"الصحة العالمية": 800 ألف شخص عالقون في الفاشر.. والمجاعة تلاحق السودان
"الصحة العالمية": 800 ألف شخص عالقون في الفاشر.. والمجاعة تلاحق السودان
حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن الجوع والخوف من المجاعة يلاحقان السودان، حيث لا يزال 800 ألف شخص عالقين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور دون ما يكفي من الغذاء أو الماء أو الدعم الطبي.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان الدكتور شبل صهباني، إن القتال العنيف بين الأطراف المتحاربة جعل الوصول إلى الفاشر "مستحيلا تماما"، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأضاف في المؤتمر الصحفي نصف الأسبوعي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، "أصبحت ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة كلها معزولة عن المساعدات الإنسانية والصحية بسبب القتال المستمر".
وأكد أن الوضع في دارفور "مثير للقلق بشكل خاص، حيث لا يستطيع الجرحى في أماكن مثل الفاشر الحصول على الرعاية العاجلة التي يحتاجون إليها، كما أن الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات ضعفاء بسبب الجوع الحاد".
وبالإضافة إلى المناشدات للأطراف المتحاربة لضمان حماية المدنيين وفرق الإغاثة والبنى التحتية العامة بما في ذلك المستشفيات بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي، شدد المسؤول الأممي على أن "الوصول مطلوب على الفور حتى نتمكن من تجنب وضع صحي كارثي".
إمدادات ليست كافية
ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان نبه إلى أن مخزونات الرعاية الصحية الموجودة استُخدمت لتزويد عدد قليل من المستشفيات في الفاشر، ولكن "هذا ليس كافيا ولا يمكن الاستمرار فيه"، مضيفا أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يواصل التفاوض مع مختلف الأطراف المتحاربة للسماح بنقل إمدادات الإغاثة أينما أمكن.
وقال صهباني "بينما نتحدث الآن، هناك سبع شاحنات تتحرك من كردفان نحو دارفور. وبالأمس فقط حصلنا على الموافقة على نقلها نحو دارفور". وأضاف أن هناك إشارات جيدة أيضا بشأن عمليات المساعدات عبر الحدود من جميع الأطراف المختلفة.
لكنه حذّر مرة أخرى من أن هذا ليس كافيا، "لأننا مضطرون إلى التعامل مع هذه الحالات على أساس مخصص. نحن بحاجة إلى المزيد من الدعم في البلاد من مختلف الأطراف المتحاربة. ونحتاج أيضا إلى مناصرة من الدول الكبرى، من أولئك الذين لديهم تأثير معين على الوضع".
مشهد صادم
وأفاد المسؤول الأممي بأنه أثناء قيامه بمهمة تقييمية في تشاد المجاورة الأسبوع الماضي، أخبره اللاجئون اليائسون أن "السبب الرئيسي وراء مغادرتهم السودان الآن هو الجوع، والمجاعة. وقالوا إن السبب ليس انعدام الأمن، وليس نقص الوصول إلى الخدمات الأساسية، ولكن لأننا لا نملك ما نأكله هناك".
وعبّر عن الصدمة عندما أخبرته سيدة فرت من دارفور ووصلت إلى مدينة أدري التشادية التي تقع على مقربة من الحدود مع السودان أن "كل ما نستخدمه لإنتاج الطعام محليا، للأكل، استولى عليه المقاتلون". وكانت هذه السيدة قد سارت لمدة ثلاثة أيام مع أطفالها بحثا عن الأمان، دون طعام طوال الرحلة.
وحذّر صهباني من أن الاستجابة الإنسانية في السودان لا تزال ممولة بنسبة 26 في المئة فقط، واصفا حالة الطوارئ بأنها "واحدة من أسوأ حالات الطوارئ في العالم".
وقال "إذا لم نحصل على وقف إطلاق النار، فيمكننا على الأقل الحصول على حماية للمدنيين وفتح ممرات إنسانية".
محادثات جنيف
وفي تطور آخر، قالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة في جنيف أليساندرا فيلوتشي للصحفيين الثلاثاء إن وفدي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع اللذين يشاركان في محادثات في جنيف تحت قيادة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة، "منخرطان" في المحادثات.
وأضافت أن لعمامرة وفريقه أجروا عدة اتصالات مع كل منهما مطلع هذا الأسبوع.
الأزمة السودانية
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وأدّى النزاع إلى مقتل وإصابة آلاف الأشخاص، مع أن الرقم الحقيقي للقتلى قد لا يُعرف أبداً لعدم وجود إحصاءات رسمية موثقة.
وأدى الصراع كذلك إلى تدمير أجزاء كبيرة من العاصمة الخرطوم وإلى زيادة حادة في أعمال العنف المدفوعة عرقياً وإلى تشريد أكثر من ثمانية ملايين سوداني لجأ من بينهم أكثر من مليون شخص إلى دول مجاورة، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، وخصوصاً إلى مصر شمالاً وتشاد غرباً.
وأبرم طرفا النزاع أكثر من هدنة، غالبا بوساطة الولايات المتحدة والسعودية، سرعان ما كان يتمّ خرقها.
كما يحاول كل من الاتحاد الإفريقي ومنظمة إيغاد للتنمية بشرق إفريقيا التوسط لحل الأزمة في السودان.
ولم يفِ طرفا القتال بتعهدات متكررة بوقف إطلاق النار يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان الذي كان يعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع المعارك الأخيرة.
وتؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، باتوا الآن بحاجة للمساعدة والحماية.