مع تحول أنظار العالم إلى أزمات أخرى..

مسؤول أممي يصف الوضع الإنساني في سوريا بـ"السفينة الغارقة"

مسؤول أممي يصف الوضع الإنساني في سوريا بـ"السفينة الغارقة"
الأزمة السورية

قال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبدالمولى، إن احتياجات الشعب السوري تزايدت بشكل كبير منذ بداية الحرب قبل 13 عاما، لكن مع تحول الاهتمام العالمي إلى أزمات أخرى، فإن الوضع الإنساني في البلاد أصبح أشبه بسفينة غارقة.

وفي حديثه مع الصحفيين في جنيف الجمعة عبر تقنية الفيديو من العاصمة السورية دمشق، قال عبدالمولى: "مع حدوث العديد من الأزمات بشكل متزامن في جميع أنحاء العالم، فإننا نواجه وضعا نقوم فيه حرفيا بإزالة الماء بكشتبان من سفينة غارقة" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وأوضح أنه على الرغم من أن 16.7 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية -بزيادة على العدد المسجل العام الماضي وهو 15.3 مليون شخص– لا يزال النداء الإنساني لعام 2024 الذي بلغ 4.07 مليار دولار غير ممول تقريباً مع مرور 3 أشهر على العام.

وقال المسؤول الأممي: "حتى الأول من مارس، تم تمويل 0.02 بالمائة فقط من متطلبات خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024".

انهيار الوضع الاقتصادي

يعاني ما لا يقل عن 12.9 مليون شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، ولا يزال الصراع من أكثر الصراعات فتكا بالمدنيين حول العالم، حيث أودى بحياة 454 مدنيا العام الماضي، من بينهم 88 امرأة و115 طفلا. كما أن هناك أكثر من 7 ملايين نازح داخليا وفرّ نفس العدد تقريبا من البلاد كلاجئين، معظمهم في البلدان المجاورة.

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال الأعمال العدائية تجتاح أجزاء من سوريا. وقد شهدت مؤخرا زيادة حادة في الأعمال العدائية، لا سيما شمال البلاد. وكان للأعمال العدائية الجارية في المنطقة نتيجة للحرب في غزة آثار عرضية شديدة على سوريا، بما في ذلك ارتفاع أسعار السلع الأساسية في وقت أصبح فيه السوريون غير قادرين على تحمل التكاليف. 

ووفقا للمسؤول الأممي، فإن الاقتصاد السوري "في حالة سقوط حر" وتستمر عملة البلاد في "الهبوط بسرعة البرق، مع ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية". وأضاف: "نسمع يوميا كيف يضطر الناس إلى التخلي عن وجبات الطعام، أو سحب أطفالهم من المدارس حتى يتمكنوا من إعالة أسرهم، أو كيف تختار الأمهات الاستغناء عن أدويتهن من أجل إطعام أطفالهن.. هذا أمر غير معقول".

وقال عبد المولى إن الوضع يتفاقم بسبب انهيار الخدمات الاجتماعية الأساسية ونقص المساعدة التنموية، كما لا توجد لدى الشركاء في المجال الإنساني المرونة اللازمة إلا لتلبية الاحتياجات الفورية المنقذة للحياة فقط.

خطر على الجميع

وأشار المنسق المقيم إلى أن السوريين يدفعون بشكل متزايد إلى إجراءات يائسة حيث يقومون برحلات محفوفة بالمخاطر إلى بلدان أخرى بحثا عن الفرص.

وقال: "لا ينبغي لأي إنسان أن يخاطر بحياته بحثا عن حياة كريمة، علاوة على ذلك، عندما يتم دفع الناس إلى حافة الهاوية، قد يتم استغلالهم من قبل الجماعات المتطرفة، مما يخلق المزيد من المخاطر للمجتمع السوري والعالم بأسره".

وأكد عبدالمولى أن تكلفة التقاعس عن العمل "ستكون مكلفة لنا جميعا وستؤدي حتما إلى معاناة إضافية"، إلا أنه أكد أن المساعدات الإنسانية تعتبر خط الدفاع الأخير للسكان المتضررين من الأزمة، وأوضح قائلا: "في غياب حل سياسي ومساعدات إنسانية مستدامة وذات معنى، فإن البلاد معرضة لمزيد من التفكك، والمزيد من التفكك في سوريا قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها".

وقال المسؤول الأممي إن المناقشات حول مستقبل سوريا يجب أن تترجم إلى عمل حقيقي، بما في ذلك من خلال عدم تسييس المساعدات الإنسانية، وتوفير استثمارات متوسطة وطويلة الأجل لاستعادة الخدمات الأساسية وسبل العيش من خلال برامج الإنعاش المبكر، مضيفا: "أي شيء أقل من ذلك سيعني أن الناس سوف ينزلقون إلى مستوى أعمق من الفقر وسيستمر الوضع في دوامة الهبوط.. الشعب السوري يستحق ما هو أفضل".

نزاع دامٍ

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011، حيث أودت الحرب التي اندلعت في البلاد بحياة نحو 500 ألف شخص، وما زال الآلاف في عداد المفقودين، ولا تزال عائلاتهم بانتظار أخبار عن مصيرهم.

ودمرت البنية التحتية والقطاعات المنتجة في البلاد وشرد الملايين من الأشخاص الذين فروا إلى دول الجوار العربية والغربية، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فضلاً عن أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة سيعاني منها الشعب السوري لسنوات خاصة مع تزايد الاحتياجات الإنسانية.

وبات غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر ويعاني أكثر من 12,4 مليون شخص منهم من انعدام الأمن الغذائي ومن ظروف معيشية قاسية، في ظل اقتصاد منهك.

ولم تسفر الجهود الدبلوماسية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، أو وقف جرائم انتهاكات حقوق الإنسان، رغم جولات تفاوض عدة عقدت منذ 2014 بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف.

وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على اندلاع الأزمة، لا تزال سوريا تواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث نزح 6.6 مليون شخص داخل البلاد وهناك ما لا يقل عن 5.3 مليون لاجئ مسجل في البلدان المجاورة.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية