اتفاق سلام تاريخي بدايته أبوظبي

اتفاق سلام تاريخي بدايته أبوظبي

في هذا الأسبوع، انتهى أطول صراع سياسي وعسكري عرفته منطقة القوقاز، بتوقيع رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، يتوسطهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على اتفاقية السلام بين البلدين، بصورة انتهت في البيت الأبيض.. لكن تفاصيلها بدأت من أبوظبي في دولة الإمارات، عندما التقى الرئيسان وجهًا لوجه مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، في يوليو الماضي.

تحملت الإمارات مسؤولية تنسيق وترتيب وجمع البلدين على طاولة الحوار، ليضعا كل الملفات الخلافية، ويبدأ كل طرف في طرح رؤيته من أجل التوصل إلى حل ينهي هذا الصراع، الذي كان دومًا ما يتصاعد سياسيًا ثم ينفجر عسكريًا منذ الحرب الأولى في 1988-1994، التي راح ضحيتها 30 ألف شخص، وشردت مليون إنسان، وكذلك حرب 2016، ثم حرب الـ44 يومًا في 2020.

لم تكن مهمة الإمارات سهلة على الإطلاق، خاصةً مع بلدين يحمل كل منهما كراهية تاريخية للطرف الآخر، ويُحمِّله المسؤولية الكاملة للنزاع بينهما، وكذلك كان في ذهن الجميع المحاولات العديدة التي انتهت إلى فشل، من أجل توصل البلدين إلى تفاهمات تنهي هذا الصراع للأبد، وتضمن عدم تجدده مرة أخرى.

ومع ذلك، انطلقت الإمارات في مهمتها التي قادها الشيخ محمد بن زايد، وطرح البلدان كل الملفات شديدة الحساسية، كترسيم الحدود، وفتح ممرات استراتيجية مثل "ممر زنغزور"، وإنجاز عملية تبادل الأسرى والمفقودين، وعدم الاعتداء، واحترام السيادة الوطنية، وقبل كل ذلك تحويل العلاقات بين البلدين إلى مسار إيجابي وتعاون مستقبلي.

حوّلت الإمارات مسارات التفاوض بين البلدين إلى "المرونة"، وفوجئ الجميع بتجاوب مختلف الأطراف الشديد مع دولة الإمارات، وبالقطع عزز هذا الموقف الدور الإماراتي إقليميًا وعالميًا، في الدفع نحو عمليات سلام تؤدي إلى إنهاء شتى الصراعات في العالم، ليس في الشرق الأوسط فحسب.. والجميع يعلم حجم الدور الإماراتي المميز والنشط منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

هكذا جاءت الصورة في أبوظبي للرئيسين مع الشيخ محمد بن زايد، نتيجة لسياسة الإمارات التي دومًا ما سعت لبناء الجسور وتغليب الدبلوماسية، ضمن رؤيتها الأشمل لتعزيز السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي.

ما حدث في أبوظبي كان البداية للاتفاق الأوسع في الولايات المتحدة، الذي انتهى إلى عدم تنفيذ أو تشجيع أي طرف أو المشاركة في أي أعمال عدائية ضد الطرف الآخر، في المجالات الدبلوماسية أو الإعلامية أو غيرها، والامتناع في علاقاتهما المتبادلة عن استخدام القوة أو التهديد بها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي للطرف الآخر، وإلغاء أو إنهاء أو إبطال جميع المطالبات والشكاوى والاعتراضات والإجراءات والنزاعات، والبدء في استئناف العلاقات الدبلوماسية.

هذا ما أثمرته جهود الإمارات في هذا الصراع الذي بدأ منذ أوائل التسعينيات، وظن العالم أنه لن ينتهي أبدًا، لكن الإمارات أنهته للأبد.

بالقطع ستشهد الأيام المقبلة استمرارًا ونشاطًا واسعًا لدور الإمارات في إنهاء مختلف الصراعات العالمية والإقليمية، وصولًا إلى عالم أفضل يتطلع إليه الجميع، والإمارات خصوصًا. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية