علماء يحذِّرون: الحياة على الكوكب باتت "معرضة للخطر"

علماء يحذِّرون: الحياة على الكوكب باتت "معرضة للخطر"

قال تحالف دولي لعلماء المناخ، إن العلامات الحيوية للأرض تدهورت بشكل غير مسبوق، لدرجة أن الحياة على الكوكب باتت "معرضة للخطر". 

و"العلامات الحيوية للأرض" مصطلح يستخدم لوصف المؤشرات البيئية الرئيسية التي توفر معلومات مهمة حول حالة كوكبنا وصحته، وفق دورية "بايوساينس". 

وأوضح العلماء في دراسة حديثة أنه تم رصد هذه العلامات الحيوية من قبل العلماء والمنظمات في جميع أنحاء العالم، لتقييم الحالة العامة للأرض وتتبع التغيرات والاتجاهات المتعلقة بالاستدامة البيئية وتغير المناخ.

وتضمنت العلامات التي تم رصدها في الدراسة الجديدة 35 علامة حيوية، من ضمنها درجة الحرارة، ومستويات ثاني أكسيد الكربون، ومستوى سطح البحر، وكتلة الجليد، وحموضة المحيطات، وجودة الهواء، والأنهار الجليدية، علاوة على عدد السكان واستهلاك الموارد. 

وقال الباحثون إن عدم اعتماد إجراءات تعالج المشكلة الجذرية، وهي أن "البشر يأخذون من الأرض أكثر مما يستطيعون تعويضه"، سيؤدي إلى "الانهيار المحتمل للأنظمة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، وعالم يعاني من حرارة لا تطاق ونقص في الغذاء والمياه العذبة".

ويشير التقرير المعنون بـ"حالة المناخ لعام 2023.. الدخول إلى منطقة مجهولة"، إلى أن 20 من 35 علامة حيوية في الكوكب يستخدمها المؤلفون لتتبع تغير المناخ، وصلت إلى مستويات قياسية. 

وشارك المؤلفون بيانات جديدة توضح أن العديد من الأرقام القياسية المتعلقة بالمناخ قد تم تحطيمها "بهامش هائل" في عام 2023، خاصة تلك المتعلقة بدرجات حرارة المحيطات والجليد البحري.

ويأتي التقرير بعد 4 سنوات من تحذير علماء العالم من حالة طوارئ مناخية، وقد نشرته الدورية ذاتها، ووقع عليه أكثر من 15 ألف عالم في 161 دولة.

كوارث المناخ

وتُظهر الاتجاهات الإحصائية أنماطاً مثيرة للقلق، من المتغيرات والكوارث المرتبطة بالمناخ.. وقال الباحثون إنهم وجدوا "تقدماً ضئيلاً" يمكن الإبلاغ عنه في ما يتعلق بمكافحة تغير المناخ. 

وقال التقرير، إن حرائق الغابات في كندا نتج عنها انبعاثات تقدر بأكثر من 1 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهو أكبر من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في كندا لعام 2021 البالغة 0.67 جيجا طن. 

وفي عام 2023 سجلت الكرة الأرضية 38 يوماً تجاوزت فيه متوسط درجات الحرارة العالمية أكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة.

وتم تسجيل أعلى متوسط لدرجة حرارة سطح الأرض على الإطلاق في يوليو، وهناك سبب للاعتقاد بأنها أعلى درجة حرارة سطحية شهدها الكوكب خلال 100 ألف عام الماضية.

وقال العلماء إنهم "يشعرون بقلق بالغ إزاء الزيادات المفاجئة في تواتر وشدة الكوارث المرتبطة بالمناخ". وأكد التقرير أن تواتر وشدة تلك الكوارث "قد يفوق ارتفاع درجات الحرارة".

وبحلول نهاية القرن الـ21، قد يجد من 3 إلى 6 مليارات شخص أنفسهم خارج المناطق الصالحة للعيش على الأرض، مما يعني أنهم سيواجهون حرارة شديدة، ومحدودية توافر الغذاء، وارتفاع معدلات الوفيات. 

ويقول المؤلفون، إن هناك حاجة إلى سياسات تستهدف القضية الأساسية المتمثلة في "التجاوز البيئي".

وعندما يكون الطلب البشري على موارد الأرض كبيراً للغاية، يؤدي ذلك إلى مجموعة من الأزمات البيئية، بما في ذلك تدهور التنوع البيولوجي.

ويشير العلماء إلى أنه طالما استمرت البشرية في ممارسة ضغوط شديدة على الكوكب، فإن أي استراتيجية تركز فقط على الكربون أو المناخ لن تحقق نجاحاً فعلياً. 

ويحث المؤلفون على الانتقال إلى اقتصاد عالمي يعطي الأولوية لرفاهية الإنسان، ويحد من الاستهلاك المفرط والانبعاثات المفرطة من قبل الدول الغنية.

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية  وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

تحذير أممي

وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، ​أنطونيو غوتيريش​، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء ​الفيضانات​ والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات​"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.

في نهاية يوليو الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الوضع الذي يمر به كوكب الأرض، قائلا: "تغير المناخ هنا مرعب، وهذه فقط البداية.. لقد انتهى عصر الاحتباس الحراري، لقد حان عصر (الغليان العالمي)".

وشدد العلماء على أن جميع الإجراءات المتعلقة بالمناخ يجب أن ترتكز على الإنصاف والعدالة الاجتماعية، مشيرين إلى أن التأثيرات المناخية المتطرفة وغيرها من التأثيرات المناخية يشعر بها بشكل غير متناسب أفقر الناس، الذين ساهموا بأقل قدر في تغير المناخ. 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية