«رئيس المجلس الأوروبي»: الحروب التجارية تضعف الاقتصاد العالمي

«رئيس المجلس الأوروبي»: الحروب التجارية تضعف الاقتصاد العالمي
رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا

حذّر رئيس المجلس الأوروبي الجديد، أنطونيو كوستا، من المخاطر الجسيمة للحروب التجارية التي قد تتسبب في اضطرابات اقتصادية عالمية، واعتبر أن السياسات الحمائية التي لوّح بها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بما في ذلك التهديد بفرض رسوم جمركية على الواردات الأوروبية، ليست مجرد نزاع بين أوروبا وأمريكا، بل هي أزمة ستطال الجميع.

ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز"، اليوم السبت، عن كوستا "أن الحروب التجارية لن تؤدي إلا إلى إضعاف الاقتصاد العالمي بأكمله، ولن يكون هناك رابح في هذا الصراع".

ووضع كوستا منذ توليه رئاسة المجلس الأوروبي، على رأس أولوياته السعي لتجنب التصعيد مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وأشار إلى أن تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 20% على الواردات الأوروبية يشكل خطرًا مزدوجًا، ليس فقط على الاقتصاد الأوروبي، وإنما أيضًا على النظام التجاري العالمي الذي يعتمد على التعاون والاستقرار.

وقال كوستا: "إذا دخلنا في دوامة من الحروب التجارية، فإن التأثير السلبي سيتجاوز الحكومات ليطال الشركات الصغيرة والمتوسطة والمستهلكين في كل مكان.. التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي الآن لا يمكن معالجتها بمزيد من الانقسامات، بل تتطلب حوارًا بناءً وتعاونًا متعدد الأطراف".

ودعا كوستا إلى ضرورة الحوار مع الولايات المتحدة قائلاً: “ترامب قد يكون حريصًا على حماية مصالح بلاده، لكن عليه أن يدرك أن زعزعة الاستقرار الاقتصادي في أوروبا ستؤثر حتمًا على الاقتصاد الأمريكي وعلى سلاسل الإمداد العالمية.. لا يمكن لأي طرف العمل بمعزل عن الآخر في عالمنا المترابط.”

القضايا الأمنية والاقتصادية

لم تقتصر التحديات التي تواجه كوستا على البُعد الاقتصادي فقط، بل امتدت إلى الجانب الأمني مع تصاعد الضغوط الأمريكية بشأن الإنفاق العسكري الأوروبي. 

وكرر ترامب مرارًا مطالبته لدول الاتحاد الأوروبي بزيادة مساهماتها في تمويل حلف الناتو، مشيرًا إلى إمكانية تقليص الدعم الأمريكي إذا لم تستجب أوروبا.

وفي هذا السياق، أكد كوستا أن أوروبا تدرك تمامًا أهمية تعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستقل، لكنه دعا إلى تحقيق توازن بين هذا الهدف والحفاظ على الشراكة التاريخية مع واشنطن.

وقال: “علينا أن نعتمد على أنفسنا في تعزيز أمننا، لكننا لن ندير ظهرنا للولايات المتحدة.. الناتو يمثل جزءًا من منظومتنا الأمنية، والتعاون معه يجب أن يستمر”.

وأضاف: “ترامب يدرك أن إضعاف الاقتصاد الأوروبي يعني تقليص قدرتنا على دعم الناتو وتحمل المسؤوليات الأمنية المشتركة.. لذا، فإن أي تصعيد من شأنه أن يضر بالجميع”.

تعقيدات أزمة أوكرانيا

وتحدث كوستا عن الأزمة الأوكرانية التي أصبحت ساحة لتوترات إقليمية ودولية، حيث علق على تصريحات ترامب التي ادعى فيها إمكانية إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة بمكالمة هاتفية، قائلا: “نأمل أن تكون أي تسوية لهذه الأزمة عادلة ومستدامة، وليست مجرد حلول مؤقتة تُعيد الأزمة إلى الواجهة”.

وأوضح كوستا أن الحرب في أوكرانيا تجاوزت مرحلة النزاع الإقليمي البسيط، مشيرًا إلى تورط قوى دولية كبرى مثل الصين وإيران في دعم روسيا، ما يعقد أي محاولات لإيجاد تسوية.

وقال: “الحرب في أوكرانيا ليست مجرد قضية أوروبية-روسية.. إنها جزء من صراع عالمي يتطلب حلولًا دولية شاملة”.

وأكد كوستا أن أوروبا لن تتخلى عن دعمها لأوكرانيا، لكنه دعا إلى توسيع الجهود الدبلوماسية من أجل إنهاء الحرب بطريقة تحفظ الاستقرار الإقليمي والدولي.

انقسامات داخلية وضغوط خارجية

إلى جانب الأزمات الخارجية، تواجه أوروبا تحديات داخلية تتعلق بالهجرة، والطاقة، وتغير المناخ، وهو ما يفرض على كوستا دورًا محوريًا في تعزيز وحدة الاتحاد الأوروبي.

وقال كوستا: “الاتحاد الأوروبي لطالما أظهر قوته الحقيقية في مواجهة الأزمات الكبرى.. التحديات التي نمر بها الآن ليست استثناءً، لكنها تتطلب مزيدًا من الوحدة والعمل الجماعي”.

وأشار إلى أن الانقسامات بين الدول الأعضاء قد تعرقل الاستجابة المشتركة للتحديات، لكنه أعرب عن ثقته في قدرة أوروبا على تجاوز هذه العقبات، قائلا: “ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا.. التاريخ أثبت أن أوروبا تعرف كيف تواجه أزماتها”.

ومنذ تعيينه رئيسًا للمجلس الأوروبي، أشاد المراقبون بشخصية كوستا البراغماتية التي تجمع بين الخبرة السياسية والرؤية الشاملة للقضايا الدولية، وبرز كوستا خلال فترة رئاسته للوزراء في البرتغال كقائد يتمتع بقدرة استثنائية على إدارة الأزمات وتحقيق التوازن بين المصالح المختلفة.

وفي ختام تصريحاته، أكد كوستا أن المستقبل يفرض تحديات كبيرة على أوروبا، لكنه أعرب عن ثقته في قدرتها على الصمود، وقال: "المهم الآن هو الحوار مع الإدارة الأمريكية والعمل كفريق واحد داخل الاتحاد الأوروبي.. الحروب التجارية لن تحقق أي مكاسب لأي طرف، وما نحتاج إليه هو التعاون لتجنب كارثة عالمية".

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية