كبار السن.. فئة عمرية "منسية" تعاني التهميش ونقص البيانات

كبار السن.. فئة عمرية "منسية" تعاني التهميش ونقص البيانات

 

يعانون التهميش ونقص البيانات، هذا هو حال كبار السن "المسنين" في معظم دول العالم، ما يحول دون التصدي الفعال للتجاهل والعنف ضدهم.

وتعد معاملة كبار السن، قضية اجتماعية عالمية ملحة وملموسة تؤثر على الصحة وحقوق الإنسان لملايين من كبار السن حول العالم.

والعنف ضد كبار السن هو ظاهرة عالمية تأخذ العديد من الأشكال وتقع في مختلف البيئات، بما فيها داخل الأسر والمنازل، وفي أماكن العمل ومؤسسات الرعاية والأماكن العامة ووسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني.

ويقول مراقبون إن جائحة كورونا فاقمت أزمات كبار السن، حيث كثفت السنوات الثلاث الماضية الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية والمناخية على الظروف الحياتية للمسنين لا سيما النساء منهم.

افتقار البيانات

ووفق الأمم المتحدة، فإنه بين عامي 2019 و2030، من المتوقع أن ينمو عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر بنسبة 38%، من مليار إلى 1.4 مليار، وهو عدد يفوق عدد الشباب على مستوى العالم.

وبحسب الإحصاء الأممي، ستكون هذه الزيادة هي الأكبر والأسرع، لتعكس ضرورة الاعتراف بإيلاء مزيد من الاهتمام للتحديات المحددة التي تؤثر على كبار السن، بما في ذلك في مجال حقوق الإنسان.

ويشكل الافتقار إلى المعلومات والبيانات الموثوقة إحدى العقبات التي تحول دون التصدي الفعال للعنف ضد كبار السن، إذ تعد البيانات المتعلقة بتجارب العنف وإساءة المعاملة والإهمال لكبار السن مفقودة إلى حد كبير.

وتقدر منظمة الصحة العالمية، بأن 1 من بين كل 6 أشخاص تخطّوا الـ60 عامًا قد تعرضوا لشكل من أشكال إساءة المعاملة في بيئته المجتمعية المحلية. 

ويعتقد أن معدلات إساءة معاملة المسنين مرتفعة في عدد من المؤسسات، على غرار دور رعاية المسنين ومرافق الرعاية الطويلة الأجل، حيث أبلغ 2 من بين كل 3 موظفين عن ارتكابهم إساءة معاملة. 

العنف ضد المسنين

ومن المتوقع أن تكون الشيخوخة واحدة من أبرز التحولات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، حيث ستؤثر في جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك سوق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع والخدمات، فضلا عن التركيبة الأسرية والروابط بين الأجيال.

فيما تزداد أهمية كبار السن باعتبارهم من المساهمين في التنمية، وممن ينبغي أن تدمج قدراتهم على العمل للنهوض بأنفسهم ومجتمعاتهم في السياسات والبرامج على جميع المستويات.

ورغم ذلك أشارت الدراسات الدولية إلى زيادة معدلات إساءة المعاملة في ظلّ تفشي جائحة كورونا، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر بعد، بما أنّ سكّان العديد من البلدان يتقدّمون في السن بوتيرة سريعة.

وتقول الأمم المتحدة إن إدراك العنف المُمارَس ضدّ كبار السنّ والتصدي لإساءة معاملتهم، من الضروري لتحديد عوامل الخطر والثغرات في الوقاية والحماية والفئات الضعيفة الأكثر عرضة للخطر.

مسؤولية مجتمعية

بدورها قالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس (حكومية مقرها القاهرة) الدكتورة سامية خضر، إن الدول المتقدمة تولي اهتماما مكثفا بشريحة كبار السن أكثر من نظيرتها في الدول النامية.

وأوضحت خضر في تصريح لـ"جسور بوست" أن الرعاية النفسية والاجتماعية والخدمية ضرورة حقوقية للمسنين، لكنها تظل غائبة نسبيا عن منظومة التشريعات في الدول العربية.

وأضافت: "رعاية كبار السن هي مسؤولية مجتمعية، من خلال تلبية احتياجاتهم النفسية والصحية والاجتماعية، بهدف الاستفادة من خبراتهم العملية والمعرفة ونقلها إلى الأجيال الأخرى".

وتابعت خضر: "خلال العقود الأخيرة ارتفعت متوسطات الأعمار بسبب التقدم العلمي والوعي بالمتابعات الصحية، ما يقتضي بالضرورة الاهتمام بتلك الشريحة العمرية التي تتجاوز 60 عاما".

ومضت قائلة: "كبار السن في العالم وخاصة الدول النامية يحتاجون إلى حزمة من الخدمات أكثر من أي شريحة عمرية أخرى، ويجب الاستفادة من التكنولوجيا لتقديم الرعاية للمسنين بصورة أكثر سرعة وإنجازا".

خطط تنموية 

وتمتلك معظم الدول العربية خططا وإستراتيجيات وطنية لرعاية كبار السن والمسنين والحفاظ على الصحة والسلامة في الشيخوخة، لكن أغلبها يخلو من إدماجهم في العملية التنموية داخل أوطانهم. 

ودعت دراسات دولية إلى ضرورة التخطيط لاستيعاب الأعداد والنسب المتزايدة من المسنين، لضمان استدامة نظم المعاشات وضمان تأمين الدخل الأساسي في الشيخوخة للجميع، وكذلك لضمان استدامة خطط المعاشات وملاءتها المالية.

فيما أشارت إلى أهمية العمل على تطوير ثقافة شيخوخة جديدة تقوم على الحقوق، وتغيير الذهنيات والمواقف الاجتماعية من الشيخوخة والمسنين، من خلال تحويلهم من مستقبلين للإعانات إلى أعضاء نشطين ومساهمين في المجتمع.

وطالبت بالقضاء على التمييز المستند إلى السن، وتعزيز وحماية حقوق المسنين وكرامتهم، وتسهيل مشاركتهم الكاملة في المجتمع، وتحسين وصولهم إلى الخدمات العامة.

وحثت الحكومات على التحسب للنمو الكبير المنتظر في أعداد المسنين على مدار العقود المقبلة، بما يستوجب وضع سياسات متعددة القطاعات لضمان قدرة المسنين على المشاركة الفعالة في مختلف المجالات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية