بعد ذبح طالبة المنصورة.. خبراء: الازدواجية وغياب دور الأسرة وراء العنف ضد النساء
بعد ذبح طالبة المنصورة.. خبراء: الازدواجية وغياب دور الأسرة وراء العنف ضد النساء
العنف ضد المرأة يطالها في كل نواحي الحياة، حيث تتعرض حياة عشرات الآلاف من النساء للخطر في كل يوم وتسلب حقوقهن، فبعضهن يقع ضحية للضرب والقتل من قبل الزوج أو الطليق، والبعض الآخر يضطر للانتحار بسبب العنف الأسري الواقع عليهن.
في الأيام القليلة الماضية حدثت مجموعة من الجرائم البشعة التي اقشعرت لها الأبدان، وانتشر بعضها كهشيم النيران على شكل فزاعات انتقاميّة من قبل أفراد في بعض ربوع مصر، كان آخرها ذبح الطالبة نيرة أشرف على يد زميلها أمام جامعة المنصورة وفي وضح النهار لرفضها الزواج به، في مشهد مأساوي اهتزت له قلوب الشعب المصري.
ووفقاً لما رصدته مؤسسة “إدراك” للتنمية والمساواة، يزداد معدل العنف وسوء المعاملة مع فترات الأوبئة والركود الاقتصادي، حيث تصبح النساء والفتيات أكثر عرضة للخطر في أوقات الأزمات، وتُعد مصر من الدول التي ترتفع فيها نسب جرائم العنف ضد النساء والفتيات، ففي عام 2020 تم تسجيل 415 جريمة عنف قائمة على النوع الاجتماعي معلن عنها في السجلات الرسمية، ما بين قتل وشروع في قتل واغتصاب وضرب مبرح وابتزاز.
ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى التبرير الديني للعنف الممارس على النساء، بحسب المؤسسة.
ووصلت نسب العنف الموجه ضد النساء خلال 1 يناير وحتى 31 ديسمبر لعام 2021 إلى أكثر من 813 جريمة معلن عنها في السجلات الرسمية لمحاكم الأسرة والنيابات العامة، وهذا يعد زيادة كبيرة في معدلات العنف ضد المرأة بمصر، بالرغم من سن قوانين لمواجهة تفاقم تلك الظاهرة والحد منها.
ووفقاً للإحصائيات وصلت جرائم قتل النساء والفتيات إلى 296 جريمة في عام 2021 بنسبة 36.4%، حيث وقعت 214 جريمة قتل نتيجة للعنف الأسري على أيدي الزوج، وكانت الجيزة أعلى معدل بين المحافظات بواقع 56 حالة قتل في عام 2021، بينما سجلت القاهرة 23 حالة قتل للسيدات على أيدي أزواجهن.
وبلغت جرائم قتل النساء من قبل الأزواج في محافظات وجه قبلي 59 حادثة قتل، بينما سجلت محافظات وجه بحري 57 حالة قتل بسبب العنف.
ووصلت جرائم الشروع في قتل النساء من قبل الأزواج بسبب العنف 78 جريمة بنسبة تصل 9.5%، حيث بلغت عدد جرائم محافظة وجه بحري 29 جريمة، بينما سجلت محافظات وجه قبلي 15 جريمة، بينما سجلت محافظة الجيزة أعلى نسب وصلت لـ13 جريمة شروع في قتل.
وتتعرض النساء للضرب المبرح من قبل الزوج والذي قد تنتج عنه كسور وجروح عميقة وعاهات دائمة أو مؤقتة، حيث وصلت معدلات جرائم العنف الأسري عن الضرب فقط إلى 11.8% خلال عام 2021، بمعدل 74 جريمة ضرب مبرح على أيدي الزوج، وسجلت محافظات وجه بحري 29 واقعة فيما سجلت محافظات وجه قبلي 6 جرائم، وسجلت محافظة الدقهلية أعلى معدل لجرائم الضرب المبرح.
لوم الضحية على مواقع التواصل
وحادثة الذبح وقعت خارج أسوار جامعة المنصورة، حينما أقبل شاب بالفرقة الثالثة بكلية الآداب على قتل زميلته نيرة أشرف بعد توجيه عدة طعنات لها أمام المارة لرفضها الزواج منه.
الحادث أثار جدلا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد قيام البعض بلوم الضحية بالإيحاء بأن ملبسها هو السبب وراء قتلها.
في حين رأى آخرون أن الاختلاط في الجامعات هو السبب وراء هذه الجريمة وطالبوا بمنع اختلاط الجنسين في التعليم الجامعي.
ووصل حد تبرير الجريمة إلى اتهام القاتل بأنه مريض نفسي يحتاج إلى علاج وأن الجريمة ربما تكون عقابا للضحية.
محاكمة مبرري جريمة القتل
في المقابل هاجمت رئيس المركز المصري لحقوق المرأة نهاد أبوالقمصان، الأشخاص الذين يبررون قتل طالبة المنصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت أبوالقمصان خلال مقابلة مع قناة "القاهرة والناس" المصرية، إن “من يبررون قتل فتاة المنصورة يجب أن يحاكموا، وبقى في ناس أسوأ من كفار قريش يبررون القتل عشان اللبس أو عدم وجود فتاة محجبة”.
وأوضحت أن سبب انتشار هذه النوعية من جرائم العنف هو وجود خطاب كراهية مستمر يدمر المجتمع، وأن هناك من يدعون التدين وينشرون العنف ضد المرأة ولا تتم معاقبتهم.
الازدواجية وغياب دور الأسرة
قال أستاذ الطب النفسي، جمال فرويز: "إن السبب هو الانهيار الثقافي ما يعني انهياراً مجتمعياً، إذا نظرنا إلى المجتمع المصري سنجد أنه يعاني ازدواجية، الجميع على السوشيال ميديا يتحدث عن الدين جيدًا، دعاء الخميس وسورة الكهف ليلة الجمعة، صوم أول عشرة أيام من ذي الحجة، وطبعًا من يكتبون ذلك لا يصومون ولا يعرفوا ربنا أساسًا".
وأضاف: "لا بد أن يعطيك الشكل الديني لقبوله مجتمعيًا، عندما ندخل أي محل نجده يرفع صوت القرآن عاليًا أو يطلق لحيته أو ترتدي النقاب، المهم أن يعطيك الشكل الديني للتقرب من المجتمع، لكن على أرض الواقع لا تطبق تلك القيم، ولذلك انهارت القيم المجتمعية، غاب دور الأم والأب وتركوه للسوشيال ميديا، والذي أطلق عليها مسمى "سفير جهنم" سفير مقيم بلا سفارة، يسهل للإنسان ويحببه في فعل كل شيء".
وعن كيفية تشكيل شخصية سوية صالحة لنفسها ومجتمعها قال فرويز: "إن ما يحتاج إليه الطفل منذ الصغر هو وجود والديه بجانبه في كل تفاصيل حياته، لكن الأب ينشغل في عمله أو يسافر إلى دولة أخرى للعمل، النتيجة حدوث انهيارات قيمية واضطرابات سلوكية ونفسية وجنسية، وهذه كوارث تزيد في المجتمع تعاطي المخدرات، ثقافة الكد لم تعد موجودة، الأب يريد لأبنائه عدم التعب مثل “اجتهد واتعب” هو يوفر لهم كل شيء، فلا يسمع كلمة "لأ"، تكون النتيجة تحويله إلى شخصية سيكوباتية لا يتقبل الرفض ويشعر بالاستحقاق".
جرائم لا بد من تدخل الدولة لوقفها
قال استشاري التحليل النفسي والعلاج السلوكي، علاء الغندور: "إن ما نواجهه كارثة تتمثل في استهداف الشباب وتدميره في المخدرات بأنواعها والمعلومات الخاطئة وكذلك السلوكيات، وسط غياب للتربية الأسرية والمدرسية على حد سواء، يضاف إلى ذلك الجرائم والإرهاب والعنف الذي نراه في المسلسلات الدرامية ونصرة المجرم والقاتل وفي آخر عشرة دقائق يٌنصر المظلوم، وكذلك أفلام العنف الأجنبية والأكشن جميعها عنف، أيضًا الألعاب الإلكترونية المشجعة على العنف، وكذلك المخدرات التي تسلب العقول وتدمر الشخصيات، كل ذلك شكل شخصيات محطمة ومنهارة بلا قيم أو أخلاق".
وتابع الخبير النفسي: "كذلك ساهم تزايد انتشار المواقع الإباحية، ((كل ما سبق منظومة ملخبطة)) حتى إن هذا الشاب وصل إلى جنون العظمة؛ ما يرغبه لا بد من تنفيذه، وسط غياب للعقل أو الوازع الديني، هي ترفض وهو يصر ففقد عقله وأخذ الموضوع على كرامته وشعر بإهانة وقتل الضحية، وهنا لا بد من وجود تدخل من الدولة لمحاربة إرهاب المخدرات والميديا والمعلومات، لا بد أن يكون هناك عقاب صارم على مثل هذه الجرائم، أين المعلم والقدوة وتوعية الأزهر".