"القاضي مورايس وماسك".. صراع "إكس" بين حماية المؤسسات وحقوق التعبير في البرازيل

"القاضي مورايس وماسك".. صراع "إكس" بين حماية المؤسسات وحقوق التعبير في البرازيل
قاضي المحكمة العليا في البرازيل، ألكسندر دي مورايس

"في مطلع القرن، لم تكن هناك وسائل تواصل اجتماعي.. تأمل؟ كنا سعداء ولم نكن نعرف ذلك"، بهذه الكلمات وصف قاضي المحكمة العليا في البرازيل، ألكسندر دي مورايس واحدة من أعظم معضلات عصر الإنترنت، في كلمة له أمام جمهور من أعضاء مجلس الشيوخ في برازيليا في وقت سابق من هذا العام.

ووفقا لصحيفة "فايننشيال تايمز"، حظر القاضي الأسبوع الماضي موقع "إكس" في أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، بعد أن رفضت المنصة المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك حظر الحسابات المشتبه في نشرها رسائل الكراهية أو المعلومات المضللة.

دفع الحكم، الذي يؤثر على ما يقرب من 20 مليون مستخدم برازيلي للموقع، مورايس إلى نقاش عالمي حول حرية التعبير وكيفية تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي.

بالنسبة لمؤيديه فإن القاضي البالغ من العمر 55 عامًا هو بطل حمى الديمقراطية ضد طوفان من الأخبار المزيفة، وبالنسبة للمنتقدين، فهو مذنب بالرقابة ويستهدف المحافظين بشكل غير عادل.

أصدر مورايس مرسومًا بتعليق عمل "إكس" بعد فشلها في تلبية الموعد النهائي الذي حدده لتعيين ممثل قانوني جديد، كما هو مطلوب بموجب القانون البرازيلي، وجاء ذلك بعد تصعيد الانتقام مع "ماسك" بشأن أوامر الإزالة، وصف رجل الأعمال التكنولوجي القاضي بأنه "ديكتاتور"، وهو ما يعكس حركة اليمين في البرازيل.

وقال قاضي المحكمة العليا السابق ماركو أوريليو ميلو لشبكة "سي إن إن - برازيل": "لقد كان عملاً متطرفًا أثر على حياة العديد من المواطنين، إنه ليس تقدمًا ثقافيًا، بل انتكاسة.. حتى إن بعض الذين دعموا ذات يوم موقف القاضي المتشدد يتساءلون الآن عما إذا كان قد تجاوز حدوده".

لم يتردد مورايس أبدًا في مواجهة العواصف السياسية، ففي الماضي، انخرط في مواجهات ساخنة مع الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو، وقاد حملة صارمة مثيرة للجدل ضد المعلومات المضللة عبر الإنترنت، وأصدر حظرًا لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي وفرض غرامات على المنصات.

يعتبر هذا الشخص المثير للانقسام الملقب بـ"بيج أليكس"، أحد أكثر الأشخاص نفوذاً في البرازيل، وقد نال الثناء من خصوم بولسونارو لمواجهته الزعيم الشعبوي، لكن بالنسبة لمناصري بولسونارو فإن مورايس هو لعنة.

وأصبح القاضي بمثابة صاعق للانتقادات بأن المحكمة العليا في البرازيل تتجاوز حدودها الدستورية، فيما يحذر خصومه من الانزلاق إلى الاستبداد القضائي، وفي تجمع حاشد في ساو باولو، اليوم السبت، للاحتفال بيوم استقلال البرازيل، من المتوقع أن يطالب عشرات الآلاف من المحتجين بعزله.

وفي حين أيد الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أفعاله ضد "إكس"، فإن مورايس محبوب في ظر البعض، ويقول أحد الأشخاص الذين عملوا مع المحكمة: "لقد كان دائمًا محافظًا، منذ أيامه كطالب جامعي.. إن محاولة اليمين المتطرف الآن وصفه بأنه يساري أمر مثير للسخرية".

ولد مورايس ونشأ في مدينة ساو باولو، ودرس في الجامعة العامة بالولاية، وشغل مناصب سياسية في حكومات الولايات والبلديات قبل أن يصبح وزيرًا للعدل في عهد الرئيس اليميني الوسطي ميشيل تامر، الذي عينه في المحكمة العليا في عام 2017.

وتقدم هوايات القاضي لمحة عن نفسيته، وهو من أنصار نادي كورينثيانز لكرة القدم -الذي يتلذذ مشجعوه بسمعته “المجنونة”- كما يمارس فنون الدفاع عن النفس موي تاي، وفي مقابلة إعلامية نادرة مع لوموند، كشف عن شغفه بسير القادة التاريخيين البارزين مثل ونستون تشرشل ويوليوس قيصر والإسكندر الأكبر.

جاءت نقطة تحول في مسار مورايس المهني خلال جائحة كوفيد-19، عندما تحدت المحكمة العليا سياسات الحكومة، لقد أدت هجمات بولسونارو على المؤسسة إلى معركة سلطات مع مورايس.

وكانت نقطة الخلاف الأخرى هي تأكيدات بولسونارو غير المثبتة بأن آلات التصويت الإلكترونية في البرازيل معرضة للاحتيال، وبعد أن استدعى سفراء أجانب لإعلان هذه الادعاءات، منعت محكمة انتخابية يرأسها مورايس اليميني من الترشح لأحد المناصب حتى عام 2030، فيما نفى بولسونارو ارتكاب أي مخالفات.

ويشير الأشخاص الذين يعرفون القاضي إلى أن خبرته كمدعٍ عام شكلت نهجه القتالي ضد التهديدات المزعومة للمؤسسات الديمقراطية، وبالنسبة لحلفاء مورايس، ظهرت هذه المخاطر في 8 يناير 2023، عندما حطم بولسوناريون متطرفون المباني الحكومية بما في ذلك المحكمة العليا، ودعوا إلى انقلاب عسكري ضد لولا.

وقد تم توجيه تهديدات بالقتل ضد مورايس وعائلته، ويزعم المنتقدون أن أساليبه تعرض الحريات للخطر، ويقول أستاذ السياسة في إنسبر فرناندو شولر، "إنه يختبر باستمرار حدود سلطته".

وأدان بعض خبراء القانون قرار مورايس بتجميد الحسابات المصرفية البرازيلية لشركة الأقمار الصناعية ستارلينك التابعة لماسك وإصدار غرامة يومية قدرها 8900 دولار لأي شخص يستخدم شبكة خاصة افتراضية (VPN) للتحايل على حظر "إكس".

ووجد استطلاع أجرته شركة "أطلس انتل" أن ما يقرب من 51% من المستجيبين لا يتفقون مع حظر "إكس"، مقابل ما يزيد قليلاً على 48% لصالحه.

في صراع الأنا بين ملياردير في مجال التكنولوجيا وقاض برازيلي صارم، من الصعب أن نتصور أن أيًا منهما قد يتنازل عن أرض كبيرة، لكن أستاذ دراسات الإعلام في جامعة فيرجينيا، ديفيد نيمر، يقول إن مورايس أرسل رسالة قوية في تحديه لماسك.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية