواجه المفاوضات ضغطاً إضافياً بسبب غياب الولايات المتحدة عن مؤتمر بيليم، الأمر الذي يترك فراغاً في التوازنات السياسية ويزيد المخاوف من تأجيل القرارات المصيرية مرة أخرى.

صوت الأرض لن يهدأ

يعكس المشهد كله سؤالاً واحداً: كيف يمكن للعالم أن يناقش مستقبل المناخ بينما تواصل الغابات الاحتراق والشعوب الأصلية القلق على وجودها؟

وتتفق الأصوات المتنوعة في بيليم -ناشطون، مزارعون، باحثون، وشباب غاضبون- على أن حماية الأمازون ليست قضية بيئية فقط، بل قضية بشرية وجودية تتعلق بحق كل إنسان في حياة قابلة للاستمرار.

وفي الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات حتى 21 نوفمبر، يبقى الأمل معلّقاً على أن تصل الرسائل الصادرة من الشارع إلى الطاولات المغلقة، وأن تتحوّل الصرخات إلى التزام حقيقي قبل أن يصبح الركض من أجل المناخ ركضاً خلف كوكب يحتضر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية