حرية الصحافة بالمغرب.. مكتسبات مهمة و"لجنة مؤقتة" تثير الجدل

حرية الصحافة بالمغرب.. مكتسبات مهمة و"لجنة مؤقتة" تثير الجدل

- رئيس شعبة البيئة الرقمية بالمعهد العالي للإعلام والاتصال: الدولة المغربية قامت بالعديد من الإجراءات لتوسيع حرية الصحافة

- رئيس “الفيدرالية المغربية لناشري الصحف”: المغرب شهد تقدماً في حرية الصحافة ولم تعد هناك عقوبات بالحبس في قانون الصحافة والنشر

- أستاذ قانون بجامعة محمد الأول: المغرب في المرحلة الوسيطة في حرية الصحافة بين التحكمية والديمقراطية المطلقة

- رئيس “الفيدرالية المغربية لناشري الصحف”: اللجنة المؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة تخدش صورة التقدم الحاصل في حرية الصحافة بالبلاد

- نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: كانت هناك انفراجة منذ بداية الألفية الجديدة لكن لا توجد إرادة واضحة للدولة لفتح الآراء

المغرب- سامي جولال

يحل اليوم الدولي لحرية الصحافة في الثالث من مايو وقد حقق المغرب خلال السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً في هذا المجال، وراكم فيه مجموعة من المكتسبات، بفضل جملة من القرارات والإجراءات، أبرزها تحرير قطاع السمعي-البصري وإلغاء احتكار الدولة في مجال البث الإذاعي والتلفزي، الذي انطلق عملياً في عام 2006، واعتماد دستور جديد في عام 2011، كفل حرية الفكر، والرأي والتعبير، بكل أشكالها، وضمن حرية الصحافة، ومنع تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، ومنح المواطنات والمواطنين الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، إضافة إلى اعتماد قانون صحافة ونشر جديد في عام 2016، من أهم ما جاء فيه إلغاء عقوبة الحبس في حق الصحفيين، وتعويضها بالغرامات المالية، وحقق الحماية القضائية لسرية المصادر، فضلاً عن إحداث المجلس الوطني للصحافة، الذي باشر رئيسه وأعضاؤه في أول ولاية للمجلس عملهم أواخر عام 2018، باعتباره مؤسسة وطنية مستقلة تتولى التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، وينتخب الصحفيون المهنيون، وناشرو الصحف، من بينهم 14 من أصل 21 من أعضائه. 

وفي المقابل، لا يزال المغرب يعاني، بحسب مجموعة من المصادر المغربية ذات صلةٍ بمجال الصحافة والإعلام على المستوى الأكاديمي، والمهني، والقانوني، والحقوقي، تحدثت إليها "جسور بوست"، من "مشكلات في مجال حرية الصحافة، من بينها ترحيل عقوبات تتعلق بالنشر إلى القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، في حين تطالب المنظمات المهنية والفاعلون الحقوقيون بإعادة هذه المواد إلى مدونة الصحافة ما دامت تتعلق بحرية التعبير، ولا يصل الخطأ أو الانزلاق فيها إلى درجة جرائم الحق العام، التي تستوجب سلب حرية الفاعل. 

كما يشهد الوسط المهني-الصحفي، والسياسي، والحقوقي، في المغرب، في الوقت الحالي، جدلاً كبيراً بعد مصادقة المجلس الحكومي، في 13 أبريل المنصرم، على مشروع قانون يخص إحداث لجنة مؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة، بعدما تعذر إجراء انتخابات لتجديد المجلس، الذي انتهت ولاية رئيسه وأعضائه، وتم تمديدها لمدة 6 أشهر، ما بين أكتوبر 2022 وأبريل 2023.

ويتأرجح وضع المغرب في المؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي، الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود"، بين التحسن والتراجع، إذ احتل المركز 135 في عام 2019، و133 في عام 2020، و136 في عام 2021، و135 في عام 2022.

مكتسبات مهمة 

وقال رئيس شعبة البيئة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، محمد عبدالوهاب العلالي، إن "المغرب حقق خلال عقدين من الزمن تقريباً بعض المكتسبات المهمة في ما يتعلق بحرية الصحافة، حيث يمكن أن نلحظ وجود خط تصاعدي للعديد من المكتسبات منذ بداية الألفية، وأن الدولة المغربية قامت بالعديد من الإجراءات لصالح قطاع الصحافة، ولصالح توسيع حرية الصحافة".

وتحدث العلالي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، عن "تحرير القطاع السمعي-البصري (أي السماح للخواص بدخول هذا المجال)، وتعديل قانون الصحافة سنة 2016، الذي يحتوي على بعض المقومات الإيجابية، التي تحث على الحماية الاجتماعية والقضائية للصحفيين، وحماية مصادر الأخبار، وصدور القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وأيضاً بحماية الصحفيين من الاعتداءات، وإيقاف القوانين والتشريعات، التي كانت تقوم بمنع الصحافة، وتحجيم الحريات الصحفية، وجعل حالة المنع والمصادرة بيد القضاء، وليس بيد السلطة السياسية، إضافة إلى إجراءات لدعم المقاولات الصحفية، حيث خصصت الدولة المغربية الكثير من الأموال لدعم قطاع الصحافة، ليشتغل في ظروف أفضل"، مردفاً أن "الملاحظ هو أن هذه القفزة النوعية جاءت مع دستور 2011، الذي أكد من خلال عدد من الفصول، خاصة 25 و27 و28، وجوانب أخرى من الدستور، أهمية حرية الصحافة في البناء الديمقراطي، وفي دولة ديمقراطية مثل المغرب".

إلغاء العقوبات الحبسية 

ومن جانبه، أفاد رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، نور الدين مفتاح، بأن "المغرب شهد منذ سنوات تقدماً في حرية الصحافة، وأنه منذ صدور مدونة الصحافة لسنة 2016، لم تعد هناك عقوبات حبسية في قانون الصحافة والنشر، رغم أن 6 أو 7 عقوبات تتعلق بالنشر حُوِّلت إلى القانون الجنائي، والمنظمات المهنية والفاعلون الحقوقيون يطالبون بإعادة هذه المواد إلى مدونة الصحافة، ما دامت هذه الأفعال تتعلق بحرية التعبير، وقد يكون فيها خطأ أو انزلاق، لكنها لا تصل إلى درجة جرائم الحق العام، التي تستوجب سلب حرية الفاعل".

وأضاف مفتاح، لـ"جسور بوست"، أن "المغرب يتوفر، حسب الأرقام التقديرية، على 1000 جريدة، بينها 300 صحيفة ومجلة ورقية، و700 صحيفة إلكترونية"، موضحاً أن "300 صحيفة من الـ1000 هي التي استفادت من الدعم العمومي للصحافة، الذي تقدمه الحكومة منذ 2006، لأنها تتوفر على الشروط القانونية الخاصة بهذا الدعم العمومي، وأن الصحافة المغربية عاشت صعوبات كبيرة بسبب فيروس كورونا، واضطرت الحكومة للتدخل بما يناهز نحو 60 مليون دولار خلال 3 سنوات".

مرحلة وسيطة 

وأوضح أستاذ القانون العام بجامعة محمد الأول بوجدة (شرق المغرب)، خالد الشيات، أنه "في هذه المرحلة من المراحل التاريخية للمغرب، هناك نوع مما يمكن أن نسميه بحرية الصحافة، مع التوجه أكثر نحو نوع من الضبط لهذه الحرية أكثر من أن تكون حرية مطلقة، بمعنى أن تصنيف حرية الصحافة في المغرب قائم على ما يمكن أن نسميه بالمرحلة الوسيطة؛ ما بين المراحل التحكمية، والمرحلة الديمقراطية المطلقة، وأن ذلك ظاهر من خلال مجموعة من المؤشرات".

وأضاف الشيات، لـ"جسور بوست"، أن "هناك حرية للتعبير والحديث مع وجود سقف لهذه الحرية، كما هي الحال في الكثير من الأنظمة السياسية، وأن هناك حالات لا يمكن أن تكون موضع جدل على مستوى المناقشة السياسية الإعلامية، كما هي الحال بالنسبة للدين الإسلامي، أو النظام الملكي، أو المسار الديمقراطي، أو حتى مسألة الوحدة الترابية للمغرب"، معتبراً أن "هذه أشياء موجودة في مجموعة من الأنظمة السياسية، كما كانت الحال مثلاً في مرحلة الحرب الباردة، عندما كانت هناك أنظمة ليبرالية تمنع اتجاهات الشيوعية، أو العكس كذلك، أو غيرها من الأنظمة السياسية ذات طبيعة مختلفة في العالم، التي كان لديها دائماً، بحسب الشيات، أنواع من المنع على المستوى الواقعي في الممارسة الصحفية".

تعددية كبيرة

وقال رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، نور الدين مفتاح، إن "المغرب اليوم -مع الأخذ بعين الاعتبار المعايير التي تعتمدها المنظمة التي تصنف الدول في حرية الصحافة حسب احترامها لها- يوجد في ترتيب سيئ جداً، يكاد يدور في حدود الترتيب الـ130، وهذا لا يليق، ولا يعكس أصلاً، بحسب مفتاح، الجو الموجود داخل المغرب، حيث إن هناك تعددية كبيرة على مستوى اليوميات، والصحف، والجرائد الإلكترونية، و3500 بطاقة صحافة، وتحرير لقطاع السمعي-البصري خصوصاً في شق الإذاعات، لكن بعض القرارات غير الدستورية، وغير القانونية، التي تتخذها الحكومات، تسيء لصورة المملكة، وإلى الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه منذ العهد الجديد (يقصد بالعهد الجديد تولي الملك محمد السادس العرش في البلاد في 23 يوليو 1999، خلفاً لوالده الراحل، الملك الحسن الثاني)"، متمنياً أن "تكون لدى الحكومة، والصحفيين، الجرأة الكافية، والإرادة، للعودة إلى إعلام متعدد، ومستقل، وقوي، وقادر على أداء مهمته المجتمعية".

وفي هذا الجانب، بيَّن رئيس شعبة البيئة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال ومسؤول ماجستير التواصل السياسي والاجتماعي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، محمد عبدالوهاب العلالي، أنه "رغم هذه الإنجازات الإيجابية، التي تحققت خلال عقدين من الزمن، لوحظ في المقابل وجود التباسات كبيرة، خاصة عندما نلاحظ أن المغرب لم يتقدم كثيراً في التصنيفات الدولية لحالة حرية الصحافة، التي تقوم بها بعض المنظمات الدولية، وأن المغرب بقي في موقع راكض تقريباً ما بين 135-136 في الترتيب العالمي".

وأبرز العلالي أن "هناك أحياناً بعض حالات التردد والالتباس، تجعلنا في وضعية لا نرضى عليها، وأيضاً وجود حالات متابعات للصحفيين بموجب القانون الجنائي، بعدما كانت الدولة المغربية قد أصدرت سنة 2016  مدونة للصحافة ألغت العقوبات السالبة للحرية، وتم جعل هذه المسألة (أي العقوبات السالبة للحرية) من اختصاص القانون الجنائي، ما نتج عنه، وفق العلالي، التباس بين السلطة القضائية، والسلطة الرابعة، والسلطة التنفيذية، وأن هذا الالتباس جعل هذه الإنجازات لا تأخذ خطاً تصاعدياً، وأنه أمام هذه المكتسبات الإيجابية، التي كان على المغرب أن يطورها، ليوصف في بلدان العالم الديمقراطي المتقدمة بأنه بلد الحريات، إلَّا أن هناك بعض الحوادث تخص وجود صحفيين بين القضبان، لأسباب حكمت فيها المحاكم، لكنها تبقى على العموم نقاطاً سلبية في المسار الديمقراطي المغربي، وفي مسار تطوير الحريات، وإشاعة الحريات الصحفية في المغرب".

وبيَّن نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر جمعية حقوقية في المغرب)، فاروق مهداوي، أنه "إذا تحدثنا عن وضعية الصحافة في المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم، فقد كانت هناك بعض لحظات الانفراج؛ بعد العهد الجديد في بداية الألفية (يقصد بالعهد الجديد منذ تولي الملك محمد السادس العرش في البلاد في 23 يوليو 1999، خلفاً لوالده الراحل، الملك الحسن الثاني)، وكذلك بعد احتجاجات 20 فبراير 2011، وكان هناك نوع من فتح قوسٍ للصحافة، من أجل التعبير عن آرائها، وفتح الملفات الشائكة، لكن ما عدا هاتين الفترتين خلال الـ20 سنة الأخيرة، فإنه لا يرى أن هناك إرادة واضحة للدولة المغربية، من أجل فتح الآراء".

وأضاف مهداوي، أنه "عندما نتحدث عن المكتسبات التي حققها المغرب في ما يخص حرية التعبير، فإن الحركة الحقوقية، والجسم الصِحفي، بالمغرب استبشرا خيراً مع إصدار قانون الصحافة والنشر 89.13، وكذلك القوانين المنظمة لإحداث المجلس الوطني للصحافة، وكذا قانون ميثاقيات أخلاقيات المهنة، إلا أنه من بعد سنوات قليلة على خروج هذه القوانين إلى حيز الوجود، تابعنا ولامسنا مجموعة من الممارسات، التي يمكن أن نقول إنها لا تمت إلى الجسم الصحفي بصلة، من قبيل انتشار صحافة التشهير، والصحافة التي تمارس بعض الأدوار لصالح السلطة، وتضييق السلطات المغربية على حرية الرأي والتعبير".

"اللجنة المؤقتة" تثير الجدل 

ويشهد الوسط المهني- الصحفي، والسياسي، والحقوقي، في المغرب، في الوقت الحالي، جدلاً كبيراً بعد مصادقة المجلس الحكومي، في 13 أبريل المنصرم، على مشروع قانون يخص إحداث لجنة مؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة، بعدما تعذر إجراء انتخابات لتجديد المجلس، الذي انتهت ولاية رئيسه وأعضائه، وتم تمديدها لمدة 6 أشهر، ما بين أكتوبر 2022 وأبريل 2023.

وفي هذا الجانب، أبرز رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، نور الدين مفتاح، أن "هناك اليوم في المغرب قضايا مثارة تخدش للأسف صورة التقدم الحاصل في حرية الصحافة في البلاد".

وتحدث مفتاح، وهو أيضاً أحد أعضاء المجلس الوطني للصحافة، عن موضوع التنظيم الذاتي للصحافة، قائلاً إنه “علماً أن المغرب نص في دستوره على تشجيع السلطات العمومية على التنظيم الذاتي للصحافة، وفي سنة 2018 خرج إلى الوجود، وبقانون، المجلس الوطني للصحافة، باعتباره مؤسسة وطنية منتخَبة، ولها سلطة معنوية وفعلية، وهي التي تعطي بطاقة الصحافة، ويمكن أن تعاقب الصحفيين، الذين يخلون بميثاق أخلاقيات المهنة، وتتكلف بالشق الذي يسمى بالمسؤولية وبقضاء الزملاء، حتى لا تتدخل السلطة التنفيذية، ولا سلط أخرى، وتصبح سلطة معاقبة شطط استعمال سلطة الصحفي من اختصاص الصحفيين أنفسهم، لكن انتهت ولاية هذا المجلس في سنة 2022.

وتم التمديد له بقرار حكومي غريب جداً، على أساس أنه لا يمكن إجراء انتخاباته إلا بعد تعديل بعض القوانين، دون تحديدها، بحسب مفتاح، الذي أردف أنه بعد انتهاء الأشهر الـ6 الخاصة بالتمديد، يوجد اليوم مشروع قانون مر في المجلس الحكومي، وسيعرض قريباً على مجلس النواب، يخص لجنة مؤقتة مكونة من جزء من المجلس المنتهية ولايته؛ الرئيس، وبعض الأعضاء السابقين، الذين يؤيدون التعيين في هذا المجلس بدل الانتخاب، وأوكلت لهذه اللجنة جميع اختصاصات المجلس السابق، إضافة إلى إحداث ترسانة قانونية، والإشراف على انتخابات المجلس الوطني للصحافة خلال السنتين المقبلتين، وهو ما خلق، وفق مفتاح، ضجة داخل المغرب، وحصل إجماع داخل الرأي العام المهني والأكاديمي، باستثناء الأطراف الموجودة اليوم في المجلس، والتي تناغمت مع الحكومة، على أن هذه الخطوة لا دستورية، بل ذهب البعض إلى اعتبارها كارثة حقيقية".

وتعليقاً على إحداث لجنة مؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة، قال نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فاروق مهداوي، في حديثه مع "جسور بوست"، إنه "لا يمكن أن نقول اليوم إن هناك مكتسبات في ما يتعلق بحرية الصحافة في المغرب، ونحن نتابع المأساة والكارثة، التي يريد الإقدام عليها البرلمان ومن خلاله الحكومة المغربية، بإنشاء لجنة معينة لتدبير المجلس الوطني للصحافة، في تراجع خطير عن الآلية الديمقراطية المتمثلة في آلية الانتخاب".
 

وتعليقاً على النقاش الدائر حول الصحفيين المغاربة، الذين حكم عليهم بالسجن بتهم جنائية بعيدة عن حرية الرأي والتعبير، في حين أن هناك من يرجع "أسباب سجنهم إلى آرائهم وأعمالهم الصحفية"، قال مفتاح إنه "بغض النظر عن هذا النقاش، فإنه يتمنى أن يكون هناك انفراج، وأن يتم في القريب طي هذا الملف، حتى يعود الزملاء إلى عملهم". 

ومن جانبه، قال "العلالي"، إن "المغرب يعرف التباساً في العلاقات بين السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والسلطة الرابعة، وإن سجن أولئك الصحفيين أمر في يد المحاكم والقضاء، ومن الصعب إبداء رأي دقيق في هذا الموضوع، ولكن من المهم التأكيد على بعض العناصر المبدئية، وهي أن الوضع الطبيعي لحرية الصحافة هو إشاعة الحرية، وألا يكون في بلد يبني ديمقراطية رشيدة صحفيون وراء القضبان، لكن هذا لا يعني، (بحسب العلالي)، أن الصحفي فوق القانون وفوق الدولة، ويمكن أن يقوم بما يشاء".

وأردف أن "الوضع الطبيعي هو إشاعة الحرية، والتوجه إلى مصالحة إيجابية، لمواجهة القضايا الكبرى للبلاد والقضايا الأهم، لأنه من المؤسف أن نجد أن الجهود التي يقوم بها المغرب في تشييد الديمقراطية، وفي تشييد مغرب جديد، تُخدَش بهذه الحوادث السلبية، التي يكون مردودها سلبياً على الدولة المغربية وعلى الشعب المغربي أكثر من الإيجابي، لأن المقاربة الأمنية الشديدة هي مقاربة غير صالحة لمعالجة مسائل حرية الصحافة في المغرب، وبالتالي ليس من الإيجابي خلق رأي عام دولي معادٍ للمغرب، بل الصحيح هو الاستجابة لتطلعات جزء كبير من الرأي العام المغربي، والنخب الفكرية والسياسية المغربية، والتنظيمات المهنية والحقوقية، بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين، وبتجسيد حرية الصحافة على نحو كامل، وبلا رجعة في المغرب".

ومن جانبه، قال "الشيات"، إن "هناك حالات يمكن أن تكون محل جدل على مستوى الممارسة العملية، خاصة عندما يكون هناك نوع من الانفلات في الرأي، أو عدم التوافق على مستوى طبيعة الأفكار مع مالكي القدرة أو السلطة كيفما كان الحال، وأنه قد تكون هناك متابعات في ما يتعلق بالجرائم المرتكبة من خلال الصحافة، وأن هناك جدلاً مغربياً موجوداً دائماً بين (هل المطلوب هو المتابعات في إطار قانون خاص يتمثل في قانون الصحافة، أم في إطار قانون عام أو أشمل يتمثل في القانون الجنائي؟)".

وأردف أن "هناك حالات كثيرة تأتي فيها المتابعات في إطار القانون الجنائي، أو خارج منطوق قانون الصحافة، وهذا أمر يثير الكثير من الجدل على المستوى العملي والواقعي، ولذلك قد تجد هنا أو هناك في تقارير بعض الجهات المرتبطة بحقوق حرية الصحافة آراء ترتبط بهذا الجانب، ولكن الجانب الحكومي أو الرسمي يرد بأن هذه الحرية يتم التلاعب فيها، أو استغلالها لأغراض غير بريئة، كما هي الحال بالنسبة للمس بحقوق الآخرين، أو في ما يتعلق بالمس بسمعتهم، أو بمصالحهم، إلخ، وأن هذا النقاش على المستوى الإعلامي يرتبط أحياناً ببعض المتابعات، التي تكون فيها الأطراف المشتكية أطرافاً خاصة، كالأشخاص الذين تمت إثارة أسمائهم في مقالات، فلا تقول الدولة إنها تُتَابِع من خلال الآراء، التي جاءت في هاته المقالات، أو التصريحات، أو الفيديوهات، أو كيفما كان، ولكنها تقول إنها تضمن حقوق أطراف أخرى تم الاعتداء عليها من الناحية الجنائية أو الجنحية".

وأوضح أن "هذا يبقى أمراً وارداً في منظومة توجد فيها منظومة أخلاقيات مهنة الصحافة في مستوى أولي أو بدائي، لاحترام الصحافة الممارسة على المستوى الوطني، وكيف يجب أن تكون ملتزمة بهذه الأخلاقيات، التي تضبط العمل الصحفي من جانب، ومن جانب آخر الناحية القانونية، والإجرائية، والعملية، وكيف يمكن أن يكون هناك تعامل خاص بالحالات، التي يتم فيها التعبير عن آراء كيفما كانت، في حدود السقف المتاح على مستوى التحديد الدستوري للمملكة المغربية، وإذا كانت هناك مخالفات، فتتم المتابعات في إطار قانون الصحافة". 
 
 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية