بعد ارتفاع حالات الإساءة لهم.. القضاء الفرنسي يتحرك للتصدي لاستغلال كبار السن

بعد ارتفاع حالات الإساءة لهم.. القضاء الفرنسي يتحرك للتصدي لاستغلال كبار السن

تزايدت في فرنسا مؤخراً حالات إساءة معاملة كبار السن والاحتيال عليهم، مما دفع السلطات القضائية إلى تكثيف جهودها لمواجهة هذه القضايا التي أصبحت تشغل حيزاً كبيراً في وسائل الإعلام. 

تضمنت الحوادث الأخيرة التي أثارت الجدل قضايا بارزة تشمل شخصيات معروفة، ما سلط الضوء على مدى انتشار هذه المشكلة وأهمية معالجتها، وفق وكالة فرانس برس.

من بين هذه القضايا، تصدرت الأخبار قضية النجم الفرنسي الراحل آلان ديلون، الذي توفي في 18 أغسطس الماضي، وكان يُشتبه في أن معاونته المنزلية استغلت حالته الصحية الضعيفة. 

وهذه القضية لم تكن الوحيدة من نوعها، حيث أثارت قضية أخرى اهتماماً كبيراً، وهي قضية مادلين ريفو، إحدى شخصيات المقاومة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث حُكِم على مساعدتها المنزلية السابقة بالسجن ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ بتهمة خيانة الأمانة.

تُظهر هذه القضايا أن الإساءة إلى كبار السن لم تعد استثناءً، بل أصبحت ظاهرة مقلقة تتطلب اهتماماً قضائياً متزايداً. 

وفقاً لرئيسة القسم المختص بقضايا الفئات الضعيفة في النيابة العامة الباريسية، آنّ بروست، فقد شهدت باريس زيادة ملحوظة في عدد حالات إساءة معاملة كبار السن، إذ ارتفع العدد من 283 حالة في عام 2022 إلى 389 حالة في عام 2023.

إحدى القضايا البارزة التي نالت اهتماماً واسعاً كانت قضية عائشة م.، التي حكمت عليها محكمة الجنايات في باريس بالسجن خمس سنوات، منها سنتان مع وقف التنفيذ، بتهمة الاحتيال واستغلال الضعف وخيانة الأمانة. 

تعود وقائع القضية إلى عام 2020، حين تعرفت عائشة على ضحيتها، رجل يبلغ من العمر 81 عاماً كان يعاني من مرض مزمن في الكلى. 

بعد وفاة زوجته وأحد أبنائه، أصبحت عائشة م. تزوره بانتظام ووعدته بالاعتناء به حتى نهاية حياته وتبرعها له بكليتها، إلا أن العلاقة بينهما تحولت من علاقة رعاية إلى استغلال… استغلت عائشة م. ضعف الرجل وطلبت منه المال، وتمكنت من الحصول على بطاقته الائتمانية ورقمها السري، ما أدى إلى تآكل أرصدة حساباته المصرفية، كما حصلت على تسعة قروض استهلاكية باسمه، وبلغ الضرر المالي الذي تسببت فيه نحو 167620 يورو.

وفقاً للمدعية العامة، تحولت العلاقة بين عائشة م. وضحيتها إلى "هيمنة"، حيث كان الرجل الكبير في السن يشعر بأنه ملزم بالوعود التي قُطعت له، ما جعله يخشى الاعتراض. 

توقف استغلال عائشة م. فقط عندما تدخلت الشرطة بعد تلقيها بلاغاً عن تصرفات سابقة لها في قضايا مماثلة.

توضح آنّ بروست أن كبار السن كثيراً ما يترددون في تقديم بلاغات للشرطة لأنهم لا يعتبرون أنفسهم ضحايا. 

وتضيف أن هؤلاء الأفراد في نهاية حياتهم يحتاجون إلى "دفء إنساني"، ما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل أولئك الذين يقدمون لهم هذا الدعم في البداية ثم يستغلونهم.

تُرتكب معظم هذه الجرائم من قبل مساعدي الرعاية الذين يوفرون الرعاية لكبار السن في منازلهم، حيث تكون السيطرة عليهم أسهل مقارنةً بالمستشفيات أو دور رعاية المسنين.. ويتم فتح التحقيقات عند تلقي بلاغات من الأقارب أو المؤسسات.

أفادت رين سيمويس من قسم الشؤون المدنية في النيابة العامة في باريس بأن عدد البلاغات المتعلقة بإساءة معاملة كبار السن في عام 2023 بلغ 60 بلاغاً من عائلات و1600 بلاغ من مؤسسات، بما في ذلك هيئة مستشفيات العاصمة وبلدية المدينة وبعض المصارف.

ويبرز هذا الإحصاء الحاجة الملحة إلى تعزيز الحماية القانونية لكبار السن ومراقبة سلوك مقدمي الرعاية لضمان عدم تعرضهم للاستغلال.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية