ملالا يوسفزاي.. ضحية طالبان التي تحولت إلى أيقونة تعليم الفتيات

ملالا يوسفزاي.. ضحية طالبان التي تحولت إلى أيقونة تعليم الفتيات
ملالا يوسفزاي

محمود شومان

يحتفل العالم في الخامس عشر من مايو في كل عام باليوم العالمي للأسرة، من خلال تسليط الضوء على العديد من القضايا التي تتعلق بالأسرة، والأزمات والتحديات التي تواجهها في الوقت الحالي، والتي تتزامن مع تباين في القيم بين تطور بعضها وتراجع الأخرى، وفي هذا اليوم أيضًا يبرز العديد من النماذج التي ساهمت في تعزيز حقوق عناصر الأسرة خاصة المرأة وبالتأكيد على رأس تلك النماذج الباكستانية ملالا يوسفزاي حاملة جائزة نوبل والتي لها جهود واسعة في مجال تعليم الإناث.

دافعت ملالا عن حقوق الفتيات في التعليم والحصول على مستوى يليق بهن، خاصة في منطقتها التي نشأت بها في وادي سوات بمقاطعة خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان، والتي كانت تعاني من محاولات حركة طالبان باكستان فرض سياساتها عليها خاصة فرض القيود على تعليم الفتيات، وهنا تصدت ملالا لهذا الأمر وتحركت للمرة الأولى وهي في الثانية عشرة من عمرها، عندما كتبت مقالًا يحكي قصة مدينتها والمعاناة التي تواجهها في ظل محاولات طالبان فرض السيطرة.

وتأثرت ملالا كثيرًا بعائلتها التي كنت تدير عددًا من المدارس، حيث ولدت بين 3 أطفال لضياء الدين وتور بيكاي يوسفزاي، وعلى الرغم من أنه لم يكن من السهل دائمًا تربية طفلة في باكستان نظرًا للظروف المجتمعية، فإن والد مالالا يوسفزاي أصر على حصولها على الفرص نفسها المتاحة للأطفال الذكور، وكان والدها مدرسًا ومدافعًا عن التعليم وكان يدير مدرسة للبنات في قريتهم.

وعندما وصلت ملالا لسن العاشرة كانت سيطرة طالبان على المدينة كانت قد تعاظمت وفرضت سياسات شديدة في الرجعية، ولم تعد الفتيات قادرات على الالتحاق بالمدارس، كما تم حظر امتلاك جهاز تلفزيون وتشغيل الموسيقى والرقص، وكان تعليم الفتيات مستهدفاً على وجه التحديد من قبل طالبان، وبحلول نهاية عام 2008، دمروا أكثر من 400 مدرسة.

وفي الحادية عشرة من عمرها بدأت ملالا في نشاطاتها، حيث بدأت بالتدوين دون الكشف عن هويتها لصالح هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في أوائل عام 2009، واستخدمت الاسم المستعار "جول ماكاي"، وتحدثت عن حياتها تحت حكم طالبان وعن مدى رغبتها في الالتحاق بالمدرسة، وكانت أولى تدويناتها بعنوان "أنا خائفة" تناولت بالتفصيل كوابيسها حول الحرب في مدينتها، وبعدها بدأت كوابيسها تتحول إلى حقيقة، حيث اضطرت يوسفزاي وعائلتها إلى مغادرة منزلهم بسبب تصاعد التوترات بين باكستان وطالبان.

وبعد ذلك بدأت هي ووالدها في الحديث علنًا عن تعليم الفتيات ودشنوا حملة من أجل حصول الفتيات الباكستانيات على تعليم مجاني جيد، وفي 2011، تم ترشيح يوسفزاي لجائزة السلام الدولية للأطفال، وعلى الرغم من أنها لم تفز، فإنها حصلت في العام نفسه على جائزة السلام الوطنية للشباب الباكستاني. 

وضعت طالبان ملالا على قائمة الشخصيات المستهدفة، وفي 9 أكتوبر 2012 كانت هي على متن الحافلة عائدة من المدرسة مع أصدقائها، وبعدها أوقف اثنان من أعضاء طالبان الحافلة وسألا: من هي ملالا؟ وعندما تعرفا عليها، أطلقا النار عليها في رأسها، ونقلت فورًا للمستشفى ومنها إلى وحدة العناية المركزة في إنجلترا وبعد 10 أيام في غيبوبة، استيقظت يوسفزاي في مستشفى في برمنجهام، إنجلترا، و لم تكن تعاني من تلف كبير في الدماغ، ولكن الجانب الأيسر من وجهها أصيب بالشلل.

في مارس 2013، بدأت يوسفزاي الذهاب إلى المدرسة في برمنجهام، وقررت الاستمرار في سعيها "حتى تتمكن كل فتاة من الذهاب إلى المدرسة"، وفي عيد ميلادها السادس عشر، ألقت ملالا كلمة في الأمم المتحدة في نيويورك، وفي العام نفسه نشرت سيرتها الذاتية بعنوان "أنا ملالا: الفتاة التي دافعت عن التعليم وأطلقت عليها طالبان النار".

وفي عام 2014، أنشأت يوسفزاي ووالدها صندوق ملالا لدعم ومناصرة النساء والفتيات على المستوى الدولي، وقدمت خدماتها للاجئين السوريين في الأردن، والطالبات الشابات في كينيا، وفي نيجيريا هاجمت جماعة بوكو حرام التي اختطفت الفتيات الصغيرات لمنعهن من الذهاب إلى المدرسة.

وفي ديسمبر من عام 2014، حصلت يوسفزاي على جائزة نوبل للسلام لعملها، وفي سن السابعة عشرة، أصبحت أصغر شخص يحصل على جائزة نوبل، وفي 2017  عينها أنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة رسول الأمم المتحدة للسلام لتركز بشكل خاص على تعليم الفتيات.

"التعليم حق من حقوق الإنسان الأساسية لكل فتاة، ولا ينبغي حرمان أي طفل من هذا الحق. وأنا أقف هنا اليوم مرة أخرى وأقول الشيء نفسه، إن التعليم حق لكل طفل، ولا سيما للفتيات، لا ينبغي إهمال هذا الحق. إذا كنا نرغب في المضي قدما، علينا أن نوفر التعليم للفتيات، وبمجرد أن يتم تعليم الفتيات يمكن تغيير المجتمع والعالم بأسره. يشرفني حقا الحصول على هذا المنصب".. هكذا تحدثت ملالا بعد تعيينها من قبل أمين الأمم المتحدة.

وعن وطنها قالت أيضًا "أريد أن يعرف الناس أنني أنا من يمثل باكستان وليس المتطرفون ولا الإرهابيون. هم ليسوا باكستان، هم ليسوا نحن، إنهن الفتيات مثلي، اللاتي يناصرن التعليم في هذا البلد ويؤمنّ به. إنهن الفتيات المسلمات مثلي، الفخورات بدينهن، اللاتي يطالبن بالتعليم ويؤمنّ بالتعليم. نقول للعالم: كل المسلمين، جميع الفتيات المسلمات يؤمنّ بالتعليم والسلام، وسوف يقفون من أجل حقوقهن".

وفي 2022 تحدثت على هامش فعاليات الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وركزت ملالا على "حق كل فتاة في الحصول على تعليم آمن وجيد ومجاني.. قبل 7 سنوات، وقفت على هذه المنصة على أمل أن يُسمع صوت فتاة مراهقة أصيبت برصاصة لقاء الدفاع عن تعليمها.. في ذلك اليوم، التزمت البلدان والشركات والمجتمع المدني جميعا بالعمل معا ليلتحق كل طفل في المدارس بحلول عام 2030".

وتابعت "علينا أن نحقق ذلك لهن. لهذا السبب أنا هنا لأرفع صوتي في سبيل هذه القضية. بصفتي رسول السلام لدى الأمم المتحدة، فقد قطعت هذا التعهد بأنني سأدعو إلى توفير التعليم الجيد والآمن والمجاني لجميع الأطفال، خاصة الفتيات في جميع أنحاء العالم".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية