رغم تحسن الأوضاع.. تقرير دولي يكشف معوقات تعزيز حقوق الإنسان في كمبوديا
رغم تحسن الأوضاع.. تقرير دولي يكشف معوقات تعزيز حقوق الإنسان في كمبوديا
كتب- سلمان إسماعيل
كلما تغيرت الأشياء، بقيت على حالها كما هي، ربما يكون ذلك وصفا مناسبا للوضع في ما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، فعلى الرغم من إجراء الانتخابات في كمبوديا، لا تزال الكثير من المعوقات في إعمال الحقوق المدنية والسياسية موجودة، إذ لا يزال العشرات من المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين والبيئيين قيد الاحتجاز أو المقاضاة أو السجن، ولا يزال الصحفيون وأعضاء المعارضة والمنظمات غير الحكومية التي تنتقد السلطات يتعرضون للمضايقات.
جاء ذلك في تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في كمبوديا، فيتيت مونتاربورن، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ57 التي انطلقت فعالياتها في 9 سبتمبر وتتواصل حتى 9 أكتوبر المقبل، والذي يغطي الفترة من يونيو 2023 حتى يونيو 2024، بما في ذلك الانتخابات التي أجريت خلال تلك الفترة، بعنوان "الأضواء الانتخابية وحقوق المرأة"، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
وبالإضافة إلى المحاكمات الجماعية المختلفة التي نوقشت في تقارير المكلف السابق بالولاية، جرى أيضا خلال العام الماضي القيام بالعديد من عمليات إلقاء القبض والاحتجاز والمقاضاة.
وعلى الرغم من النداءات المختلفة التي وجهها المقرر الخاص وغيره من المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان من أجل التحلي بالتساهل وتحقيق العدالة، لا يزال كثير من الأشخاص الذين ينظر إليهم على أنهم منتقدون لنخبة السلطة يتعرضون للاضطهاد والحرمان من حقوقهم المدنية والسياسية.
وبينما أحرز البلد تقدما في بعض جوانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن أحد التحديات الرئيسية يتعلق بمسألة الحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما الحيز المدني والسياسي المفيد، الذي يؤثر على المشهد الانتخابي وعلى كامل نطاق حقوق المرأة.
ويرتبط إعمال حقوق الإنسان في جوهره ارتباطا وثيقا بالتطلعات المتعلقة بالديمقراطية والسلام والتنمية المستدامة، بحسب المقرر الخاص.
وقال المقرر الخاص في تقريره، إن حرب القانون المضفى عليها الطابع القضائي تسود في كمبوديا، وفيها يستخدم القضاء القانون لإسكات الجهات الفاعلة السياسية والحقوقية التي ينظر إليها على أنها معادية للسلطات الوطنية، وذلك تجاه الفضاء المدني والسياسي.
وبحسب التقرير فإن كمبوديا مثقلة بركام من القوانين غير الضرورية التي تمنح السلطات صلاحيات مفرطة لتقييد الحقوق المدنية والسياسية بما يشكل خرقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تشكل كمبوديا أحد الأطراف فيه.
ومن بين القوانين التي أشار إليها المقرر الخاص، قانون الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، وقانون الطوارئ الوطني، والقوانين المتعددة المتعلقة بوسائط الإعلام، وتطبيق القانون الجنائي لإسكات المنتقدين. مطالبا بإعادة النظر بطريقة شفافة في القوانين الناشئة ذات الطابع التقييدي، مثل قانون الجرائم الإلكترونية المقترح ومشروع قانون النظام العام.
وعبر مونتاربورن عن خيبة أمله من أن السلطة القضائية قد ظلت تشكل ترسا رئيسيا في استخدام هذه التدابير، مشددا على ضرورة إصلاح الركيزة القضائية من أجل تعزيز احترام سيادة القانون الدولية بدلا من ترديد الشعار الذي يبرر نفسه وهو أن كل شيء يجري وفقا للقانون الوطني.
وإحدى المشكلات المرهقة الأخرى بحسب التقرير، مسألة "تأجير الأرحام" في كمبوديا الذي كثيرا ما يرتبط باستئجار النساء في كمبوديا لولادة طفل من آباء أجانب والقانون الحالي المستخدم لمنع هذه الممارسة هو قانون مكافحة الاتجار بالبشر.
وأبدى المقرر الخاص أسفه، لأنه بموجب القانون تجري مقاضاة الأمهات البديلات لتقديمهن هذه الخدمات.
وأشار المقرر الخاص إلى تعرض عدد من المدافعين عن البيئة والمدافعين عن الشعوب الأصلية للمضايقات أو الاحتجاز أو المقاضاة في معرض محاولاتهم حماية الأراضي وما يتصل بها من غابات وموارد أخرى.
وأوصى المقرر الخاص كمبوديا بمتابعة وتنفيذ برنامج العمل الكمبودي لحقوق الإنسان على النحو الذي اقترحه المقرر الخاص في نهاية زيارته إلى كمبوديا في عام 2022، والوفاء بالمعايير المرجعية العشرين المصاحبة التي حللها في تقريره لعام 2023، بما في ذلك تعليق وإصلاح القوانين والسياسات والممارسات السلبية، وضمان وصول الجميع إلى العدالة، بما في ذلك الإفراج السريع عن الأشخاص المحتجزين لأسباب سياسية.
وشدد المقرر الخاص على ضرورة فتح المجال أمام التعددية السياسية وشمول الجميع، مثل فتح المجال أمام الفاعلين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء ووسائط الإعلام، وكذلك على وجه الخصوص، أمام العمل في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية وحماية البيئة بصفة مدافعين عن حقوق الإنسان.