حصاد الحريات بمصر.. 2022 عام المجتمع المدني والحوار والإفراج عن السجناء

رغم وجود بعض الانتقادات الدولية

حصاد الحريات بمصر.. 2022 عام المجتمع المدني والحوار والإفراج عن السجناء

 بإعلانه عاما للمجتمع المدني، ظلت وضعية حقوق الإنسان في مصر تحت المجهر المحلي والدولي خلال عام 2022، لا سيما في ما يتعلق بالحقوق السياسية.

وبعد نحو 4 سنوات ونصف السنة، ألغى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حالة الطوارئ في عموم البلاد في شهر أكتوبر من العام الماضي 2021، بعد أن ظلت مفروضة إثر تفجير كنيستين شمالي البلاد في إبريل من عام 2017.

غير أنه أعلن 2022 عاما للمجتمع المدني، وأعاد تفعيل لجنة العفو الرئاسي عن السجناء، ودعا لإجراء حوار وطني بين مختلف الفصائل السياسية، فيما حققت مصر تقدما في ملف الحريات الدينية.

وبالرغم من كل هذه الجهود في ملف الحقوق والحريات، لا تزال مصر تواجه انتقادات دولية بشأن تقييد الحريات ومجال العمل العام وملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان.  

المجتمع المدني

في ديسمبر 2022، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي، المنظومة الإلكترونية المتكاملة لتنظيم ممارسة العمل الأهلي، والتي تعد الأولى في مصر، بهدف تسجيل وتقديم كل الخدمات لمؤسسات العمل الأهلي.

9.jpg

وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية نيفين القباج

وأعلنت الوزارة -المسؤولة عن تنظيم نشاط العمل الأهلي- أن نحو 32 ألف جمعية ومؤسسة أهلية قد انتهت من إجراءات توفيق أوضاعها، وصدور قرار وزاري بمد فترة أخيرة لتوفيق الأوضاع حتى 11 إبريل 2023.

بموجب قرار رئاسي صدر القانون رقم 149 لسنة 2019 لتنظيم ممارسة العمل الأهلي الذي أقره مجلس النواب في يوليو 2019 ليحل محل القانون رقم 70 لسنة 2017، الذي كان قد أثار فور صدوره الكثير من الانتقادات الدولية.

ويعمل في مصر نحو 55 ألف منظمة ومؤسسة أهلية (غير حكومية) معظمها ينشط في مجالات العمل التنموي والخيري والتوعية، إلى جانب المجال الحقوقي والدفاعي.

الحوار الوطني

في 27 إبريل 2022، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى إجراء حوار بين مختلف الفصائل السياسية بهدف التأسيس لـ"وطن يتسع للجميع".

10.jpg

وقال السيسي آنذاك إن "الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية"، لتكون تلك الرسالة بمثابة إشارة لحدوث انفراجة سياسية بصدور قرارات العفو والإفراج عن عدد كبير من المحتجزين على خلفية قضايا سياسية.

وفي 5 يوليو 2022، شهدت الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة للرئاسة المصرية غربي القاهرة، انطلاق أول جلسة تحضيرية لحوار سياسي في عهد السيسي الذي تولى مقاليد الحكم منذ عام 2014 وحتى الآن.

ولقي تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني ترحيبا واسعا، إذ ضم 19 شخصية من قادة العمل السياسي والمعارضين والمستقلين، فيما سمحت السلطات بعودة المعارضين الذين غادروا البلاد خشية الملاحقات الأمنية، أبرزهم الأكاديمي البارز عمرو حمزاوي والناشط المعارض وائل غنيم.

سجناء الرأي

في إبريل 2022، قرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال حفل إفطار مع القوى السياسية، إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي عن سجناء الرأي والمحتجزين على خلفية قضايا سياسية.

11.jpg

وأعلن أعضاء من لجنة العفو الرئاسي، أن عدد السجناء المفرج عنهم بلغ أكثر من 1200 سجين سياسي، أبرزهم النشطاء البارزون زياد العليمي وحسام مؤنس وهشام فؤاد وإسماعيل الإسكندراني ويحيى حسين وغيرهم.

وبرزت جهود وطنية لإعادة دمج وتأهيل المفرج عنهم مؤخرا وذويهم، من خلال إنهاء مستندات عودتهم لوظائفهم، إضافة إلى تقديم الدعم المالي والصحي والنفسي وغير ذلك.

ويخول القانون لرئيس الجمهورية العفو عن الأشخاص الصادرة بحقهم أحكامٌ نهائية بالإدانة، طالما اتسم المحكوم عليهم بحسن السير والسلوك، بشرط ألّا يكونوا خطرا على الأمن العام بعد إطلاق سراحهم.

الحريات الدينية

أطلقت مصر استراتيجية لحرية الدين والمعتقد لتحقيق عدة نتائج خلال الفترة من 2021 إلى 2026، والتي يأتي أبرز بنودها في تكثيف حملات التوعية بين الشباب لتعزيز التعايش السلمي، وقبول الآخر، ونبذ العنف والكراهية.

وتهدف أيضا إلى تنفيذ المزيد من المبادرات الشبابية الرامية إلى تعزيز ودعم قيم المواطنة والانتماء، فضلا عن تعزيز التنسيق بين المؤسسات الدينية في تنفيذ خطط تجديد الخطاب الديني.

12.jpg

ولعل أبرز ما جاء بالاستراتيجية هو مواصلة جهود تقنين أوضاع الكنائس، وخلق وعي مجتمعي باحترام الحريات الدينية ونبذ التعصب والأفكار المتطرفة.

وفي نوفمبر الماضي، أعلنت اللجنة الرئاسية لتقنين أوضاع الكنائس الموافقة على تقنين أوضاع 2526 كنيسة ومبنى تابعاً، منذ بدء عمل اللجنة في يناير 2017.

المرأة في القضاء

في مارس 2022، جلست امرأة قاضية على منصة المحكمة الإدارية أو ما يعرف بـ"مجلس الدولة" في سابقة هي الأولى في تاريخ مصر، بعد عقود من المطالبات والدعاوى القضائية لتمكين النساء من العمل القضائي.

ومنذ إنشاء مجلس الدولة -القضاء المعنى بالفصل في المنازعات الإدارية- في عام 1946، لم يشهد جلوس النساء على منصات محاكمه، إذ عزا مراقبون ذلك إلى اتجاه المجلس لرفض تعيين الإناث قاضيات فيه.

وفي عام 2010، رفضت الجمعية العمومية لمجلس الدولة بالأغلبية، تعيين النساء قاضيات بالمجلس، رداً على قرار رئيس مجلس الدولة آنذاك محمد الحسيني بفتح التعيين للإناث.

وتنص المادة 186 من لائحة مجلس الدولة على أنه "لا يجوز اتخاذ أي إجراءات بشأن تعيين أعضاء في مجلس الدولة على خلاف رأي الجمعية العمومية للمجلس".

وفي أكتوبر 2021، صدور أول قرار جمهوري بتعيين 98 قاضية بالنقل من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة (هيئتين قضائيتين)، ليلقى القرار ترحيبا واسعا بين الأوساط الحقوقية والنسوية.

13.jpg

استراتيجية وطنية

وفي سبتمبر 2021، أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية المصرية لحقوق الإنسان، والتي تضمنت 3 محاور، وهي: التطوير التشريعي، والتطوير المؤسسي، والتثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان.

وفي مطلع عام 2022 أعلنت وزارة التخطيط المصرية، أن خطة التنمية المستدامة للسنة المالية 2022-2023، ولأول مرة تتضمن قسما خاصا لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وقالت الوزارة -آنذاك- إنها ستتولى الربط بين المشروعات والبرامج التنموية المستهدفة ومحاور الاستراتيجية، خاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة والطفل وكبار السن والحق في التنمية.

انتقادات دولية

في المقابل، تواجه مصر بين الحين والآخر انتقادات دولية لسياساتها في ملف حقوق الإنسان، حيث كان آخرها تقرير من البرلمان الأوروبي في نوفمبر الماضي يدعو إلى مراجعة علاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر.

ووصف التقرير -آنذاك- سياسات مصر في سجل حقوق الإنسان بـ"التقدم البسيط"، داعيا السلطات المصرية إلى الإفراج عمن سماهم بـ"النشطاء الذين تم سجنهم".

14.jpg

الناشط السياسي علاء عبدالفتاح

وأثارت قضية الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، جدلا واسعا على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ "cop 27" حيث طالب نشطاء مصريين وأجانب بالإفراج عنه.

واعتبر برلمانيون وسياسيون مصريون ذلك الأمر "تدخلا سافرا" في استقلال النيابة العامة والقضاء المصري، ما دفع أسرة عبدالفتاح (42 عاما) إلى تقديم طلب رسمي إلى لجنة العفو الرئاسي للإفراج عنه.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية