هل يعيق مرض بابا الفاتيكان دوره في الوساطة بين الدبّ الروسي وأوكرانيا؟

هل يعيق مرض بابا الفاتيكان دوره في الوساطة بين الدبّ الروسي وأوكرانيا؟
بابا الفاتيكان - البابا فرانسيس

يحظى الفاتيكان بصورة ذهنية رائقة في الوعي الجمعي العالمي، فقد وصفه "وول ديورانت" بأنه "أهم مؤسسة بشرية عرفها التاريخ المعاصر"، وهو ما يؤهله للعب دور الوساطة وتقريب وجهات النظر في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكراني وتجنيب العالم ويلات مجاعة منتظرة، ولكن هل يستطيع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان القيام بهذا الدور أم يمنعه مرضه من إنقاذ العالم؟

نفى البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، شائعات زعمت أنه يعتزم التنحي في وقت قريب، وقال إنه يأمل أن يزور موسكو وكييف بعد زيارة كندا في وقت لاحق هذا الشهر. 

وقال البابا لوكالة أنباء "رويترز"، إن فكرة الإعلان عن تنحيه بنهاية الصيف "لم تطرأ على ذهني مطلقا"، بالرغم من أنه كرر الحديث عن احتمال تنحيه يوما ما كما فعل البابا بنيدكت السادس عشر عام 2013. 

هل تعيق الحالة الصحية جهود بابا الفاتيكان؟

يبدو أن حالة البابا فرنسيس ستعيقه عن أشياء كثيرة وعلى رأسها زيارة موسكو وكييف لمحاولة تقريب وجهات النظر، ففي تصريحاته قال بابا الفاتيكان، إنه يأمل في زيارة روسيا وأوكرانيا في وقت لاحق، وكشف فرنسيس أن مشكلة ركبته التي أجبرته على استخدام مقعد متحرك طوال ما يزيد على الشهر، كانت بسبب "كسر صغير" حدث عندما تحرك بشكل غير ملائم بينما كان رباط ركبته ملتهبا. 

 وقال إنه "يتحسن ببطء" بعلاج الليزر والعلاج المغناطيسي، وكان من المقرر أن يقوم فرنسيس بزيارة الكونغو وجنوب السودان هذا الأسبوع، لكنه اضطر لإلغاء الرحلة بعد أن قال الأطباء إنه بحاجة إلى مزيد من العلاج، وقال إنه يعتزم زيارة كندا خلال الفترة من 24 إلى 30 يوليو الجاري.

أوجاع فرنسيس

الخطوات المتثاقلة التي يخطوها البابا فرنسيس في الأعوام القليلة الماضية -رغم ابتسامة لا تفارق محياه- ترجع لآلام ساقه اليمنى الناتجة عن تدهور إصابته بمرض عرق النسا، لا يمكن تجاهلها، الأمر الذي أدى إلى غيابه عشية رأس السنة عام 2020، وقبل تفشي جائحة "كوفيد-19"، عن الصلاة الطقسية في تلك المناسبة الشهيرة. 

 على أن العارفين بسيرة ومسيرة فرنسيس، يدركون أن عرق النسا، ليس هو مبتدأ الأوجاع بالنسبة للبابا الأرجنتيني الذي يتم في 17 ديسمبر المقبل عامه الخامس والثمانين، فقد كانت هناك قصة أخرى أكثر ألماً ووجعاً على صعيد صحة البابا بيروجوليو. 

في عمر الثالثة والثلاثين، وكان ذلك عام 1969، أصيب الكاهن الشاب، والذي سيضحى البابا فرنسيس لاحقاً، بالتهاب خطير في الصدر استدعى استئصال إحدى رئتيه بعد نزاع دام 3 أيام "بين الحياة والموت"، وقد قال في وقت ما سابقاً “هذا الإجراء الجراحي، كان يمكن تلافيه في حاضرات أيامنا عبر استخدام المضادات الحيوية المتقدمة”، وأخيراً، جاءت أزمة ما يسمى "ضيق الرتج المصحوب بأعراض القولون"، وهو ضيق في القناة المعوية بسبب تكاثر البكتيريا داخل الرتج، وهي نتوءات طبيعية ناتجة عن زيادة الضغط داخل الأمعاء الغليظة، وتمثل الرتوج أمراضاً حميدة، خاصة مع تقدم العمر، ولمواجهة عواقب العدوى، قد يكون من الضروري اللجوء إلى الجراحة، كما في حالة البابا فرنسيس، حيث تم استئصال نصف القولون الأيسر.

مكانة الفاتيكان الروحية لدى العالم

في 7 يونيو من عام 1929، اعترفت الحكومة الإيطالية الفاشية بالسيادة المستقلة لمدينة الفاتيكان، في معاهدة لاتران حيث يمارس البابا السيادة عند انتخابه رئيسا لكنيسة الروم الكاثوليك، ويتمتع بسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية مطلقة داخل مدينة الفاتيكان، بحسب دائرة المعارف البريطانية. 

وقد تم توقيع تلك المعاهدة في عهد الزعيم الفاشي، بنيتو موسوليني، وفيكتور إيمانويل ملك إيطاليا، والبابا بيوس الحادي عشر.

وتعد مدينة الفاتيكان أصغر دولة مستقلة في العالم ومقر القيادة الروحية لكنيسة الروم الكاثوليك. 

وتُحيط العاصمة الإيطالية روما بأراضيها من كل الجوانب، ويشكل الكهنة والراهبات من العديد من الجنسيات جميع السكان تقريبا. 

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن مدينة الفاتيكان جيب في العاصمة الإيطالية روما، ولا تزيد مساحتها على 44 كيلومترا مربعا فقط، وتقع على الضفة الغربية لنهر التيبر، وتشكل أسوار مدينة الفاتيكان، التي تعود للقرون الوسطى وعصر النهضة، حدودها باستثناء الحدود الجنوبية الشرقية في ساحة القديس بطرس (ساحة سان بيترو)، وهناك 3 مداخل فقط من بين مداخلها الستة مفتوحة للجمهور. 

وتحيط بمدينة الفاتيكان العديد من المباني المهيبة، ومن بين هذه المواقع كاتدرائية القديس بطرس، وهي موقع للحج، وقد شُيدت خلال القرن الرابع وأعيد بناؤها خلال القرن السادس عشر، وهي المبنى الأكثر روعة في المدينة فقد تم تشييدها فوق قبر القديس بطرس الرسول، وهي ثاني أكبر مبنى ديني "بعد كنيسة ياموسوكرو" في العالم المسيحي، وتضم المتاحف والمعارض الفنية الخاصة بالفاتيكان مجموعات فنية لا تقدر بثمن.

ويبلغ عدد سكان دولة الفاتيكان حوالي 800 شخص فقط غالبيتهم من الكهنة والراهبات وهناك أيضا عدة مئات من الأشخاص العاديين الذين يعملون في وظائف السكرتارية والوظائف التجارية والخدمية. 

وتمتد الامتيازات الخاصة للفاتيكان خارج الحدود الإقليمية للمدينة لتشمل أكثر من 10 مبانٍ أخرى في روما، فضلا عن قلعة غاندولفو، المقر الصيفي للبابا في منطقة ألبان هيلز، بالإضافة إلى ذلك، للفاتيكان سفارات في العديد من دول العالم. 

وتحتوي مكتبة الفاتيكان الرسولية على مجموعة لا تقدر بثمن تضم 150 ألف مخطوطة، والعديد منها من عصور ما قبل المسيحية وأوائل المسيحية، و1.6 مليون كتاب مطبوع. 

وتنشر مدينة الفاتيكان جريدتها اليومية المؤثرة، لوبزارفاتوري رومانو، ويمكن لمطابعها طباعة الكتب والنشرات بـ30 لغة تتراوح من اللغة الجورجية الكنسية القديمة إلى التاميل الهندية، وينتج الفاتيكان منذ عام 1983 برامج تلفزيونية خاصة به، ويتم سماع برامجه الإذاعية بنحو 40 لغة في أجزاء كثيرة من العالم، وتم تصنيف مدينة الفاتيكان كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1984.

ويوجد في مدينة الفاتيكان نظام هاتف خاص بها، ومكتب بريد، وحدائق، ومرصد فلكي، ومحطة إذاعية، ونظام مصرفي بالإضافة إلى فرقة من الحرس السويسري المسؤولة عن السلامة الشخصية للبابا منذ عام 1506.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية