قمة جلاسجو بين تحديات التغير المناخي وغياب القادة.. هل تصل لحلول حقيقية؟

قمة  جلاسجو  بين تحديات التغير المناخي وغياب القادة.. هل تصل لحلول حقيقية؟

كتبت: ماجدة القاضي- عن فورين أفيرز

يبدو أن مؤتمر الأطراف السادس والعشرون المنعقد بجلاسجو في اسكتلندا بزخم حضوره الدولي كحفل كبير يجمع معظم دول العالم، حيث يضم مفاوضين من كل دولة على وجه الأرض، من أجل تقييم مدى التقدم في مكافحة الاحتباس الحراري وآثار التغير المناخي البادية على مستوى العالم، حيث يستضيف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، ورئيس الوزراء الهندي نار يندرا مودي.

لكن هذا لا يعنى وجود إجماع عالمي على المشاركة، فهناك قادة دول قالوا “لا” للمشاركة وبوضوح، وهي دول يلعب اقتصادها دوراً كبيراً ومؤثراً في العالم، منهم على سبيل المثال لا الحصر: الرئيس البرازيلي جايير بولسينارو، والمكسيكي أندريس مانويل لوبيز، والروسي فلاديمير بوتين، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل راما فوزا، ويبقى الرئيس الصيني شي جي بينج الأكثر أهمية نظراً لثقل الصين الاقتصادي والصناعي أكثر الغائبين تأثيراً.

في منتصف أكتوبر الماضي، قالت الملكة إليزابيث إنها لا تملك قائمة مؤكدة بالحضور، وأضافت: “الأمر مزعج للغاية خاصة عندما يتحدثون ولا يفعلون”، ومن هنا يظهر السؤال الأساسي المتعلق بمؤتمر الأطراف في جلاسجو، وهو ما الذي ستفعله الدول فعلاً لمكافحة الانبعاثات الحرارية وتغير المناخ؟

ينظر إلى مؤتمر الأطراف في جلاسجو هذه المرة على أنه اللحظة الحاسمة لوقف الاحتباس الحراري، حيث حذر العلماء من أن الوقت قد أوشك على النفاد لتجنب الانبعاثات الحرارية الناتجة عن النشاط البشري، وينتظر في المؤتمر أن تقطع الدول المشاركة وعوداً بخفض انبعاثاتها الحرارية.

وتتوقع الدول النامية التي لم تكن لها علاقة بصناعة أزمة المناخ أن تتلقى مساعدات مالية من الدول الأكثر ثراءً والتي صنعت الأزمة، لمساعدتها على التكيف مع الآثار المناخية مثل ارتفاع مستوى مياه البحر، والجفاف الشديد، وتحفيز الاستثمار في الطاقة النظيفة، لكن الكل يتشكك في الوعود وجدواها، وهل بالفعل سيتم الالتزام بها في ظل مناخ اقتصادي لا يرحم؟

مؤتمر الأطراف بجلاسجو هو بالكاد أول اجتماع عالمي حول  منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، حيث اجتمعت الدول المهتمة من قبل في ريو دي جانيرو 1994 لحضور أول قمة مناخ وأطلقت حينها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والتي تقر بأن التهديد الذي يشكله التغير المناخي  يتطلب أكبر تعاون ممكن من قبل جميع البلدان لتحقيق الاستقرار في انبعاثات الغاز في الغلاف الجوي؛ بعد هذا الاجتماع اجتمعت الدول في مؤتمر الأطراف كل عام تقريباً للتصدي للأزمة بدون نتائج ملزمة، لكن في عام 2015 وفي حظيرة للطائرات خارج باريس تكاتف المفاوضون للإعلان عن اتفاقية عالمية بشأن المناخ، ما اعتبروه حينها انتصاراً كبيراً.

تحدد اتفاقية باريس للمناخ هدفاً يتمثل في الحفاظ على متوسط ارتفاع لدرجة الحرارة العالمية، ضمن “حدود آمنة” أقل بكثير من درجتين مئويتين وهي الدرجة الآمنة التي كانت سائدة في ما قبل الصناعة الكثيفة وتحددت في أقل من واحد ونصف درجة مئوية.

منذ مؤتمر باريس كشفت الدراسات في علوم المناخ أن المخاطر أعلى بكثير مما يفترضه الكثيرون، ففي عام 2018 حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ -وهي المجموعة المسؤولة عن تقديم تقييمات مناخية دورية لصانعي السياسات الحكوميين- من أن ارتفاع درجة الحرارة يجب أن يظل أقل من واحد ونصف بالمائة لتجنب الضرر البشري والبيئي الذي لا رجعة فيه.

في أكتوبر 2021 قدرت الأمم المتحدة إنتاج الدول من الوقود الأحفوري بـ110%، وهو معدل أعلى بكثير من الدرجة المطلوبة، لكنه اللازم للصناعة، في الشهر نفسه حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن “التقدم في مجال الطاقة النظيفة لا يزال بطيئاً للغاية وأن الانخفاض العالمي في وضع الانبعاثات العالمية لا يفي بالوصول لدرجة الصفر المرجوة”.

في الوقت ذاته، التغيرات الحالية والسريعة في المشهد الجيوسياسي على الأرض جعلت فكرة التعاون الدولي لتقليل الأزمة بحلول حقيقية فعالة أمراً شديد الصعوبة، أضف إلى ذلك العلاقات الباردة الحالية بين قطبي العالم في صناعة التلوث؛ الولايات المتحدة والصين، والهوة التي تزداد اتساعاً بين الدول الغنية والفقيرة بعد وباء “كورونا”، وأزمة الطاقة الناشئة والواضحة في الصين والهند، وارتفاع أسعار الطاقة عالمياً الذي يضع عبئاً ضخماً على الحكومات، كل هذه المعوقات جعلت القادة المشاركين في جلاسجو أقل تفاؤلاً بنتائج اللقاء.

في جلاسجو؛ ستُقر الدول المشاركة بالتزاماتها السابقة طبقاً لاتفاق باريس لخفض الانبعاثات الحرارية والتي تصل بمعدل الانبعاث لـ2.7% وهو معدل أكبر من المطلوب تحقيقه بكثير ويقود الكوكب بأكمله إلى مسار كارثي -على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش- وبالتالي تبقى الإجابة عن مدى جدوى وفاعلية مؤتمر الأطراف في جلاسجو مبهمة في ظل حقائق واضحة وغياب دول كبرى مسببة للتلوث عن طاولة المفاوضات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية