كريم خان .. المدعي العام الذي اغضب إسرائيل وحماس.. والغرب ايضا!

كريم خان ..  المدعي العام الذي اغضب إسرائيل وحماس.. والغرب ايضا!
كريم خان

تحذيرات مسبقة من دول أوروبية، ووعيد من الولايات المتحدة الأمريكية، كل هذا لم يمنع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من أن يعلن في 20 مايو عن تقديم طلبات إلى الدائرة التمهيدية بالمحكمة لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ورئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار وآخرين.

خان قال في بيانه الصادر في هذا اليوم: "استناداً إلى الأدلة التي جمعها مكتبي وفحصها، لدي أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة) بدءاً من الثامن من أكتوبر 2023".

وأوضح خان أن تلك الجرائم تشمل تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب، وتعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة والقتل العمد، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين باعتباره جريمة حرب، مشيراً إلى أن الجرائم ضد الإنسانية التي وُجه الاتهام بها قد ارتُكِبت في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين وهذه الجرائم مستمرة، في تقديرنا، إلى يومنا هذا.

وفي ختام بيانه للإعلان عن طلباته قال خان "نؤكد مرة أخرى أن القانون الدولي وقوانين النزاعات المسلحة تنطبق على الجميع، وليس لجندي من المشاة أو لقائد أو لزعيم مدني -أو لأي شخص- أن يفلت من العقاب على تصرفاته ولا يمكن تبرير تعمد حرمان البشر، بمن فيهم كثير جداً من النساء والأطفال، من الضروريات الأساسية اللازمة للحياة".

وكما كان متوقعاً تصاعدت نبرة التنديد الغربية بطلبات كريم خان المدعي العام للمحكمة، الذي من الواضح أنه كان يعلم تبعات ما يطلب وعلى استعداد لتحمل كل النتائج المترتبة على هذا الأمر.

ففي الولايات المتحدة وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن تلك الخطوة بأنها مشينة، وأكد أنه سيقف دائماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي يتعرض لها أمنها، على حد وصفه، وقالت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها "إن التطبيق المتزامن لمذكرات الاعتقال ضد قادة حماس من جهة والمسؤولين الإسرائيليين من جهة أخرى أعطى انطباعاً خاطئاً بالتكافؤ".

بل ووصل الأمر إلى إعلان الولايات المتحدة على لسان أنتوني بلينكن أن إدارة جو بايدن ستعمل مع الكونغرس بشأن فرض عقوبات محتملة على المحكمة الجنائية الدولية.

حماس أيضًا وجهت انتقادات لمطالبات المحكمة، حيث قال القيادي بالحركة سامي أبو زهري إن قرار المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق 3 من قادة حركة حماس هو "مساواة بين الضحية والجلاد"، موضحًا أن   قرار المحكمة يشجع إسرائيل على الاستمرار في "حرب الإبادة".

التهديدات التي ظهرت الآن للعلن كانت في الأيام الماضية في الغرف المغلقة، حيث كشف كريم خان أنه تعرض لتهديدات تتعلق بطلبه إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وفي لقاء له بعد الكشف عن طلباته قال "بعض السياسيين تحدثوا معي، وكانوا صريحين للغاية.. هذه المحكمة أنشئت من أجل إفريقيا ومن أجل السفاحين مثل بوتين".

إذاً من هو الرجل الذي يسعى الآن لملاحقة المسؤولين عن أحد أكبر الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث؟

كريم أحمد خان هو محامٍ بريطاني متخصص في القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وشغل منصب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة وعمل مستشاراً خاصاً ورئيساً لفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها داعش في العراق وسوريا.

في فبراير 2021 انتخب كريم خان مدعياً عاماً للمحكمة الجنائية الدولية المعنية بالتحقيق ومقاضاة الأفراد المشتبه بارتكابهم أجسم الجرائم مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

انطلق خان من خلفية تعليمية متميزة حيث حصل على شهادة البكالوريوس في القانون مع مرتبة الشرف من كلية الملك جورج في جامعة لندن، كما درس القوانين الإسلامية ودرّسها وعمل خان مدعياً ملكياً في دائرة النيابة العامة في إنجلترا وويلز، وتم تعيينه مدعياً عاماً أولَ في عام 1995.


ويحمل كريم سجلاً مهنياً حافلاً، فبين عامي 1997 و1998 عمل خان موظفاً قانونياً في مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا وعمل لاحقاً مستشاراً قانونياً في مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا حتى عام 2000، والمحكمة الخاصة بلبنان التي أُنشئت للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005.

وفي 2008 عمل كمستشار رئيسي أمام المحكمة الجنائية الدولية ممثلاً بحر إدريس أبو قردة قائد حركة التمرد في السودان وهو أول مشتبه به في المحكمة الجنائية الدولية يستسلم طوعاً لولاية المحكمة، كما تولى الدفاع عن نائب الرئيس الكيني السابق وليام روتو أمام المحكمة الجنائية الدولية، وكان كذلك مستشاراً لرئيس وزراء ليبيا السابق الدكتور البغدادي المحمودي الذي واجه عدة تهم أمام المحاكم الليبية بتهم مختلفة، وأيضاً سيف الإسلام القذافي.

وعندما وصل خان إلى منصب المدعي العام كان ثالث رئيس ادعاء يُنتخب في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية، وأول رئيس يُنتخب بالاقتراع السري.
تم ترشيح خان من قبل المملكة المتحدة، وفي سبتمبر 2021 استأنف خان التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان بأفغانستان، والذي كان قد تم تعليقه في عام 2020 بناءً على طلب حكومة كابول.

وبعد الحرب الروسية الأوكرانية أصدر خان مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ومفوضة حقوق الأطفال في روسيا ماريا لفوفا بيلوفا لاتهامهما بترحيل أطفال من أوكرانيا إلى روسيا.

ويسهم أيضاً في عدد من المنظمات غير الحكومية، فهو المدير المؤسس لمبادرة الضحايا العالمية، التي تهدف إلى توفير الإنصاف والمشورة لضحايا الجرائم الدولية في جميع أنحاء العالم، وكذلك المدير المؤسس لمبادرة السلام والعدالة وهي  منظمة غير حكومية مقرها لاهاي تركز على التنفيذ الفعال لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على المستوى الوطني.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية