من منطلق حقوقي وإنساني.. «جسور بوست» تفتح الملف اليمني الشائك وتحاور متزوجات قسرياً

من منطلق حقوقي وإنساني.. «جسور بوست» تفتح الملف اليمني الشائك وتحاور متزوجات قسرياً
زواج القاصرات

 

- المجاعة والحروب تنعش زواج القاصرات والتمييز ضد المرأة في اليمن

- أخذوني من المدرسة وزوجوني رجلا يكبرني بعشر سنوات.. الفاجعة التي أصابتني بالذهول هي ليلة الدخلة

- نعاني ظلما كبيرا بحق المرأة اليمنية.. وصلاحية المرأة للزواج مرهونة بالدورة الشهرية

- حملت بعد زواجي بأربعة أشهر وكدت أموت في الولادة لعدم وجود مستشفى في المكان الذي أسكنه

- بسبب الزواج المبكر والحمل والولادة أصبت بروماتيزم في القلب وانزلاق غضروفي وضعف عام 

 

تتعرض النساء في اليمن إلى تمييز ممنهج، وقوانين وأحكام عُرفية تحكم السيطرة على المرأة من قبل الرجال، ما تنجم عنهما عواقب وخيمة على حياة اليمنيات، حيث تتعرض حقوقهن للانتهاك بشكل اعتيادي على اعتبار أنهن مواطنات من الدرجة الثانية.

ومن أبرز الانتهاكات المرتكبة في حق المرأة اليمنية، ظاهرة زواج القاصرات، التي اتسعت بشكل لافت خلال سنوات الحرب في اليمن، ومع تزايد موجات النزوح ومعدلات الفقر، ما جعل بعض الأسر تزج ببناتها في زيجات مقابل المال.

وبمراجعة القوانين اليمنية يتضح حجم الفاجعة، ففي عام 1990 كانت السن القانونية لزواج الفتيات 15 عامًا في الشمال و16 عامًا في الجنوب، لكن بعد الوحدة، لم يحدد القانون أي سن قانونية للزواج.

وحسب بيانات الأمم المتحدة والحكومة، هناك نحو 14% من الفتيات اليمنيات يتزوجن، دون الـ15 عاماً، و52% يتزوجن وعمرهن 18 عاماً. وتوضح البيانات الرسمية أن اليمن تشهد 8 حالات وفاة يومياً لقاصرات، بسبب الزواج المبكر والحمل والولادة. 

وحسب تقرير للمركز الدولي للدراسات، حلت اليمن في المرتبة 13 من بين أسوأ 20 دولة في زواج القاصرات، وتصل نسبة الفتيات اللاتي يتزوجن، دون الثامنة عشرة، إلى 48.4%، بجانب الفجوة بين الزوجة وزوجها. 

ويقول اتحاد المرأة اليمنية، ومقره صنعاء، إنه يتلقى نحو 60 مكالمة في الشهر بخصوص الأزواج المسيئين، معظم هذه الحالات من زواج الأطفال.

مؤخرًا ورغم تفاقم الأزمة، إلا أن الاهتمام بها قد تضاءل، ساعد في ذلك انشغال العالم بقضايا أخرى داخل اليمن وخارجه، كالغزو الروسي لأوكرانيا، والتمزقات الداخلية لليمن وما تسببه من مجاعة وانهيار.

من منطلق حقوقي وإنساني تفتح "جسور بوست"، الملف اليمني الشائك وتحاور يمنيات، في مشاكلهن وحقوقهن المنتهكة بفعل فاعل.

تجربة إلهام مع زواج القاصرات

ليس من سمع كمن عاش تجربة انتهكت فيها طفولته، بفخر وألم تحكي "إلهام. م" تجربتها مع زواج القاصرات، فرغم معانتها إلا أنها نجحت في أن تصبح عضوًا فاعلًا نشطًا في المجال الحقوقي بعد أن حصلت على بكالوريوس الشريعة والقانون قائلة: "زوجوني صغيرة السن كنت لم أتجاوز الرابعة عشرة أدرس في الإعدادية، وفي عرفنا يتم زواج الفتيات دون أخذ رأيهن وهذا الشائع، رغم وجود قاعدة شهيرة متداولة (لا ينسب لساكت قول) إلا أن القانون اليمني اعتبر سكوت الفتاة البكر رضاء، وعد ذلك دليلًا على الحياء".

وتتابع، "ما سبق يوضح أنه لم يؤخذ رأيي بالموافقة، أكملت الإعدادية وبعدها تزوجت، زوجوني بمهر قليل جدًا لزوج يكبرني بعشر سنوات، وعشت مع أسرة زوجي، الفاجعة التي أصابتني بالذهول هي ليلة الدخلة التي لم أكن أعرف عنها شيئا، كنت أجلس الليل بأكمله وأنا خائفة جدًا لا أفهم ما الذي يحدث وما يجب عليّ فعله وهل هذا صواب أم خطأ".

وتضيف: "أسرة زوجي ريفيون، لديهم المزارع والأغنام والأبقار، كنت أخدم الماشية وأذهب إلى آبار بعيدة ووعرة في الجبال لجلب الماء، كان زوجي موظفًا في المدينة يأتيني شهرا ثم يسافر لمدة شهرين أو 3، لقد اضطررت للعيش مع أسرة زوجي والتأقلم معهم، فيما كانت أسرتي تسكن محافظة أخرى غير التي كنت أسكنها".

وعن حملها الأول تقول: "حملت بعد زواجي بأربعة أشهر، تعبت من الحمل تعبًا شديدًا، تعذبت في الولادة وكدت أموت لعدم وجود مستشفى في المكان الذي أسكنه، وكثير من الفتيات عندما تتعسر ولادتها تتوفى قبل وصولها إلى المستشفى، أنجبت 4 أبناء، وبسبب الزواج المبكر والحمل والولادة، أصبحت أعاني من نقص المعادن والفيتامينات المختلفة، مثل الكالسيوم، مما تسبب بإصابتي بروماتيزم في القلب، أيضًا أصبتُ بانزلاق غضروفي، لقد تأذى عامودي الفقري كثيرًا بسبب حملي الماء من مسافات بعيدة، الآن عمري 34 سنة، بينما أتم ابني الأكبر 19 عاما.

تستكمل إلهام: "زواج الأطفال من أقسى أشكال التمييز ضد المرأة، وله أضرار بدنية ونفسية خطيرة على الفتيات، كما يحرمهن من التعليم. هناك أسر تقوم بتزويج بناتهن في عمر الـ12 أو 13 أو 14 سنة، ويكون الزوج مثل عمرها أو يكبرها بخمس أو 10 سنوات خاصة في الأرياف، مما يتسبب في أضرار بالغة للفتيات كالنزيف في يوم الدخلة الذي يتسبب أحيانًا في موتها".

 

صلاحية المرأة للزواج مرهونة بالدورة الشهرية

تفاصيل المأساة تسردها الإعلامية أبها نورالدين عقيل، فتقول: "لم يصرح القانون اليمني إلى الآن وبشكل صريح بتجريم زواج الصغيرات، حيث ينص القانون صراحة على أنه يحق لولي المرأة تزويج كريمته حين تُصبح قابلة للوطء، لكن القانون لم يوضح مفهوم الاستعداد والجاهزية وما المقصود به، فتركها عائمة هكذا، ولذا وبمجرد أن تأتيها الدورة الشهرية يعتبرونها صالحة للزواج، كذلك في حالة الطلاق يطلق الرجل زوجته دون إبداء أسباب وتحرم من حقوقها".

تضيف: "هناك إجحاف كبير بحق المرأة في القانون، حتى لو حدث وأنصفها القانون، فإن العرف يظلمها، ولذا فإن بعض الرجال يلجؤون إليه بدلًا من الذهاب إلى المحاكم، للسيطرة على الموقف بحكم الشيخ أو الكبار".

وتتابع: "تحمل القوانين اليمنية عنصرية ضد المرأة كما أن بنصوصها تضاربا، ففي الوقت الذي ينص القانون على المساواة بين المرأة والرجل، نجد أن قانون الأحوال الشخصية به تمييز لصالح الرجل، بداية من قانون دية القتل، حيث تحسب دية المرأة نصف دية الرجل، وفي الزواج والطلاق والخطبة إذا فُسخت يجب على المرأة إعطاء الرجل جميع الهدايا التي أهداها إياها، بينما لا يحكم بالمثل فلا يعيد هداياها إذا أهدته".

وتتابع: "ظلم القانون اليمني المرأة أيضًا في التوظيف، وفي عام 2014 بوثيقة الحوار الوطني، استطاعوا تقديم قانون مساوٍ لجميع الأطياف، لكن حدث انقلاب على مخرجات الحوار التي قدموها".

آمال معلقة

بات الأمل معلقاً على مشروع قانون جديد أطلقته وزيرة حقوق الإنسان اليمنية الأسبق حورية مشهور، يحدد أدنى سن لزواج الفتيات، ليكون 18 عاماً، بينما يعارضه رجال دين وبرلمانيون إسلاميون وقبليون.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية