لاجئون سوريون أيتام بالأردن لا يستطيعون الوصول للدراسة (صور)

بسبب الفقر وانعدام الدخل ومحدودية المساعدات

لاجئون سوريون أيتام بالأردن لا يستطيعون الوصول للدراسة (صور)

“نعيش بالكاد على المساعدات ولا نستطيع تأمين أجور المواصلات، حتى يذهب أحمد إلى المدرسة، ازداد وضعه سوءا هذا العام ولم يعد قادرا على تحمل اكتظاظ باصات المدرسة”.. هكذا تصف أم محمد -وهي سورية أتت للأردن مع أطفالها- حالها والذي يكشف إحدى صور معاناة اللاجئين السوريين.

تقول أم محمد: "ابني لم يعد قادرا على الوقوف بطريقة متوازنة ويقع فورًا في حال تم دفعه، وقد يتسبب سقوطه في موته فهناك جهاز في رأسه لأنه يعاني أيضًا من شحنات في الدماغ، غير التنمر المستمر من أطفال المدرسة وأطفال الحي"، وفق صحيفة الغد الأردنية.

وتلفت أم محمد إلى أنها أجرت عدة عمليات لأحمد ولكنها فقط حمته من الشلل ولم تعد له حياته الطبيعية، فهو بحاجة لجبيرة وعلاج طبيعي مستمر حتى يتم السيطرة على وضعه. تؤمن منظمة "الهاند كاب" العلاج الطبيعي ولكن والدته لا تستطيع تأمين أجور النقل لأخذ طفلها إلى مقر المنظمة.

أحمد واحد من الأطفال السوريين الأيتام الذين يوثِّق التقرير معاناة بعضهم نتيجة عدم القدرة على الوصول للتعليم المدرسي أو يصلون دون جدوى لعدم تمكنهم من الكتابة أو القراءة.

يقول أحمد (البالغ من العمر 15 سنة): “ظهري يؤلمني، لا أستطيع السير ولا أستطيع حمل الحقيبة، يا ليت عندي لابتوب أو تلفون حتى أقدر أدرس من البيت، أنا بحب المدرسة”.

هذه قصة أم محمد وأولادها الخمسة؛ ابنة وابن خارج المدرسة بسبب وضعهما الصحي، وأخوتهما الذين يذهبون للمدرسة وضعهم ليس أفضل فهم يعانون من ضعف تعليمي وحالة صحية سيئة.

تعيش أم محمد مع أولادها الخمسة في تجمع للسوريين، في العاصمة عمان، بعد ما توفي زوجها في الحرب وأصبحت هي المعيل الوحيد لهم.

تقول أم محمد إنها لا تستطيع العمل بسبب مرض ابنتها التي تعاني من زيادة في شحنات الدماغ، ومرض أحمد الذي ولد بعيب في عموده الفقري.

في الوقت الذي قدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” أن عدد الأيتام في سوريا بلغ قرابة مليون طفل حتى عام 2018، ولا تزال الأعداد تشهد ارتفاعًا مفزعًا، ويُعد 90% منهم غير مكفولين.

لا تتوفر أي إحصائيات أو أرقام حول الأعداد الموجودة في الأردن وحسب سعد الخطيب (موظف في وزارة التنمية مطلع على الملف)، فقد تعاملت التنمية بالتعاون مع “اليونيسف” مع نحو 175 حالة منهم حيث تم دمجهم ضمن أسر بديلة.

صعوبة في النطق

حنّان، طفل سوري فقد والده في الحرب عمره سبع سنوات، يعاني صعوبة في النطق، يقول: أحلم بالحصول على “لعبة سيارة حمراء”.

تقول جدة حنّان: “دخل حنان مع والدته إلى الأردن، وبعد فترة تزوجت وتركته عندنا وتم نقل الوصاية لي، نحن في المنزل 11 شخصًا أنا وزوجي وأولادي وحنّان، لا نحصل على مساعدات من المفوضية لأننا غادرنا مخيم الأزرق للعيش في عمّان، ترك اثنان من أولادي المدرسة لتدبّر أمورنا”.

يعاني حنّان من تسع درجات طول بالبصر وهو بحاجة لعملية، ويعاني صعوبة في النطق ولا يستطيع التعبير عن نفسه، يذهب إلى المدرسة وهو في الصف الثاني ولكنه يعاني من صعوبة في التعلم ولا يعرف الحساب والقراءة والكتابة.

“يا ريت عندي إنترنت”

أحمد في الصف السابع يصف وضعه التعليمي: “أنا ضعيف بالإنجليزي والرياضيات لأني خسرت كتير من الدروس منذ تركت المخيم وأتيت لعمّان، يا ريت عندي تلفون وإنترنت حتى أقدر أدرس، حتى معطف للشتاء ما عندي وبحياتي ما أخدت مصروف للمدرسة”.

تقول زوجة أخيه: كان أحمد يعيش بالمخيم مع والدته وبعد وفاتها عاش مع أخيه في المخيم لفترة وبعدها قررت العائلة أن يكمل أحمد حياته في عمان مع أخيه الثاني، وخلال فترة انتقاله للعيش في عمان خسر فترة من تعليمه، ويعاني مشكلات نفسية بسبب فقدان والدته، أتى لمنزل أخيه دون حاجاته الأساسية حتى حقيبة للمدرسة، فهو يستخدم حقيبة ابنتها، وزوجها خضع لعملية في ركبته، ولا يعمل وليس لديهم دخل حتى يستطيع شراء حاجات لأخيه وأولاده.

أطفال حالفهم الحظ

ناصر وعلي وصدام، ثلاثة أطفال فقدوا والدهم في الحرب، ولحسن حظهم كانوا ضمن الأطفال الذين تم رعايتهم من قبل اليونسيف والهيئة الطبية الدولية ووزارة التنمية الأردنية.

تقول جدة الأطفال: دخلت الأردن مع عائلتي؛ خمس بنات وزوجي وابني وزوجته وزوجة ابني المفقود ومعها ثلاثة أطفال، جلسنا في المخيم ثلاثة أشهر وبعدها غادرنا المخيم واستقررنا في إربد، وكنا لمدة سنة نقيم عائلة واحدة، وبعد سنة زوجة ابني المفقود تركت أطفالها وتزوجت وغادرت الأردن، وبقي الأطفال عندي وكان عمر أكبرهم ثلاثة سنوات.

وكان الطفل الأصغر يعاني من طيف التوحد وساعدتنا الهيئة الطبية في علاجه حتى تجاوز المرحلة ولا يزالون يتابعون معه.

الأطفال يذهبون إلى المدرسة ولكن هناك صعوبة في التعليم بسبب الحالة النفسية فحتى بعد مرور عشرة أعوام على وضعهم هذا دون أب ودون أم لا يزالون يعانون حالة نفسية سيئة تنعكس على تعليمهم، يذهبون للمدارس وحتى الآن لا يعرفون الكتابة والقراءة.

وعن وضع الأطفال، قال يزن عبابنة موظف الهيئة الطبية الدولية: إن الهيئة استقبلت الأطفال عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وتم الترتيب مع وزارة التنمية، الأطفال منفصلون عن والديهم، وتم تقييم المصلحة الفضلى للأطفال وحددنا المكان الأفضل للأطفال وتم تحديد منزل الجدة أم والدهم وعمهم المرتبط بخالتهم، وتم اختيار هذه العائلة كعائلة بديلة، وتلقوا دعم نفسي والصحة النفسية ومريض طيف التوحد تم علاجه، وحالته أصبحت ممتازة.

برامج حماية اجتماعية

أخصائية حماية الطفل في مكتب اليونسيف في عمّان، سوزان قشط، تقول: يتم الوصول إلى فئة الأطفال الأيتام عن طريق برنامج مشترك بين اليونسف ووزارة التنمية الاجتماعية، يتم من خلاله دعم الأطفال الأيتام.

وأوضحت أن البرنامج بدأ عام 2012 ويسمى برنامج الرعاية البديلة لدمج الأطفال ضمن عائلات تدعمهم وتدعم نموهم، تؤمن اليونسيف أن وجود الأطفال ضمن أسر يحميهم من المخاطر الاجتماعية والنفسية والجسدية.

لفتت قشط إلى أن اليونسيف تتعامل ضمن برنامج الأسر البديلة مع جميع الأطفال الأيتام في الأردن ومن ضمنهم الأطفال السوريون، وتتم دراسة حالة الأسر التي ستحتضن الطفل اليتيم من ناحية اجتماعية وناحية مادية.

وأشارت إلى أن البرنامج تعامل مع 500 حالة من بينهم أطفال سوريون، وتتم متابعة الأطفال ضمن هذه العائلات.

التعليم من أكبر العقبات

وفقا لرئيس فريق رصد أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن ومدير إدارة التوعية والتدريب في المركز الوطني لحقوق الإنسان المحامي عيسى المرازيق، يعد التعليم من أكبر العقبات التي يعاني منها الأطفال اللاجئون الأيتام، مؤكدا أنه يجب التنسيق مع الجهات المانحة لتسهيل وصول الأطفال للمدارس.


 
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية