«يعزز قدراتها في مواجهة أمريكا».. فرنسا تطلق أول نموذج ذكاء اصطناعي معالج للصور

«يعزز قدراتها في مواجهة أمريكا».. فرنسا تطلق أول نموذج ذكاء اصطناعي معالج للصور

أعلنت شركة "ميسترال إيه آي" الفرنسية، التي تأسست في أبريل 2023، عن إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي متعدد الوسائط يحمل اسم "بيكسترال 12 بي". 

ويمثل هذا النموذج القادر على معالجة الصور وتحليل النصوص المدمجة فيها قفزة كبيرة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويعزز قدرات فرنسا التكنولوجية في منافسة الشركات الأمريكية الكبرى مثل "تشات جي بي تي 4" من "أوبن إيه آي" و"جيميني" من "غوغل"، وفق وكالة "فرانس برس".

النموذج الجديد "بيكسترال 12 بي" يمكنه استيعاب الصور بمختلف أنواعها مثل PDF وJPEG، وتحليل النصوص المدمجة داخل الصور، وهي خطوة متقدمة مقارنة بالنماذج السابقة التي كانت تركز على إنشاء صور من نصوص مكتوبة. 

ومع هذا التقدم، يتزايد التنافس بين فرنسا والولايات المتحدة في هذا المجال المتسارع.

يمكن الوصول إلى "بيكسترال 12 بي" من خلال منصة "ميسترال" الرقمية أو عبر برنامج المحادثة "لو تشات"، الذي أُطلق في وقت سابق هذا العام، مع الإعلان أيضًا عن أسعار جديدة ونسخة مطورة من نموذج "ميسترال سمول"، حيث تهدف الشركة إلى تقديم خيار بديل للهيمنة الأمريكية، مع تعزيز الابتكار الأوروبي.

الآمال والمخاوف

رغم الحماس الذي يرافق مثل هذه الإطلاقات، فإن التقدم السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات عن تأثيره على المجتمعات والأفراد، فهذه النماذج الجديدة، التي تتسم بقدرتها المتزايدة على معالجة كميات هائلة من المعلومات البصرية والنصية، قد تحمل في طياتها تحديات على المستوى الإنساني.

من ناحية إيجابية، يمكن لهذه التقنيات أن تفتح آفاقًا جديدة في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية والإبداع الفني، ويمكن لنموذج مثل "بيكسترال 12 بي" أن يسهم في تسهيل مهام تحليل البيانات البصرية المعقدة، ما يمكّن العلماء والباحثين من تحقيق اختراقات علمية جديدة، كما قد يستخدم في تحسين طرق تشخيص الأمراض الطبية عبر تحليل الصور الطبية مثل الأشعة السينية والمقطعية.

ومع ذلك، لا يخلو الأمر من مخاوف إنسانية وأخلاقية، فمن جهة، هناك خطر واضح يتعلق بالخصوصية، حيث يمكن لهذه التقنيات تحليل الصور والنصوص المخزنة في الملفات الشخصية للمستخدمين بطرق قد تكون غير مرئية أو مفهومة لهم. 

ويمكن أن يُساء استخدام هذه القدرة، سواء من قبل الحكومات أو الشركات التجارية، في مراقبة المواطنين أو استهدافهم بالإعلانات بناءً على بيانات بصرية دقيقة، دون علمهم أو موافقتهم.

تحذيرات الأمم المتحدة

تأتي هذه المخاوف على خلفية تحذيرات مستمرة من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية العالمية بشأن التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي. 

في الآونة الأخيرة، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها المتزايد إزاء الاستخدامات غير الأخلاقية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا في ما يتعلق بالقدرات المتطورة لتحليل الصور. 

وقد حذرت المنظمة الدولية من أن هذه التطورات قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات الأمنية، مثل استخدام التكنولوجيا في المراقبة الجماعية أو استغلال المعلومات الشخصية في حملات تضليل إعلامي.

كما أبدت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تخوفها من احتمالية استخدام الذكاء الاصطناعي في تقويض الحريات الشخصية واستهداف الأفراد على أساس بياناتهم المرئية وتحليل سلوكياتهم عبر الصور التي تُجمع من كاميرات المراقبة أو الأجهزة الشخصية.

أثر التكنولوجيا على الوظائف

إلى جانب المخاوف الأمنية، تبرز قضايا أخرى تتعلق بالتأثير المتوقع على سوق العمل والعلاقات الاجتماعية، فالتقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي يعني أنه سيتم استبدال العديد من الوظائف التقليدية ببرامج وأدوات مؤتمتة تعتمد على معالجة الصور والنصوص بذكاء ودقة. 

وقد يؤدي هذا التحول إلى فقدان عدد كبير من الناس وظائفهم، وخاصة في المجالات التي تعتمد على المهام المتكررة أو التحليل اليدوي.

في مجال الإعلام والصحافة، على سبيل المثال، يمكن لـ"بيكسترال 12 بي" أن يغير الطريقة التي يتم بها تحليل الصور والفيديوهات ونقل الأخبار. 

وعلى الرغم من أن هذا قد يعزز سرعة وكفاءة تقديم المعلومات، فإنه يثير مخاوف حول اختفاء الجانب الإنساني في التحليل الإخباري، حيث يتم استبدال الحس الصحفي بالتحليل الميكانيكي الذي قد يفتقد العمق والتفاعل البشري.

ويعد إطلاق "بيكسترال 12 بي" خطوة جديدة ومثيرة في عالم الذكاء الاصطناعي، تضع فرنسا في قلب المنافسة العالمية مع الشركات التكنولوجية العملاقة. 

وبينما تفتح هذه التقنية إمكانيات هائلة في مجالات مختلفة، فإن الجانب الإنساني والأخلاقي لا يمكن تجاهله، إذ تقف البشرية اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من التطور التكنولوجي، تحتاج فيها إلى موازنة دقيقة بين الاستفادة من هذه القدرات المذهلة والحد من تأثيراتها السلبية على الخصوصية والأمن وحقوق الإنسان.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية