أثناء الحوار التفاعلي ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان

لجنة التحقيق المعنية بسوريا: واقع قاتم بسبب استمرار العنف والإفلات من العقاب

لجنة التحقيق المعنية بسوريا: واقع قاتم بسبب استمرار العنف والإفلات من العقاب
رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا باولو بينيرو

 

قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا باولو بينيرو إن الوضع على الأرض أصبح أكثر تعقيدا في ظل انهيار الاقتصاد، والوضع الإنساني المدمر الذي تفاقم بسبب الزلزال العام الماضي، والاعتماد المتزايد على تصنيع المخدرات والاتجار بها، "وعدم رغبة الدولة وعدم قدرتها" إلى حد ما على حماية سلامة وأمن شعبها.

وفي كلمته الأربعاء أثناء الحوار التفاعلي ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان التي تعقد فعالياتها في الفترة بين 18 يونيو وحتى 12 يوليو 2024 في جنيف، قال رئيس اللجنة باولو بينيرو إنه "كان هناك تجاهل مستمر لحياة ورفاه الشعب السوري دون نهاية في الأفق" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وعبر كذلك عن القلق من تعمق تفتت البلاد على جميع الجبهات، الأمر الذي ستكون له عواقب وخيمة في الأمد البعيد، بما في ذلك على النسيج الاجتماعي والوحدة في سوريا.

وأشار إلى استمرار "دورات العنف المروعة"، مستشهدا بحادث وقع في الصنمين بمحافظة درعا في السابع من أبريل عندما قُتل عشرة مدنيين، بينهم طفلان، على يد ميليشيا موالية للحكومة، ردا على هجوم بعبوة ناسفة قُتل فيه سبعة أطفال على الأقل.

وقال إن "مثل هذه المذابح تستحضر الفظائع التي ارتُكبت دون عقاب أثناء الصراع، بما في ذلك خلال الأيام الأكثر ظلمة لحكم داعش".

الأسباب الجذرية للصراع

وأوضح رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة أنه في حين أن وتيرة الصراع تتأرجح، فإن الأسباب الجذرية التي أدت إليه لا تزال حاضرة إلى حد كبير.

وأشار إلى استمرار حالات الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والاختفاء القسري، حيث تُرغَم أسر المعتقلين بشكل غير قانوني في كثير من الأحيان على دفع مبالغ كبيرة من المال لمحاولة الحصول على معلومات عن مصير أحبائهم.

وقال بينيرو إن "الإفلات من العقاب وانعدام القانون شكّلا واقعا قاتما لجميع السوريين، ولا نهاية في الأفق".

وأضاف أن زعماء العالم المنخرطين في الصراع في سوريا يفشلون في تحقيق تقدم نحو تسوية سلمية للصراع، وهم والحكومة السورية يخذلون الشعب السوري.

ولفت إلى أن مسار التطبيع الذي قادته بعض الدول العربية العام الماضي، والذي شهد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لم يحقق نتائج بعد، حيث لم تقدم الحكومة السورية أي تنازلات أخرى ذات مغزى.

ومضى قائلا "يبدو أن الحكومة والمجتمع الدولي راضيان بشكل غريب عن الحفاظ على الوضع الراهن. ومع ذلك، فإن هذا ليس خيارا قابلا للتطبيق للشعب السوري، سواء داخل البلاد أو خارجها".

وتحدث بينيرو عن وضع السوريين في البلدان المجاورة، قائلا إنهم أصبحوا معرضين بشكل متزايد لخطر الترحيل والعودة القسرية إلى سوريا، حيث يخاطرون بالاعتقال أو الاختفاء، أو العودة ليجدوا منازلهم ومزارعهم مدمرة ولا سبيل لكسب العيش.

ثلاثة مجالات حاسمة للعمل

وقال رئيس اللجنة المستقلة إنه على الصعيد الأكثر إيجابية فإن المجتمع المدني السوري كان يقود مبادرات مُساءلة إبداعية للغاية خارج البلاد. وأشار إلى تطور إيجابي آخر، وهو إنشاء مؤسسة طال انتظارها مخصصة لمساعدة أسر الآلاف من المفقودين والمختفين في الكشف عن مصير أحبائهم.

واقترح بينيرو ثلاثة مجالات حاسمة تتطلب حاجة ملحة لعمل الحكومات، أولها هو وضع المحتجزين تعسفيا منذ عام 2019 في شمال شرق سوريا، وقال إن هناك حاجة إلى عون الحكومات لمساعدة السلطات في الشمال الشرقي لإيجاد حل لهؤلاء المحتجزين.

أما المجال الثاني -بحسب رئيس اللجنة المستقلة- فهو فرض بعض الحكومات تدابير قسرية أحادية الجانب على سوريا، والتي لها "عواقب وخيمة خطيرة، وأحيانا غير مقصودة"، تؤثر سلبا على السكان المدنيين.

وحث الدول الأعضاء على إجراء مراجعات عاجلة لفرضها للعقوبات لضمان القضاء على تلك الآثار السلبية.

وأفاد بأن المجال الأخير هو "الافتقار المثير للقلق من جانب حكوماتكم لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024".

وشدد على أنه لا يمكن التخلي عن الشعب السوري بسبب العديد من الأزمات الأخرى التي تحتاج إلى الاهتمام، مضيفا "لقد تحملوا 13 عاما من الصراع ويستحقون المزيد من المساعدة من حكوماتكم".

نزاع دامٍ

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011، حيث أودت الحرب التي اندلعت في البلاد بحياة نحو 500 ألف شخص، وما زال الآلاف في عداد المفقودين، ولا تزال عائلاتهم بانتظار أخبار عن مصيرهم.

ودمرت البنية التحتية والقطاعات المنتجة في البلاد وشرد الملايين من الأشخاص الذين فروا إلى دول الجوار العربية والغربية، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فضلاً عن أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة سيعاني منها الشعب السوري لسنوات خاصة مع تزايد الاحتياجات الإنسانية.

وبات غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر ويعاني أكثر من 12,4 مليون شخص منهم من انعدام الأمن الغذائي ومن ظروف معيشية قاسية، في ظل اقتصاد منهك.

ولم تسفر الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، أو وقف جرائم انتهاكات حقوق الإنسان، رغم جولات تفاوض عدة عقدت منذ 2014 بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف.

وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على اندلاع الأزمة، لا تزال سوريا تواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث نزح 6.6 مليون شخص داخل البلاد وهناك ما لا يقل عن 5.3 مليون لاجئ مسجل في البلدان المجاورة.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية