عطاء دائم.. الجمعيات الخيرية ترسي مبادئ حقوق الإنسان وتنشر الفرحة بين المحتاجين في العيد

عطاء دائم.. الجمعيات الخيرية ترسي مبادئ حقوق الإنسان وتنشر الفرحة بين المحتاجين في العيد

بهجة العيد.. كيف تغير الجمعيات الخيرية حياة الأسر المحتاجة في الوطن العربي؟

أبطال الإنسانية.. جهود الجمعيات الخيرية في نشر السعادة خلال عيد الأضحى 

عيد الأضحى.. عندما تتحول المبادرات الخيرية إلى أمل وفرح 

العيد في قلوب الجميع.. توزيع الأضاحي والملابس والأدوية بنكهة إنسانية 

في كل عام، ومع بزوغ هلال عيد الأضحى، تتجدد آمال الملايين في الوطن العربي وتشتعل نيران الفرح في قلوبهم، حيث يأتي العيد كنسمة باردة في صيف حار، حاملاً معه معاني الأمل والعطاء. 

في هذا السياق، تبدأ الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية في تنفيذ خططها لنشر البهجة في ربوع الوطن العربي، تتوزع جهود هذه الجمعيات والمنظمات بين توزيع الأضاحي، وتقديم الملابس الجديدة، وتوفير الأدوية والعلاجات الضرورية. 

كل مبادرة تحمل في طياتها قصة حب وعطاء، تُروى بدموع الفرح والامتنان من المستفيدين، ومع بداية العيد، تنطلق حملات توزيع الأضاحي في كل مكان، لتصل إلى الأسر المحتاجة التي تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر. 

وفقًا للإحصائيات الأخيرة، وزعت الجمعيات الخيرية في الوطن العربي أكثر من 1.5 مليون أضحية في العام الماضي، هذه الأضاحي لم تكن مجرد لحوم تُقدم على الموائد، بل كانت رسائل حب وتضامن، تُعيد رسم الابتسامة على وجوه الأطفال وتزرع الطمأنينة في قلوب الكبار.

للعيد نكهة خاصة تتجلى في الملابس الجديدة التي يرتديها الأطفال والشباب، ففي العام الماضي، تم توزيع أكثر من 500,000 قطعة ملابس في مختلف الدول العربية، مما جعل العيد أكثر إشراقًا وفرحةً للأسر التي تعاني من ضيق العيش.

إلى جانب الغذاء والملابس، تأتي الصحة كأحد أهم الجوانب التي تُعنى بها الجمعيات الخيرية خلال موسم العيد. 

وفي ظل الأزمات الاقتصادية والصحية التي تعصف بالعديد من الدول العربية، قدمت هذه الجمعيات أكثر من 200,000 عبوة دواء ومستلزمات طبية في العام الماضي. هذا الدعم لم يقتصر فقط على توزيع الأدوية، بل شمل أيضًا تنظيم حملات طبية وعيادات متنقلة لتقديم الرعاية الصحية للمحتاجين في المناطق النائية.

وتتميز بعض الجمعيات بمبادراتها الإبداعية التي تضيف بعدًا جديدًا لنشر البهجة، فمثلاً، تم تنظيم مهرجانات صغيرة وعروض ترفيهية في مخيمات اللاجئين، وزعت فيها الألعاب والهدايا على الأطفال، مما حول لحظات العيد إلى ذكرى سعيدة لا تُنسى. 

وجرى إطلاق مبادرات لتزيين الأحياء الفقيرة وتوزيع الحلويات التقليدية، مما أضفى أجواء احتفالية على المجتمعات المحتاجة.

أغرب الجمعيات الخيرية فى العالم.. من الحفاظ على سفينة كينيدى لدعم طوال  القامة - اليوم السابع

حلقة وصل مهمة

وقال رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور : بصفتي خبيرًا في مجال الحقوق والعدالة الاجتماعية، أؤكد أهمية الدور الذي تلعبه الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية في المجتمعات، وخاصة في المناطق الريفية والنائية، فهذه المؤسسات تمثل حلقة الوصل بين المجتمع المدني والسلطات الرسمية، وتعمل على معالجة التفاوتات والفجوات التنموية والإنسانية. أولاً، تساهم هذه الجمعيات الأهلية في تقديم المساعدات الإنسانية الملموسة للمناطق المحرومة، بتوزيع الغذاء والملابس والرعاية الصحية وغيرها من الاحتياجات الأساسية، وهذا له أثر مباشر على تخفيف وطأة الفقر وتحسين نوعية الحياة للأفراد والأسر المستفيدة. 

وتابع في تصريحات لـ"جسور بوست"، أيضًا، تضطلع هذه المنظمات بدور حيوي في تعزيز التنمية المحلية المستدامة، من خلال تنفيذ مشاريع البنية التحتية والزراعة والتعليم والتدريب المهني، فهي تعمل على بناء القدرات المجتمعية وتمكين السكان المحليين اقتصاديًا واجتماعيًا، كذلك تتصدى هذه الجمعيات لانتهاكات حقوق الإنسان وتعمل على المناصرة والضغط السياسي من أجل الوصول إلى حلول عادلة، فهي تمثل صوت المواطنين المهمشين وتسعى لإيصال مطالبهم إلى صناع القرار. 

واستطرد، على الرغم من هذا الدور الحيوي، فإن هذه الجمعيات تواجه العديد من التحديات والعقبات، أبرزها النقص في التمويل والموارد المالية اللازمة لتنفيذ برامجها وتوسيع نطاق عملياتها، أيضًا الروتين الإداري والقيود التشريعية التي تفرضها بعض الحكومات على عمل المنظمات غير الحكومية. 

وأتم، التعاضد والتكامل بين الجهود الرسمية والأهلية هو السبيل الأمثل لتحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية في مختلف ربوع المجتمع.

نضال منصور 

تحديات الجمعيات الأهلية في مجتمعنا

وبدورها، قالت الحقوقية التونسية، ليلى حداد، في مجتمعنا، تواجه الجمعيات الأهلية عددًا من التحديات الرئيسية التي تتطلب معالجة شاملة وفعالة، هذه التحديات تشمل محدودية التمويل، القيود التشريعية والإدارية، ضعف البنية التحتية، وندرة الكفاءات البشرية المؤهلة، فالتصدي لهذه القضايا بطريقة متكاملة سيُمكّن القطاع الأهلي من النهوض بدوره التنموي والإغاثي بفعالية أكبر وتقديم خدمات أوسع للمجتمعات المحلية.

وتابعت في تصريحات لـ"جسور بوست"، نقص التمويل المستدام والكافي يُعد أهم تحد يواجه الجمعيات الأهلية، فالاعتماد على التبرعات والمساعدات الحكومية محدود، مما يؤثر على استمرارية البرامج والمشاريع لذا يجب التركيز على تنويع مصادر التمويل، بما في ذلك الشراكات مع القطاع الخاص والاستفادة من الحوافز الضريبية. 

وأضافت، كما يتطلب الأمر إنشاء صناديق استثمارية وأوقاف خيرية لتوفير تمويل مستدام للجمعيات، إلى جانب تعزيز الشفافية والمساءلة المالية لجذب المزيد من الداعمين، تواجه بعض الجمعيات صعوبات في التسجيل والحصول على التراخيص اللازمة للعمل، إضافة إلى البيروقراطية الإدارية المعقدة، ويتطلب الأمر مراجعة التشريعات ذات الصلة لتبسيط الإجراءات وتعزيز استقلالية الجمعيات، كما يجب إنشاء نافذة موحدة لتسهيل عمليات التسجيل والترخيص، وتطوير القدرات الإدارية والتنظيمية للجمعيات لاستيفاء المتطلبات وتواجه الجمعيات تحديات في الوصول إلى المناطق النائية والريفية بسبب ضعف البنية التحتية، مما يحد من قدرتها على تقديم الخدمات لذا يجب الاستثمار في تطوير البنية التحتية كالطرق والاتصالات في المناطق المحرومة، وتعزيز التكنولوجيا الرقمية لتسهيل الوصول والتواصل عن بعد. كما يلزم إيجاد حلول مبتكرة للنقل والمواصلات في المناطق الريفية.

واستطردت، تعاني بعض الجمعيات من قلة الكوادر المؤهلة والمدربة، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة لذلك، يجب تطوير برامج التدريب والتأهيل للعاملين في الجمعيات، وتعزيز الحوافز والامتيازات للجذب والاحتفاظ بالكفاءات. كما يجب تشجيع التطوع والمشاركة المجتمعية لتعزيز الموارد البشرية.

وأتمت، في ظل هذه التحديات، يقع على عاتق الجمعيات الأهلية ومختلف الجهات المعنية مسؤولية التعاون والعمل بشكل متكامل لمعالجتها، فالنهوض بالقطاع الأهلي وتمكينه من القيام بدوره التنموي والإغاثي بفعالية أكبر سيُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمجتمعات المحلية.

ليلى حداد تدعو الى رجم الطبقة السياسية وكنسها | جريدة الشروق التونسية

ليلى حداد

تطوير القطاع الأهلي

وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبدالكبير، إن الممارسات الدولية الجيدة بمثابة خارطة طريق لتطوير القطاع الأهلي في مجتمعنا، حيث يمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى لتعزيز فعالية وتأثير هذا القطاع، من الأهمية بمكان وجود إطار تنظيمي وتشريعي داعم للمنظمات الأهلية، يسهّل عملية تأسيسها وتمكينها من العمل بشكل فعال، كذلك تحسين البيئة التنظيمية والتشريعية يتطلب دراسة النماذج الناجحة من دول أخرى، حيث يمكن الاطلاع على تجاربها في وضع سياسات وقوانين تشجع على تأسيس المنظمات وتدعم استمراريتها، هذه النماذج تساهم في إزالة العوائق البيروقراطية وتبسيط الإجراءات القانونية، مما يمكّن المنظمات من التركيز على مهامها الأساسية. 

وتابع في تصريحات لـ"جسور بوست"، تشجيع الشراكات والتعاون بين المنظمات الأهلية والقطاعات الحكومية والخاصة هو أحد العوامل الرئيسية لتعزيز القدرات وتحقيق الأهداف المشتركة، أيضا نماذج الشراكات الناجحة في دول مختلفة توضح كيف يمكن للتعاون بين هذه القطاعات أن يؤدي إلى تحقيق استفادة متبادلة وتكامل في الجهود على سبيل المثال، يمكن أن تساهم الشراكات مع القطاع الخاص في توفير الموارد والخبرات، بينما يوفر التعاون مع القطاع الحكومي الدعم التشريعي والمالي. بناء قدرات المنظمات الأهلية عبر توفير برامج تدريبية وتطويرية للعاملين والقيادات فيها يعد خطوة حيوية لتعزيز مهاراتهم الإدارية والفنية.

واستطرد، عبدالكبير، هذه البرامج تساعد على تحسين قدرة المنظمات على التخطيط والتنفيذ والتقييم، مما يعزز من فعاليتها وتأثيرها في المجتمع، تجارب الدول الأخرى في بناء القدرات تقدم دروساً قيمة حول كيفية تصميم وتنفيذ برامج تدريبية فعالة، وتنويع مصادر التمويل يمثل تحدياً كبيراً لكنه ضروري لضمان استدامة المنظمات الأهلية، ويمكن تشجيع الأفراد والشركات على التبرع والمساهمة في دعم هذه المنظمات، إضافة إلى توفير تمويل حكومي وتيسير الحصول على التمويل الخارجي، كذلك الاطلاع على التجارب الدولية يوضح كيف تمكنت بعض الدول من خلق بيئة مشجعة للتبرعات والمساهمات الخيرية، وكيفية استخدام الحوافز الضريبية لجذب التمويل. 

واستكمل، تعزيز الشفافية والمساءلة في عمل المنظمات الأهلية يعد من العوامل الأساسية لتعزيز الثقة العامة بها وضمان حسن استخدام المصادر المالية والموارد المتاحة، وتطوير آليات للمساءلة والشفافية يمكن أن يشمل نشر التقارير المالية بشكل دوري، وإجراء عمليات تدقيق مستقلة، وإشراك المجتمع في مراقبة وتقييم أداء المنظمات، والتجارب الدولية تظهر أن الشفافية والمساءلة لا تعزز الثقة فقط، بل تساعد أيضاً في تحسين الأداء وتحقيق الأهداف بكفاءة أكبر. 

وأتم، بالنظر إلى العديد من التجارب الناجحة على المستوى الدولي، يمكن لمجتمعنا الاستفادة منها لتطوير القطاع الأهلي، هذه الممارسات توفر نماذج عملية لكيفية التعامل مع التحديات وتعزيز القدرات، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة في مجتمعنا.

وراء كل هذه الأرقام تكمن قصص نجاح وإنسانية تُلهم الأجيال. سارة، الأم لخمسة أطفال، التي تلقت سلة غذائية وملابس جديدة لأطفالها، تقول: "العيد هذا العام كان مختلفًا، شعرنا بفرحة حقيقية لم نشعر بها منذ سنوات". أما أحمد، الرجل الستيني الذي حصل على أدوية لعلاج مرضه المزمن، فكانت كلماته تحمل شكرًا عميقًا: "لقد أعادوا لي الأمل في الحياة، جعلوني أشعر أن هناك من يهتم لأمري".

مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان لـ«الصحافة اليوم»:  الإجراءات الليبية أحادية الجانب على المعبرين الحدوديين يجب ألا تفسد  العلاقات بين البلدين | الصحافة اليوم - يومية اخبارية جامعة

مصطفى عبدالكبير

على سبيل المثال، جمعية الهلال الأحمر الإماراتي تعد واحدة من أبرز الجمعيات التي حققت نجاحات كبيرة في هذا المجال. في عيد الأضحى الماضي، تمكنت الجمعية من توزيع الأضاحي على أكثر من 300,000 أسرة في مختلف الدول العربية، بالإضافة إلى توزيع الملابس والأدوية. كذلك، جمعية قطر الخيرية التي نفذت حملات واسعة لتوزيع الأضاحي والملابس، واستفاد منها مئات الآلاف من الأشخاص في اليمن وسوريا والصومال.

وفي النهاية، تُظهر هذه الجهود المتواصلة للجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية أن العيد ليس مجرد احتفال ديني، بل هو مناسبة لتعزيز قيم التكافل الاجتماعي والتضامن الإنساني. إنهم ينسجون بأيديهم خيوط الفرح، ليضيئوا حياة أولئك الذين أظلمتها الظروف، ويثبتون أن العطاء الحقيقي لا حدود له.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية