"الغارديان": تغيرات المناخ تؤثر سلباً على مستقبل قناة بنما والتجارة العالمية

"الغارديان": تغيرات المناخ تؤثر سلباً على مستقبل قناة بنما والتجارة العالمية

حذر خبراء اقتصاديون من أن تغيرات المناخ ستؤثر سلبا، من خلال الجفاف الذي تسببه، على حركة النقل البحري في قناة بنما، وهو ممرّ إلزامي لنحو 6 بالمئة من حركة الملاحة التجارية العالمية بين المحيطين الأطلسي والهندي، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

وبحسب الصحيفة، فقد أحدثت القناة، التي تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ، ثورة في الشحن العالمي عندما افتتحت عام 1914، ما أدى إلى إلغاء الحاجة إلى السفر حول الطرف الجنوبي الخطير لأمريكا الجنوبية، وتقصير الرحلة بأكثر من 13 ألف كيلومتر.

وفي عام 2022، عبرت القناة أكثر من 14 ألف سفينة، لنقل الوقود والحبوب والمعادن والسلع من مصانع شرق آسيا إلى المستهلكين في نيويورك وخارجها، علما أنه يجري نقل أكثر من 40% من السلع الاستهلاكية المتداولة بين شمال شرقي آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة عبر القناة.

وأوضح الباحث في معهد سميثسونيان للأبحاث الاستوائية، ستيف باتون، للصحيفة البريطانية، أن نقص هطول الأمطار أدى إلى تباطأ المرور عبر قناة بنما، وبالتالي ازداد طابور الناقلات المنتظرة في الخليج للمرور عبر القناة.

ومع التحذيرات من أن الوضع من المتوقع أن يصبح "أسوأ بكثير"، يقول خبراء إن الآثار السلبية للقيود على مرور سفن الشحن عبر قناة بنما، يمكن الشعور بها في جميع أنحاء العالم.

وتزود بحيرتان اصطناعيتان، هما بحيرة ألاخويلا وغاتون، القناة بالمياه اللازمة لتشغيل بوابات التحكّم بمرور المياه والسفن، لكن مستوى المياه انخفض بشكل كبير بسبب الجفاف.

وأمام هذا الوضع، اضطرت هيئة قناة بنما، للمرة الخامسة خلال هذا الموسم الجاف، إلى تقييد الوصول إلى القناة التي تمر عبرها بشكل أساسي سفن من الولايات المتحدة والصين واليابان.

وتوفّر البحيرتان المياه التي تسمح بتشغيل البوابات الضخمة لمرور المياه التي ترفع السفن، من جانبَي الهادئ والأطلسي، إلى مستوى القناة، أو تُنزلها إلى مستوى المحيطات. 

ومع كلّ مرور سفينة، يُصرّف نحو 200 مليون لتر من المياه العذبة في البحر.

وأوضح المسؤول في هيئة قناة بنما، إريك كوردوبا، في وقت سابق: "تؤثر قلة الأمطار أولًا على مخزون المياه لدينا، وبالتالي لم يعد بإمكان السفن من فئة نيوبنماكس (Neopanamax)، وهي الأكبر ويزيد طول غاطسها على 15 مترًا، المرور".

وفي السنة المالية 2022، مرت أكثر من 14 ألف سفينة تحمل ما مجموعه 518 مليون طن من البضائع عبر القناة، ما جلب 2,5 مليار دولار إلى دولة بنما.

وفي 2019، دقّ ناقوس الخطر للمرة الأولى، إذ لم تعد القناة تتلقى إلا 3 مليارات متر مكعب من المياه العذبة، فيما هي بحاجة إلى أكثر من 5,2 مليار لتعمل.

ومنذ ذلك الحين، تخشى سلطات بنما من أن يبحث أصحاب السفن عن طرق أخرى بديلة بسبب حالة عدم اليقين بشأن إمكانية المرور عبر القناة.

وأقّر مدير هيئة قناة بنما، ريكاورتي فاسكيس، في حديث مع موقع "إس إن إي بي نوتيثياس" الإخباري البَنمي، بأن النقص في المياه "هو التهديد الرئيسي" لحركة المرور عبر القناة الرابطة بين المحيطين.

ويقول المدير السابق لهيئة قناة بنما، خورخيه خويكانو: "من دون توفير كميات جديدة من المياه، سيمنع الوضع نمو نشاط القناة".

وتابع: "من الأساسي إيجاد مصادر جديدة للمياه، في وقت بدأنا نشعر بالتغير المناخي، ليس فقط في بلدنا، بل في جميع أنحاء العالم".

من جانبه، يقول، قبطان ناقلة النفط السابق الذي يشغل الآن منصب كبير مستشاري المخاطر البحرية في شركة "أليانز كوميرشيال آسيا" نيتين شوبرا، إن التأثير على الشحن لم يكن قط "شديدا إلى هذا الحد".

وبالتالي فإن أولئك الذين يعتمدون ذلك المسار الملاحي، لا يجدون أمامهم خيارات جيدة، حيث يمكنهم الانتظار لمدة تصل إلى أسابيع في كل مرة حتى يُسمح لهم بالعبور في القناة، أو دفع ما يصل إلى 4 ملايين دولار للتقدم في الطابور، أو القيام بما اضطرت العديد من شركات الشحن إلى فعله، وهو تجنب المسار تمامًا، ما يضيف أيامًا أو أسابيع إلى رحلتهم.

وكل خيار من هذه الخيارات يأتي بتكلفة مالية خطيرة للتجار، فقد حذر بعض المشغلين من أنه بسبب التأخير، قد لا تكون بعض البضائع التي يتم نقلها من الصين متاحة للمتسوقين في فترة عيد الميلاد، على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وفي الأشهر الأخيرة، تسبب انخفاض الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انخفاض منسوب المياه في بحيرة جاتون الاصطناعية في قناة بنما، ما يؤثر على العمليات.

ومنذ عام 1950، لم تكن هناك أمطار قليلة كما حدث في أكتوبر مثل هذا العام، ومن المتوقع هطول أمطار قليلة حتى نهاية العام.

وقالت هيئة قناة بنما: "على الرغم من جميع الإجراءات المتخذة، استمر مستوى بحيرة جاتون في الانخفاض إلى مستويات غير مسبوقة".

ولم يتم تخفيض عدد ممرات السفن في الأشهر الأخيرة فحسب، بل تم أيضا تخفيض الحد الأقصى للغاطس الذي يسمح للسفن بالمرور عبر القناة.

وقناة بنما هي واحدة من أهم الممرات المائية في العالم.

ويبلغ طول القناة، التي تبدأ في كولون في الشمال وتنتهي بالقرب من مدينة بنما في الجنوب، نحو 80 كيلومترا.

وتبحر نحو 14 ألف سفينة عبر قناة بنما سنويا، وهو ما يمثل نحو 6% من حجم التجارة العالمية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية