إيران تفرج عن عامل إغاثة بلجيكي مقابل دبلوماسي محكوم بالسجن
إيران تفرج عن عامل إغاثة بلجيكي مقابل دبلوماسي محكوم بالسجن
أفرجت إيران عن عامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل بعد 15 شهرا على احتجازه بتهمة "التجسس"، وذلك مقابل الدبلوماسي أسد الله أسدي المحكوم بالسجن بتهم مرتبطة بالإرهاب، في عملية تبادل توسّطت فيها مسقط.
ووصل فانديكاستيل مساء الجمعة إلى بلجيكا في طائرة عسكرية حطّت بعيد الساعة 21,30 (19,30 ت غ)، بحسب مشاهد بثها التلفزيون البلجيكي، وفق فرانس برس.
وكان في استقبال البلجيكي الناطق بالفرنسية (42 عاما) الذي ارتدى بزة داكنة وحذاء رياضيا وبدا مبتسما، 10 أشخاص من أقربائه تتقدمهم شقيقته ناتالي على مدرج قاعدة ميلسبروك العسكرية قرب بروكسل، وحطت الطائرة التي أقلته من سلطنة عمان بعيد الساعة 21,30 (19,30 ت غ).
وكان رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو قد قال، الجمعة، إن "أوليفييه نُقل إلى (سلطنة) عُمان الليلة الماضية حيث تكفّل به فريق من العسكريين والدبلوماسيين البلجيكيين، وأجرى هناك فحوصا طبية صباح اليوم (الجمعة) لتقييم حالته الصحية وإتاحة عودته في أفضل الظروف الممكنة".
وأشار إلى أن "أوليفييه أمضى 455 يوما في السجن في طهران في ظروف لا تطاق، رغم أنه بريء".
ووصل أسدي مساء إلى مطار مهر أباد في طهران، وكان في استقباله المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي ومسؤول رفيع في السلطة القضائية.
وأظهرت صور نشرتها وكالة أنباء فارس أن الرجلين استقبلاه بالورود والهدايا.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن بلجيكا أفرجت عن الدبلوماسي أسدي الذي حُكم عليه في عام 2021 بالسجن 20 عاماً بعد إدانته بـ"محاولات اغتيال إرهابية" على خلفية تهمة التخطيط لاستهداف اجتماع للمعارضة الإيرانية في فرنسا في عام 2018.
وقال عبداللهيان في تغريدة: "أسد الله أسدي، دبلوماسيّنا البريء الذي اعتقل بشكل غير قانوني في ألمانيا وبلجيكا لأكثر من عامين في انتهاك للقانون الدولي، في طريقه الآن إلى الوطن".
وأكّدت وزارة الخارجية العمانية، الجمعة، عملية تبادل السجناء بين إيران وبلجيكا.
وقالت في بيان: "أسفرت المساعي العُمانية عن اتفاق الجانبين على صفقة للإفراج المتبادل"، موضحة أنه "تم نقل المفرج عنهم من طهران وبروكسل إلى مسقط اليوم الجمعة تمهيدا لعودتهم إلى بلدانهم".
ولم تحدّد مسقط عدد المفرج عنهم وهوياتهم.
أوقف عامل الإغاثة البلجيكي في 24 فبراير في طهران، ثمّ حُكم عليه بالسجن 40 عاماً بتهمة "التجسّس"، وطالبت الحكومة البلجيكية باستمرار السلطات الإيرانية بالإفراج عنه، معتبرة أنه "بريء".
كذلك، حُكم عليه بـ74 جلدة، بعد محاكمة وصفتها كلّ من أسرته والسلطة التنفيذية البلجيكية بأنّها "غير منصفة".
وقال رئيس الوزراء البلجيكي: "بالنسبة لي، كان الاختيار دائمًا واضحًا، حياة أوليفييه تأتي أولاً، إنها مسؤولية أتحملها على عاتقي، وأقبلها، في بلجيكا، لا نتخلى عن أي شخص".
فدية مخزية
كانت بلجيكا أعلنت في إبريل الماضي أنها "تنظر" في طلب طهران المتعلق بنقل الدبلوماسي الإيراني، وأكد رئيس الوزراء آنذاك: "صحيح أن إيران طلبت رسميا استرداد أسد الله أسدي".
وأقرّ البرلمان البلجيكي في يوليو 2022 معاهدة لتبادل السجناء مع إيران رأت فيها الحكومة فرصة لإطلاق فانديكاستيل، ودخل النص حيّز التنفيذ في 18 إبريل.
وملفّ تسليم الأسدي حسّاس جدا بالنسبة للحكومة البلجيكية التي تصطدم باحتجاج من المعارضين الإيرانيين في المنفى، ويرى معارضون أن السماح بعودته إلى طهران يرقى إلى مستوى تشجيع "إرهاب دولة" تمارسه إيران.
وبعيد الإفراج عن أسدي، اتهمت المعارضة الإيرانية في المنفي بلجيكا بدفع "فدية مخزية" لإيران للإفراج عن مواطنها، وقال "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" ومقره باريس في بيان إن ذلك "سيشجّع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران على مواصلة جرائمها".
بغية إجراء عملية التبادل بين فانديكاستيل وأسدي، لجأت السلطة التنفيذية إلى المادة 167 من الدستور التي تمنحها كامل الصلاحيات في شؤون السياسة الخارجية، وفق مصادر حكومية.
وقال أحد هذه المصادر إن السلطات "لم تبلّغ المعارضة الإيرانية" بأنها لجأت إلى هذه الآلية وبالتالي تمكّنت من كسب الوقت.
ففي مارس لجأ "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" إلى المحكمة الدستورية التي فرضت قيودا على تطبيق المعاهدة الثنائية لتبادل السجناء المبرمة في عام 2022، مشدّدا على وجوب إبلاغ المعارضين الإيرانيين في المنفى مسبقا بأي قرار بتسليم أسدي، إفساحا في المجال أمام تقدّم المعارضين بطعن أمام القضاء.
وكان أسدي يقيم في فيينا، وتم اعتقاله بعد تهريب متفجرات لزوجين إيرانيين مقيمين في بلجيكا كان من المفترض أن يسافرا إلى فرنسا لتفجير تجمع للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بحسب لائحة الاتهام.
وأوقف في ألمانيا أثناء محاولته العودة إلى النمسا، وتمّ تسليمه إلى بلجيكا حيث لا يتمتع بحصانة دبلوماسية، وقد تم تثبيت الحكم الصادر بحقه في مايو 2021 عندما اختار عدم الاستئناف.
وتحتجز إيران عشرات المواطنين التابعين لدول غربية بينها فرنسا والولايات المتحدة، ويؤكد داعموهم أنهم أبرياء وأن طهران تستخدمهم كوسيلة ضغط وأداة لإجراء عمليات لتبادل السجناء.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أفرجت طهران عن الفرنسي بنجامان بريير ومواطنه حامل الجنسية الأيرلندية برنارد فيلان، وجاء الإفراج عنهما بعد الإفراج عن الفرنسية- الإيرانية فاريبا عادلخاه في العاشر من فبراير، علما بأن الأخيرة لا يمكنها مغادرة الأراضي الإيرانية.
وهناك فرنسي رابع موقوف لكن لم تكشف هويته.
وأكّدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في وقت سابق أنّ "35 شخصا من دول الاتحاد الأوروبي قيد الاحتجاز، هم رعايا 12 من الدول الأعضاء".