المؤسسات الأوروبية ضحية التضليل الإعلامي قبل انتخابات التكتل
المؤسسات الأوروبية ضحية التضليل الإعلامي قبل انتخابات التكتل
مع اقتراب الانتخابات الأوروبية التي ستجرى في يونيو، تُستهدف المؤسسات الأوروبية بحملات تضليل إعلامي، بحيث تُتهم بأنها تريد مثلًا "منع إصلاح السيارات التي يزيد عمرها على 15 عامًا"، أو "جعل الناس يأكلون حشرات" دون أن يكون لديهم علم.
على مواقع التواصل الاجتماعي كما في وسائل الإعلام بمختلف أنحاء أوروبا، تصبح العديد من مواضيع الحياة اليومية مادّة لنشر معلومات كاذبة أو معدّلة تهدف إلى التشكيك في سياسات الاتحاد الأوروبي المؤكدة أو المفترضة، وفق وكالة فرانس برس.
وفي الأشهر الأخيرة، انتشرت معلومات خاطئة على نطاق واسع في أوروبا تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يعمل مثلًا على تحديد عدد مرات الاستحمام وإلغاء وجبات الفطور وحظر ورق المرحاض وفرض وضع كمامة للبقر وإنتاج رقائق إلكترونية "للسيطرة على السكان".
غير أن خبراء حذروا من أن أسباب ازدياد المعلومات المضللة التي تستهدف الاتحاد الأوروبي يجب أن تؤخذ على محمل الجدّ أكثر من أي وقت مضى، بسبب تداعياتها السياسية المحتملة خصوصًا على الانتخابات الأوروبية المقبلة.
وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد حذر في نهاية يناير من أن التضليل الإعلامي هو أحد "التهديدات الكبرى" التي تواجهها الديمقراطيات خلال هذا العام الحافل بالانتخابات.
معرفة متدنية
قد يكون العامل الأول الذي يفسّر حملات التضليل حوكمة الاتحاد الأوروبي وعمليات إعداده للسياسات العامّة.
من جانبه، قال الأستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية لدى الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة، سايمون آشروود، "بالتأكيد تسهم مستويات المعرفة المتدنية حتى في ما يتعلق بالمعلومات الأساسية حول كيفية عمل الاتحاد الأوروبي، في مشكلة التضليل الإعلامي".
وتمكّن مستخدمون للإنترنت في فرنسا واليونان وألمانيا من مشاركة منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تؤكد أن الاتحاد الأوروبي يريد "التخلص" من "المركبات القديمة" أو "منع إصلاح السيارات التي يزيد عمرها عن 15 عامًا"، وذلك في تفسير خاطئ لاقتراح تقدّمت به المفوضية الأوروبية في يوليو 2023 لمراجعة اللوائح المتعلقة بإدارة المركبات التي انتهى عمرها الافتراضي.
وتهدف هذه الأخبار الكاذبة عموما إلى تغذية فكرة مفادها أن قوة الاتحاد الأوروبي تتجاوز سيادة الدول الأعضاء على حساب حرية المواطنين.
مع ذلك، يقول عالم الاجتماع الإعلامي سيريل لوميو "لا أعتقد أن الأمور أكثر تعقيدًا في بروكسل مقارنة بالسياسات العامة الوطنية".
ويرى أن "هناك انعدامًا للثقة لدى الطبقات العاملة تجاه النخب المتهمة بأنها بعيدة جدًا منها، على المستويات الوطنية كما الأوروبية، ما يعزّز التمسّك بـ(الأخبار الزائفة)".
ويتم أيضًا استغلال انعدام الثقة هذا على نطاق واسع سياسيًا، لا سيما من جانب "المطالبين بالسيادة الذين ينشرون رسائل مناهضة للاتحاد الأوروبي"، حسبما يرى المحلل في مركز التميز الأوروبي لمكافحة التهديدات الهجينة في هلسنكي ياكوب كالنسكي.
ومن بين المساهمين في نشر شائعة أن المفوضية الأوروبية تريد إطعام السكان حشرات بدون علمهم، السياسي الشعبوي البريطاني نايجل فاراج ورئيس الاتحاد الشعبوي الجمهوري الفرنسي فرنسوا أسولينو المؤيد لخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى وزير الزراعة المجري إستفان نادجي.
نظام مؤيد للكرملين
يعتبر ياكوب كالنسكي أن مؤيدي السيادة "طوّروا نظام تعايش" مع خصم أقوى من الاتحاد الأوروبي هو روسيا و"نظام التضليل المؤيد للكرملين" الذي لديه مصلحة في تأجيج عدم الثقة ببروكسل والانتخابات الديمقراطية خصوصًا في سياق الحرب في أوكرانيا.
ويرى أن "هذا التعايش مفيد للطرفين، فالنظام البيئي المؤيد للكرملين يكتسب جهات فاعلة وطنية جديدة تعطي شرعية لرسائله فيما تستفيد الجهات المناهضة للاتحاد الأوروبي من ظهور لا يمكنها الحصول عليه بطريقة أخرى".
ويشير سايمون آشروود إلى أن "التضليل الإعلامي الذي يستهدف الاتحاد الأوروبي يأتي من عدة مصادر مختلفة" تتطوّر، مثلما يحدث مثلًا عندما "تستخدم مجموعات سياسية منظمة أو حتى دول رسائل من أشخاص عاديين ينتقدون الاتحاد الأوروبي، كأداة" للتضليل.
ويضيف "يخاطر الاتحاد الأوروبي باعتبار أي رسالة سلبية بمثابة معلومات مضللة" في حين يجب أن تولي بروكسل وفق قوله اهتماما بالانتقادات التي يعبر عنها المواطنون بحسن نية لتحسين أدائها.